الانتخابات العراقية الأخيرة.. خطوة في طريق الاستقرار المرتقب
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في التاسع عشر من مارس/آذار، دخلت الحرب على العراق عامها الثامن، فيما ينتظر العراقيون نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي يتوقع أن يتم إصدار نتائجها النهائية بحلول نهاية الشهر الجاري.
الحرب.. وإن انتهت بحسب طبيعتها، إلا أنها تدخل عامها الثامن وسط طموحات عراقية كبيرة على أمل أن يبزغ فجر جديد يمحو معه ليل سبع سنوات "أكلت الأخضر واليابس."
فيما يلي استعراض سريع لوقائع العام السابع من الحرب على العراق، دون التطرق إلى تداعياتها في الخارج، مثل التحقيقات المتعلقة بهذه الحرب في بريطانيا.
العام السابع كان يحمل في طياته بعض الأنباء المتناقضة، فقد انخفض عدد القتلى بصورة واضحة جراء العمليات الانتحارية وعمليات التفجير، رغم أن بعضها اتسم بالجرأة والقوة، كما حدث في بغداد عندما انفجرت شاحنات مفخخة مستهدفة مبنى وزارة الخارجية العراقية.
واتسم البعض الآخر بمحاولات للتشويش، كما حدث خلال الفترة التي صاحبت الانتخابات الأخيرة.
إلا أنه برغم هذه الهجمات فإن عدد الضحايا الكلي من المدنيين العراقيين انخفض إلى أدنى مستوى له منذ بدء الغزو الأمريكي للعراق في مارس/ آذار عام 2003.
تناقض أعداد القتلى الأمريكيين
القوات الأمريكية انسحبت من المدن العراقية وقل عدد قتلاها بصورة جوهرية، ليسجل العام السابع أقل عدد من الخسائر في الأرواح في صفوف الجنود الأمريكيين، على أنه لا بد من التذكير بأن الحرب منذ بدايتها حصدت ما يزيد على 4000 جندي أمريكي عدا الجنود من قوات دولية أخرى كانت قد شاركت في الحرب لكنها انسحبت منها لتترك القوات الأمريكية وحيدة على التراب العراقي.
تشير إحصائيات CNN إلى أن آخر هجوم وقع في العراق ضد القوات الأمريكية أسفر عن مصر ع جندي وإصابة اثنين آخرين، وذلك في هجوم تعرضت له قاعدته بمحافظة ديالى وسط العراق، بعدما تساقطت عليها قذائف الهاون والصواريخ.
الهجوم رفع حصيلة خسائر القوات الأمريكية منذ مطلع 2010 في العراق إلى 14 قتيلاً، علماً أن جنديين لقيا مصرعهما مطلع الشهر مارس/آذار الحالي بحادث سير تعرضت له عربتهما العسكرية.
وكان قائد القيادة الأمريكية الوسطى، الجنرال ديفيد بتريوس، قد صرح في وقت سابق من الشهر الجاري، بأن القوات الأمريكية في العراق أحرزت تقدماً، وتواصل خطط الانسحاب لكنها تراقب عن كثب "الوضع الأمني الهش،" في البلاد، خصوصا خلال الانتخابات.
وأضاف بتريوس أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي "نعتقد أن هناك حالة أمنية هشة.. في بعض الأماكن.. مثل الشمال،" لافتا إلى أن بلاده ما زالت عند خططها لخفض عدد القوات إلى 50 ألفا من مائة ألف جندي بحلول نهاية العام.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال إن الولايات المتحدة ستنهي مهماتها القتالية بحلول 31 أغسطس/آب من العام الجاري، بينما ستغادر القوات الأمريكية العراق بحلول عام 2012، وهو الموعد الذي اتفق عليه بين إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش والحكومة العراقية.
الانتخابات العراقية بين الطائفية والعلمانية
ربما يمكن النظر إلى الحرب العراقية الآن بوصفها حققت مكاسب سياسة في الشهور الأخيرة، فقد انتهت الانتخابات التشريعية دون حوادث تذكر مقارنة مع السنوات السابقة.
العراقيون باتوا أكثر نضجاً فيما يتعلق بالمشاركة السياسية رغم وجود ما يعكر صفو الحياة السياسية، خصوصاً ما يتعلق بسياسة "اجتثاث البعث" والتعصب الطائفي والعرقي.
فتنافس المرشحين نوري المالكي، الذي يقود "ائتلاف دولة القانون" وإياد علاوي الذي يقود كتلة "العراقية" يصب في خانة الابتعاد عن الانتخابات ذات البعد الطائفي.
تواصل إعدام أركان النظام السابق
في العام السابع للحرب على العراق، تواصلت عمليات الإعدام بحق رموز وأركان نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
ففي الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني الماضي، ذكرت مصادر عراقية أن السلطات القضائية نفذت حكم الإعدام بحق علي حسن المجيد، ابن عم صدام حسين، والمعروف باسم "علي الكيماوي."
وكان حكم الإعدام، وهو الرابع الذي يصدر بحق "علي الكيماوي"، قد تأجل لأسباب سياسية، فيما لم يعرف السبب دفع السلطات إلى اتخاذ قرار تنفيذ الحكم.
يذكر أن المحكمة العراقية العليا قضت في 24 يونيو/ حزيران الماضي، بالإعدام على كل من وزير الدفاع العراقي الأسبق، سلطان هاشم أحمد، وحسين رشيد محمد، نائب رئيس أركان الجيش العراقي السابق، بجانب المجيد الملقب بـ"علي كيماوي" بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية خلال حملة "الأنفال" التي استهدفت مناطق الأكراد في أواخر الثمانينات.
