تقرير: محمود غريب
متظاهرون يتهمون عناصر الأمن بقتل خالد
القاهرة، مصر (CNN)-- وسط حالة من "الانفصام" سيطرت على الدوائر الرسمية بشأن مقتل مدون مصري شاب، على مدى الأسبوعين الماضيين، تعهد رئيس الحكومة أحمد نظيف بكشف "الحقيقة كاملة"، وتوعد بمحاسبة المسؤولين عن وفاته، في حالة إذا ما ثبت أن للأجهزة الأمنية دور في مقتله.
ويترقب الشارع المصري تقرير اللجنة الثلاثية للطب الشرعي، لحسم الجدل الذي أحاط بوفاة الشاب خالد سعيد بالإسكندرية، لبيان صحة أي من الروايتين حول سبب وفاته، حيث تؤكد أسرته، ومعها العديد من الشهود، تعرضه للضرب حتى الموت، علي يد أمين شرطة ومندوب شرطة، بينما تفيد الرواية الرسمية لوزارة الداخلية بأنه ابتلع "لفافة بانغو"، أدت إلى اختناقه ووفاته.
وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، في مقابلة مع إحدى القنوات الفضائية، بث التلفزيون الرسمي مقتطفات منها السبت، إنه "لو ثبت فعلاً أن الشرطة أخطأت في قضية قتل الشاب خالد سعيد بالإسكندرية، سيحاسب المسئول عن ذلك بالدرجة الأولي، ولا يوجد في هذا أي شك"، وأضاف أنه كرئيس للحكومة يعد بأن "الحقيقة ستظهر كما هي، وإن كان هناك تقصير سيتم التعامل معه بمنتهي الوضوح."
وأكد أن موضوع الشاب القتيل محل اهتمام، وذلك لتوضيح الحقائق، وأن الأمر تحول إلى النائب العام في مصر، وشكل لجنة ثلاثية من الأطباء الشرعيين لمراجعة الجثة مرة أخرى، وتم استخراجها ومراجعتها، مشيراً إلي أن التقرير سوف يظهر خلال الأيام القليلة القادمة، وسيتضح الأمر بالكامل.
وعن علاقة حالة الطوارئ، التي تم تمديدها مؤخراً لعامين آخرين، بقضية بالقتيل، الذي كان يبلغ من العمر 28 عاماً، قال رئيس مجلس الوزراء المصري: "إطلاقاً هناك لبس في هذا المجال، لأننا لا نلجأ إلى حالة الطوارئ إلا في الأحوال التي لا نستطيع أن نطبق فيها القانون."
وأضاف أن "قانون الطوارئ بشكله هذا يسمح فقط ببعض الأمور للشرطة لا تستطيع أن تقوم بها من خلال قانون الإجراءات الجنائية العادي، ولكن ليس من ضمنها قطعا التعامل العنيف مع المواطنين"، وفقاً لما جاء بموقع "أخبار مصر"، التابع لاتحاد الإذاعة والتلفزيون.
وبدت الدوائر الرسمية تعاني من حالة "انفصام" في التعامل مع قضية مقتل الشاب خالد محمد سعيد صبحي، الذي لقي مصرعه مساء السادس من يونيو/ حزيران الجاري، أثناء مطاردة عدد من عناصر الشرطة السرية "المخبرين" له، في دائرة قسم "سيدي جابر" بالإسكندرية.
وتجلت تلك الحالة في اثنين من البرامج على التلفزيون المصري، حيث وجهت لميس الحديدي، مقدمة برنامج "من قلب مصر"، اللوم إلى أجهزة الأمن باعتبارها مسؤولة عن مقتل المدون الشاب، بينما تبنى خيري رمضان، مقدم برنامج "مصر النهاردة"، وجهة نظر مغايرة، أقرب إلى ما تتبناه وزارة الداخلية.
وبينما سرد رمضان عدداً من القضايا التي صدرت فيها أحكام قضائية بحق الشاب القتيل، ومنها قضية تعاطي مخدرات أثناء تأديته الخدمة العسكرية، مشيراً إلى أنه تم طرده من الخدمة بسبب "سوء السلوك"، فقد ذكرت الداخلية أن القتيل كان مطلوباً لهروبه من أداء الخدمة العسكرية.
ورغم أن النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، قرر إحالة القضية إلى نيابة الاستئناف، كما أن تقرير التشريح النهائي لخبراء الطب الشرعي لم تُعلن نتيجته بعد، فقد سارعت وزارة الداخلية إلى إصدار بيان رسمي، سعت من خلاله إلى تبرئة عناصرها من قتل المدون الشاب.
