قوات الشرطة حاصرت المسجد الذي كان من المقرر أن تنطلق منه الاحتجاجات
الإسكندرية، مصر (CNN)-- شهدت مدينة الإسكندرية وقفة احتجاجية ظهر الجمعة، احتجاجاً على مقتل أحد الشبان بعد تعرضه للضرب على يد عناصر من الشرطة مطلع الشهر الجاري، في واقعة أثارت الجدل مجدداً حول تمديد قانون الطوارئ، المعمول به منذ ما يقرب من 30 عاماً، والذي يكرس عمليات التعذيب داخل أقسام الشرطة.
وانضم المدير التنفيذي السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، والذي يُنظر إليه كأحد رموز الإصلاح، إلى آلاف المحتجين على مقتل الشاب خالد محمد سعيد، إلا أن قوات مكافحة الشغب والقوات الخاصة فرضت طوقاً أمنياً على المسجد الذي توجه إليه المحتجون لأداء صلاة الجمعة، بالقرب من منزل القتيل.
ومازالت أسباب وفاة الشاب البالغ من العمر 28 عاماً غامضة، حيث تقول السلطات إن سبب الوفاة "اسفكسيا الاختناق"، إثر ابتلاعه لفافة بلاستيكية تحتوي علي مخدر "البانغو"، بينما تصر أسرته على أنه تعرض للضرب حتى الموت، من قبل اثنين من عناصر الشرطة السرية بقسم "سيدي جابر"، بالمدينة الساحلية.
كما أن ملابسات مطاردة عناصر الشرطة للشاب خالد، الذي أصبح معروفاً باسم "شهيد الطوارئ"، مازالت غامضة هي الأخرى، حيث تقول وزارة الداخلية إنه كان مطلوباً بعدد من القضايا الأمنية، منها السرقة، وحيازة سلاح، والتعرض لأنثى، بالإضافة إلى التهرب من أداء الخدمة العسكرية.
ولكن في المقابل، أفادت تقارير "غير رسمية" بأن السبب الحقيقي لمقتل خالد هو أنه كان يحاول بث تسجيل فيديو على الانترنت، قالت إنه "يكشف فساداً لدى رجال الشرطة الذين كانوا يتقاسمون ضبطية مخدرات"، إلا أن مصادر أمنية قالت إن الفيديو "مدعاة للتفاخر"، حيث يسجل لحظة انتصار رجال الشرطة بضبط كمية كبيرة من المخدرات.
وقبل مشاركته في الوقفة الاحتجاجية بعد صلاة الجمعة، توجه البرادعي، الذي أعلن عن نيته ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة، منافساً للرئيس محمد حسني مبارك، الذي يتولى السلطة منذ ثلاثة عقود، إلى منزل القتيل، برفقته قرينته وعدد من أنصاره، لتقديم واجب العزاء إلى أسرته.
البرادعي يتوسط المحتجين على مقتل ''شهيد الطوارئ''
وفي تصريحات لـCNN قال البرادعي، خلال ظهوره وسط حشد هو الأكبر منذ مغادرته منصبه بالوكالة الدولية، إن أشخاصاً في منتصف العمر كثيراً ما يتعرضون لمثل هذه الاعتداءات، وتابع قائلاً: "أعتقد أن الرسالة يجب أن تكون واضحة.. يجب أن تكون هذه آخر مرة نشهد فيها عملية تعذيب في مصر."
وفيما رفع المحتجون عدداً من اللافتات التي حملت شعارات مناهضة للتعذيب، ومنها "قتله البرابرة"، وصفت الناشطة السياسية المعارضة، جميلة إسماعيل، عناصر الشرطة بأنهم "وقحين" و"وحشيين"، وقالت: "إنهم يريدون إذلالنا، يريدون أن نعتاد التعذيب، حتى في الشوارع، وأن نبقى صامتين."
كما قال شخص يُدعى شريف، لـCNN: "لا أريد مليون دولار، ولكن كل ما أريده أن نلقى معاملة آدمية."
من جانبها، قالت ليلى سعيد، والدة الشاب القتيل لـCNN: "لقد قمنا بتربية أبنائنا، إلى أن أصبحوا مثل الزهور، ولكنهم في لحظة تم قطفهم فجأة.. لماذا؟"
وأضاف أحد الحاضرين قائلاً: "الرئيس (مبارك) بحاجة إلى أن يستمع إلى أصواتنا، كما أنه بحاجة إلى أن يشعر بدموع الأمهات."
يُذكر أن رئيس مجلس الوزراء، أحمد نظيف، كان قد تعهد بكشف "الحقيقة كاملة" في قضية وفاة "شهيد الطوارئ"، كما توعد بمحاسبة المسؤولين عن وفاته، في حالة إذا ما ثبت أن للأجهزة الأمنية دور في مقتله، في الوقت الذي سيطرت فيه حالة من "الانفصام" على الدوائر الرسمية، على مدى الأسبوعين الماضيين.