واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- انتقد خبراء عسكريون بشدة الجمعة المنظومة الأمريكية الاعتراضية للصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، وذلك بعد فشل ثاني تجربة لها خلال 2010 الخميس، معتبرين أن ما جرى كان "أمراً مؤسفاً" خاصة بعد المبالغ الطائلة التي أنفتها واشنطن، كما حذروا من انعكاس الفشل على الأمن الاستراتيجي للبلاد.
وقال ريكي إليسون، مؤسس "اتحاد دعم نظام الدفاع الصاروخي،" وهو أحد مجموعات الضغط المؤيدة لبرنامج الصواريخ الاعتراضية: "لم يكن (الخميس) يوماً سعيداً أبداً.. الشعب الأمريكي دفع الكثير من الأموال لبناء هذا النظام وهو يريد أن يرى نفسه محمياً."
وتابع إليسون، في حديث لـCNN قائلاً: "ما جرى خلال التجربة لا يوفر لنا أي سبب للشعور بالثقة."
ولفت إليسون إلى أن الميزانية السنوية لبرنامج الصواريخ الاعتراضية التي يفترض أن تحمي الأراضي الأمريكية من هجمات قد تشنها دول مثل إيران وكوريا الشمالية، تصل إلى عشرة مليارات دولار في السنة، أما التجربة الواحدة فتكلف مائة مليون دولار.
من جانبه، قال ريك لينر، الناطق باسم وكالة الدفاع الصاروخية الأمريكية، إن التجربة لم تكن فاشلة بالشكل الذي يتصوره البعض، لأن الرادات التي طاردت الصاروخ الهجومي من الجو والأرض عملت كما يجب، وكذلك توجه الصاروخ الاعتراضي نحو هدفه، غير أنه لم يدمر الرأس الحربي للصاروخ المهاجم.
أما الجنرال جيمس كارترايت، نائب قائد الأركان الأمريكية، فقال إن الفشل "لا يقلقه،" داعياً إلى ضرورة التركيز على معرفة أسباب الخلل في التجارب، بينما لفت خبراء إلى احتمال حصول تلف في المعدات الإلكترونية للمنظومة، والتي تعود إلى عهد الرئيس الأمريكي الأسبق، رونالد ريغان.
وكانت القدرات الردعية الصاروخية للولايات المتحدة قد تلقت ضربة قاسية هي الثانية هذا العام، إذ كشف الجيش الأمريكي عن فشل التجربة الثانية لإطلاق الصاروخ الوحيد المعد لاعتراض الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، الموجهة نحو الأراضي الأمريكية.
وبحسب وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاغون" فإن أجهزة الرادار والاستشعار عملت بنجاح، وانطلق الصاروخ من منصته، ولكن الرأس المضاد لم يصب الهدف.
ولفتت الوزارة إلى أن الخبراء سيقومون بإجراء "أبحاث معمقة" حول سبب هذا الفشل، كما رفضت تحديد موعد جديد لتجربة مقبلة، بانتظار معرفة طبيعة الخلل.
وكانت التجربة الأخيرة لهذا النظام قد جرت في يناير/كانون الثاني الماضي، وذلك بسبب خطأ في رادار "أكس باند."
وقال الجيش الأمريكي إنه فيما سار كلا من الصاروخ المستهدف الذي أطلق من منطقة "كواجالين آتول" في "جزر مارشال" والصاروخ المعترض الذي أطلق من "قاعدة فاندنبرغ" التابعة لسلاح الجو في كاليفورنيا بشكل طبيعي بعد إطلاقهما، لم يأت أداء رادار "اكس باند" المتمركز في البحر كما كان متوقعاً.
ويذكر أن رادار "أكس-باند"، المنصوب في منصات نفط عائمة ومصمم لتزويد نظام الدفاعي الصاروخي الأمريكي متعدد المراحل بقدرة استشعار قوية يمكنها من تغطية أي بقعة على وجه الأرض.
ويواجه برنامج الدفاع الصاروخي الأمريكي الكثير من المصاعب، رغم تكلفته الباهظة التي تجاوزت مائة مليار دولار، والمخاطر الإستراتيجية التي تعتقد الولايات المتحدة أنها تتزايد سواء من إيران أو كوريا الشمالية.
وسبق أن نفّذ الجيش الأمريكي تجربة ناجحة للنظام عام 2008، وقد تمكن الصاروخ من اعتراض هدف بطريقة إلى الأراضي الأمريكية، لكن الخبراء رغبوا بإعادة التجربة للتأكد من قدرة النظام على التفريق بين الصاروخ الهجومي الذي يحمل شحنة متفجرة والصواريخ التي تطلق للتضليل.