متابعة: محمود غريب
هل يتراجع دور الإعلام التقليدي أمام صحافة المواطنة؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أثار انتشار العديد من المدونات على شبكة الإنترنت، والتي يُصنفها خبراء الإعلام على أنها نوع مما أصبح يُعرف بـ"الصحافة الاجتماعية"، كثيراً من التساؤلات حول مستقبل وسائل الإعلام التقليدية، خصوصاً الرسمية منها، في ضوء ما يتمتع به المدونون من قدرات على تجاوز الخطوط الحمراء، و"تعرية" الواقع المرير الذي تعانيه كثير من الدول العربية، والذي عادةً ما تتجاهله وسائل الإعلام التقليدية أو تحاول تجميله.
كما أن قدرة "الإعلام الاجتماعي" على سرعة الوصول إلى مواقع الأحداث، والتي غالباً ما يكون المدونون جزءاً منها، ونقل المعلومات إلى القارئ في أي وقت وفي أي مكان، قد فرض العديد من التحديات على وسائل الإعلام التقليدية، بل أصبح يهدد وجودها، إلا أن بعضاً من تلك الوسائل بدأ ينتبه إلى ذلك الصراع مؤخراً.
وفي محاولة للإجابة على التساؤلات التي يطرحها "الصراع" بين المدونين والقائمين على وسائل الإعلام التقليدية، استطلعت CNN بالعربية آراء عدد من العاملين في الوسيلتين.
الإعلامي المصري شريف عامر، قال إن الصحافة الإلكترونية لا يمكن إغفالها، خصوصاً وأنها استطاعت أن تشق طريقها بقوة، كما أنها أصبحت مصدراً معلوماتياً للكثير من وسائل الإعلام الأخرى.
إلا أن عامر شدد، في تصريحاته لـCNN بالعربية، على ضرورة أن تخضع الصحافة الاجتماعية لمجموعة من الضوابط والمعايير، معتبراً أن هذا النوع من الإعلام قد يكون من الصعب السيطرة عليه، وبالتالي فإنه من الصعب أيضاً توقع ما ستسفر عنه المنافسة مع وسائل الإعلام التقليدية.
أما المدون الكويتي، داهم القحطاني، فقد شن هجوماً حاداً على وسائل الإعلام الرسمية العربية، وقال: "الإعلام الرسمي ليس لديه من الأساس بساط لتسحبه الصحافة الاجتماعية من تحت أقدامه"، كما وصفه بأنه "إعلام متخلف بكل المقاييس، لا يستطيع أن يدير لا الإعلام ولا الوسائل الإعلامية."
وتابع القحطاني لـCNN بالعربية قائلاً: "الأفضل له (أي الإعلام الرسمي) أن يدير الخدمات المقدمة للمواطنين"، كما اعتبر أنه "مكبل بالقيود، ولا يمكنه مواكبة التغييرات"، بل وأضاف قائلاً: "لقد ولد في زمن غابر، ولا يصلح لهذا الزمان."
إلا أن المدون الكويتي أقر بتأثر الإعلام الرسمي في بعض الدول العربية بما تطرحه الصحافة الاجتماعية من فرص أو تحديات، قائلاً إنه "أصبح يلامس اهتمامات الجماهير، وبدأ يتيح الفرصة بشكل أكبر أمامها للتعبير عن آرائها"، على حد قوله.
من جانبه، أكد وزير الإعلام الكويتي الأسبق، سعد بن طفلة العجمي، وهو أيضاَ ناشر لإحدى الصحف بالكويت، أن مستقبل الإعلام هو في الوسائل الإلكترونية، مشيراً إلى أن الصحف المطبوعة بدأت تتلاشى، وأضاف قائلاً لـCNN بالعربية: "مزاج الأجيال القادمة رقمي، وليس مزاج ورقي."
كما أقر الإعلامي المصري أحمد المسلماني، بوجود منافسة تصل إلى حد الصراع بين الصحافة الاجتماعية ووسائل الإعلام التقليدية، فقد أكد على صعوبة التكهن بالنتيجة.
بينما اعتبرت الإعلامية ياسمين عبد الله، الرئيس التنفيذي لإحدى محطات التلفزيون المستقلة في مصر، أن هذا الصراع "ليس له وجود."
أما المدونة والصحفية الأردنية المقيمة بالإمارات، سحر حمزة، عضو الهيئة الإدارية للعلاقات العربية والدولية باتحاد المدونين العرب (تحت التأسيس)، فقالت إن "التدوين سوف يأخذ اعتباره مع الأيام"، مشيرةً إلى أن "الإعلام العربي يعاني من كثرة القيود المفروضة عليه."
وأضافت لـCNN بالعربية، أنه "بينما ترفع الكثير من وسائل الإعلام في الغرب شعار بأن الحرية لا حدود لها، وأن السماء هي سقف الطموحات، نرى أن نسبة كبيرة من الصحفيين في مجتمعاتنا العربية لا يقومون بأداء دورهم بالشكل الصحيح."
وتابعت قائلة: "لا يوجد صحفي (بالمجتمع العربي) جريء بمعنى الكلمة."
إلا أنها قالت في المقابل، إن "بعض المدونات تسيء إلى حركة التدوين، بل ويبث بعضها أفكاراً مشبوهة"، داعية إلى ضرورة التصدي لهذه الممارسات من خلال المدونين الجادين، وكذلك عن طريق وضع إطار قانوني ومؤسسي يمكنه تحديد المعايير الكفيلة بتنظيم حركة التدوين.
على أن هناك قضايا أساسية، وفقاً لما يشير إليه مراقبين، قد تعطل الإعلام الاجتماعي عن القيام بدوره كما ينبغي، ألا وهي الحيادية في تناول قضاياهم، إذ غالباً ما تطغى العاطفة على الموضوعية في تناول القضية المحلية والإقليمية والدولية.
وبحسب هؤلاء، ثمة مدونون يتجهون إلى المبالغة في تطرقهم لبعض القضايا المحلية، وهذا بدوره يفقدهم المصداقية.
ويشير مراقبون كذلك إلى قضية أخرى أساسية في التدوين، وهي المستوى الثقافي والسياسي والفكري لهؤلاء المدونين، فبعضهم لا يتمتع بالمستوى المطلوب لأن يصبحوا "صحفيين" جيدين، ذلك لأن نسبة لا بأس بها منهم دخلوا هذا المجال لكونهم يجيدون التعامل مع الكمبيوتر والإنترنت.