ونقل البيان، الذي حصلت CNN بالعربية على نسخة منه، عن مصدر أمني مسؤول أنه "على نحو مخالف للحقائق، وينطوي على مغالطات صارخة، تمادت بعض العناصر ودوائر بعينها، في الترويج من خلال وسائل إعلامية متعددة، في الإدعاء بأن رجال شرطة سريين قد تعدوا على المواطن/ خالد صبحي بمدينة الإسكندرية، وتسببوا في وفاته."
وتابع البيان: "وعن قصد واضح، تمادى هذا الإدعاء، تغافلاً عن أن حقيقة الواقعة تمثلت في أن فردى شرطة من قوة وحدة مباحث قسم سيدي جابر، خلال ملاحظتهما للحالة الأمنية بتاريخ 7 الجاري، بأحد شوارع منطقة كليوباترا التابعة للقسم، قد شاهدا المحكوم عليه/ خالد محمد سعيد صبحي، يرافقه أحد أصدقائه، ولدى توجههما لضبطه، بادر المذكور بابتلاع لفافة، تبين بعد ذلك أنها تحوي مادة مخدرة، مما ترتب عليه حدوث اختناق أسفر عن وفاته."
وذكر أن "الأمر الذي أكده الشهود الخمسة، ومنهم صديقه، الذي كان يرافقه، المواطن/ محمد رضوان عبد الحميد، ورجل الإسعاف الذي حاول إسعافه، قبل نقله من الطريق العام بسيارة الإسعاف إلى المستشفى، كما أكدته على نحو قاطع تحقيقات النيابة في الواقعة، والتي توافقت مع نتيجة التقرير المبدئي للطب الشرعي، الذي تضمن أن الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق، نتيجة انسداد القصبة الهوائية باللفافة التي قام بابتلاعها."
وأضاف المصدر الأمني أن "المذكور كان مطلوباً لتنفيذ حكمين بالحبس صادرين في القضيتين 7439 جنح سرقات 2009، وأخرى لحيازة سلاح أبيض، وأنه سبق ضبطه في أربع قضايا سرقات، وحيازة سلاح، وتعرض لأنثى، كما أنه مطلوب في القضية 333/2008 للهروب من الخدمة العسكرية، فضلاً عما تضمنته أقوال والدته في التحقيقات من أنه معتاد تعاطي المواد المخدرة."
وأفاد اثنان من الشهود، في أقوالهما أمام نيابة استئناف الإسكندرية، بأنهما شاهدا اثنين من المخبرين يعتديان على الشاب بقوة، ويضربان رأسه في سلم العقار المجاور لمقهى الانترنت، وأن الشاب حاول مقاومتهما، ولكنهما تعديا عليه وطلبا منه إخراج ما بداخل فمه، وحين قال لهم: "حرام عليكم سيبوني هاموت".. رد عليه أحدهم بقوله: "إنت كده كده ميت."
وأشارت تقارير "غير رسمية"، إلى أن السبب الحقيقي لمقتل خالد هو أنه كان يحاول بث تسجيل فيديو على الانترنت، قالت إنه "يكشف فساداً لدى رجال الشرطة الذين كانوا يتقاسمون ضبطية مخدرات"، إلا أن مصادر أمنية قالت إن الفيديو "مدعاة للتفاخر"، حيث يسجل لحظة انتصار رجال الشرطة بضبط كمية كبيرة من المخدرات.
ولكن صحيفة "الشروق" نقلت في عددها الأحد، عن مصدر أمني قوله، إن وزارة الداخلية عاقبت الضابط والمخبرين أبطال الفيديو، لأنهم خالفوا قرار وزير الداخلية بمنع التصوير بالهواتف المحمولة داخل أقسام الشرطة، كما أنهم لم يضعوا في اعتبارهم أن الفيديو يمكن استغلاله بشكل يسئ إلى رجال الداخلية.
وأضاف المصدر، أن الشاب خالد عمل بالفعل على نشر الفيديو بشكل مخالف للحقيقة، وباعتباره يمثل فساداً لدى رجال الشرطة، مشيراً إلى أن كثير من المواطنين بمنطقة سيدي جابر، أبلغوا رجال القسم بما يفعله خالد، وكان هناك اهتمام بمعرفة مكان مقهى الانترنت، الذي قام بتحميل الفيديو منه على الانترنت.