خلاف إيراني عراقي
شهد العام السابع من الحرب على العراق بروز خلاف قديم متجدد، حيث قامت إيران باحتلال حقل فكة النفطي بمحافظة ميسان بجنوبي العراق، الأمر الذي أدى إلى قيام مظاهرات مناوئة لإيران في عدد من المدن العراقية تطالب الحكومة باتخاذ إجراءات رادعة إزاء ما وصف بـ"الاحتلال الإيراني" للحقل النفطي المتنازع عليه.
ورغم النفي الإيراني المتكرر لوجود نزاع مع العراق حول حقل الفكة، إلا أن البرلمان العراقي استضاف خلال جلسة سرية وزير الخارجية، هوشيار زيباري، لمناقشة أزمة التوغل الإيراني إلى داخل الحدود العراقية والسيطرة على أحدى آبار حقل الفكة.
وأعلن الوزير العراقي أن اللجنة العراقية- الإيرانية المكلفة فنياً بإنهاء المشاكل الحدودية بين البلدين "ستجتمع قريباً"، مشيراً إلى أن بغداد "تحركت دبلوماسياً" عقب ساعات من الأزمة، وأسفرت جهودها عن "انسحاب الإيرانيين إلى مسافة 50 متراً من البئر النفطية، وإزالة السواتر الترابية التي وضعوها حولها."
من جانبه، نوه السفير الإيراني لدى بغداد حسن كاظمي قمي إلى أن "المهمة تقع على عاتق اللجنة الفنية الخاصة في وضع حد لأي جدل قائم حول البئر"، واصفاً "ما تم الترويج له في وسائل الإعلام بأنه يخدم أغراضاً خاصة، وفقا لوكالة أنباء "فارس" الإيرانية شبه الرسمية.
خلاف مع سوريا
في أعقاب عدد من التفجيرات الدامية التي شهدتها العاصمة العراقية بغداد، وجه عدد من القيادات العراقية، لعل أبرزهم، رئيس الوزراء نوري المالكي، الاتهامات بتورط سوريا في التفجيرات التي أودت بحياة المئات.
وظهرت أصوات أخرى وجهت أصابع الاتهام إلى قيادات بعثية مقيمة في سوريا، وطالبت دمشق بتسليمها إلى العراق، غير أن سوريا رفضت هذه الاتهامات، الأمر الذي أدى إلى بروز خلاف سوري عراقي حاد.
وتدخلت بعض الدول من أجل حل الخلافات بين دمشق وبغداد، وقامت بالوساطة بين العاصمتين، لعل أبرزها الوساطة التركية، إلا أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل.
عقود نفطية وطموحات كبيرة
صناعة النفط العراقية تالفة وينهشها الخراب، لكنها على وشك أن تبدأ مرحلة إعادة هيكلة جذرية فيما يعتقد الخبراء أنه بحلول نهاية العقد فإن العراق قد يصبح أكبر دول العالم إنتاج للمادة الخام، ذلك أنه يمتلك تحت أرضه ما لا يقل عن 115 مليار برميل من احتياطي النفط، ما يجعله ثالث أكبر بلد في الاحتياطي النفطي بعد السعودية وكندا.
على أن ثمة تحديات أساسية تقف في وجه صناعة النفط العراقية، وعليها أن تجتازها، بينما يعتمد نجاح العراق في الوصول إلى هذا الطموح يعتمد على تنوع الاستثمارات الدولية في هذا المجال.
مؤخراً، منحت وزارة النفط العراقية عقود استغلال وتطوير لحقولها النفطية لما يزيد على 10 شركات ومؤسسات عملاقة من مختلف أنحاء العالم بحيث يتم زيادة الإنتاج العراقي من النفط خلال السنوات السبع المقبلة إلى 11 مليون برميل يومياً.
في السنوات القليلة الماضية أبعد العنف في العراق والأوضاع الداخلية المتردية والخلافات على عوائد النفط شركات النفط الدولية عن البلاد، غير أن الأمور تغيرت خلال الصيف الماضي، حيث فازت شركة البترول البريطانية BP وشركة النفط الصينية CNPC بعقود تطوير حقل الرميلة النفطي الضخم القريب من مدينة البصرة بجنوب العراق.
على أي حال، فقد حصلت العديد من الشركات، التي شكلت ائتلافات فيما بينها، على عقود استغلال وتطوير العديد من حقول النفط العراقية، ومن بين هذه الشركات "إكسون" و"شل" والبترول البريطانية BP و"لوك أويل" Lukoil الروسية والنفط الصينية CNPC و"بتروناس" الماليزية وغيرها.
ويظل السلام في العراق أكبر تهديد ماثل أمام تطور صناعة النفط، بالإضافة إلى ذلك فإن الوصول إلى 11 مليون برميل يومياً سيكون أمراً باهظ التكلفة حتى على دولة نفطية كالعراق، كما يقول بعض الخبراء، ناهيك عن التقيد بحصص الإنتاج التي تقررها منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" للدول الأعضاء.
ملفات عالقة
من جهة أخرى، لازالت هناك بعض الملفات العالقة، لعل أبرزها قانون النفط العراقي، والذي يتعلق بكيفية تقسيم عائدات النفط العراقي، حبيس البرلمان لسنوات عدة.
كذلك تظل قضية كركوك، والتي يتنازع عليها العرب والأكراد والتركمان، لم تجد لها حلاً حتى اليوم.
ويرى الخبراء أن مثل هذه القضايا قد تنفجر في أي لحظة إذا ما تم التعامل معها في الحال.