لندن، بريطانيا (CNN) -- توقع محللون متخصصون في قطاع الطاقة ألا يكون لقطع الإمدادات النفطية الليبية تأثير كبير على سوق النفط العالمي، خاصة في ظل وجود قدرات لدى الدول المنتجة الكبيرة، وعلى رأسها السعودية، لتغطية أي نقص، ولكنهم رجحوا استمرار الاضطرابات في الدول العربية، التي تأخر قادتها في توفير ملايين الوظائف التي يحتاجها الشباب.
وقالت كورنيليا ماير، المحللة الاقتصادية المتخصصة في شؤون الطاقة: "لا أعتقد أن قطع الإمدادات النفطية الليبية سيكون بالخطورة المتصورة، لأن الإنتاج الليبي يعادل 2 في المائة فقط من الإنتاج العالمي، ولا يمثل أكثر من 30 في المائة من الطاقة الإنتاجية المتوفرة لدى السعودية، والتي لا تستخدمها حاليا.ً"
ولدى سؤالها عن مدى وجوب القلق حول دور ليبيا الاستراتيجي في توفير الغاز والنفط لجنوبي أوروبا، قالت ماير، في حديث لبرنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN": "الوقت ما زال مبكراً لمعرفة ذلك، علينا الانتظار لرؤية ماذا سيحصل وطبيعة النظام الجديد."
غير أنها لفتت إلى أن الشركات الدولية استثمرت الكثير من الأموال في قطاع الطاقة الليبي، وهي ستسعى بالتأكيد لتعزيز علاقتها مع أي نظام جديد لضمان استمرار الإمدادات مستقبلاً.
ورجحت ماير أن تبتعد رؤوس الأموال التي كانت قد بدأت بالتوجه إلى ليبيا خلال السنوات الماضية، وذلك خلال العام أو العامين المقبلين على أقل تقدير، بانتظار استقرار الأوضاع قبل أن يتطلعوا من جديد إلى فرص استثمارية في هذا البلد.
وعند سؤالها حول إمكانية أن تتجه أوضاع الدول العربية للاستقرار خلال 2011 قالت ماير: "لا أظن ذلك مطلقاً، والسبب هو التوتر الاقتصادي الهيكلي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فالبطالة مرتفعة، وغالبية الشعب من الشباب ، ويتوجب على دول المنطقة توفير مائة مليون وظيفة خلال العقد المقبل، وإذا لم يحصل هذا فلن يكون هناك استقرار.
وأضافت: "لقد تأخر الزعماء في المنطقة في فتح الأسواق وإجراء إصلاحات، فنحن بحاجة لملايين الوظائف بينما القيادات السياسية تتلكأ في اتخاذ القرارات المناسبة."
وكانت أسعار النفط قد بلغت مستويات لم تصل إليها منذ أكثر من عامين ونصف، عندما بلغت الأزمة المالية ذروتها عام 2008، وفي سعيها لطمأنة الأسواق سعت السعودية إلى تأكيد قدرتها على تعويض أي نقص في الكميات المعروضة، بالتعاون مع سائر أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك
فشركة BP تراقب الوضع، وقد قالت إداراتها إنها بدأت بإجلاء رعاياها من ليبيا، كما تقوم شركات أخرى تعمل في البلاد بخطوات مماثلة، بما في ذلك "شل" و"إني"الإيطالية و"توتال" الفرنسية، وقد أوقفت معظمها العمل في المرافق النفطية بالبلاد.
وتعتبر المشاكل الاقتصادية أحد أبرز أسباب الأزمة الجارية في ليبيا حالياً، فرغم أن البلاد تمتلك أعلى دخل فردي في أفريقيا، إلا أن نسب البطالة تجاوزت 30 في المائة، وقد تكون قد وصلت إلى 50 في المائة ضمن الشباب.
وقد سبق لسيف الإسلام، نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، أن حذر من تبدد استثمارات بأكثر من 200 مليار دولار وفقدان القدرة على الاستفادة من النفط الذي يقدر البعض أن عائداته تشكل 95 في المائة من إجمالي قيمة صادرات البلاد.