لندن، بريطانيا (CNN) -- يبدو أن الغاز المسال هو المستفيد الأول من كارثتي الزلزال المدمر وما تبعه من موجات التسونامي التي ضربت اليابان وعطلت المفاعلات النووية، فرغم تراجع أسعار النفط مخافة الركود الذي قد يتبع الكارثة، إلا أن أسعار الغاز في ارتفاع لبروز المادة كبديل أساسي للطاقة النووية، مع احتمال تحولها إلى الركن الرئيسي في تركيبة مصادر الطاقة العالمية.
اليابان من بين دول العالم الأكثر استيراداً للوقود الأحفوري في العالم، وخاصة الفحم الحجري والغاز المسال، وثالث أكبر مستورد للنفط، وقبل الزلزال المدمّر والتسونامي التي تبعته كانت البلاد تنتج 30 في المائة من طاقتها الكهربائية من خلال المفاعلات النووية، ولكن هذا الأمر سيتغيير اليوم، وإن على الأمد القصير.
وخلال الأيام الماضية، تأثرت الأسواق العالمية كلها بسبب أوضاع اليابان، فالنفط تراجع بسبب القلق من حصول حالة من الركود الاقتصادي بعد الزلزال، في حين ارتفعت أسعار الغاز المسال حول العالم، خاصة مع إعلان شركات كبيرة مثل "شل" أنها حولت شحنات من الغاز المسال إلى اليابان، بعيداً عن وجهاتها الأصلية، لتلبية النقص الناجم عن توقف المفاعلات النووية.
وقال هاري تشلنغوريان: محلل في بنك BNP باريباس لـCNN: "الشحنات اليوم تحول من حول العالم إلى اليابان، وهناك اتجاه متزايد لدى طوكيو للاعتماد على الغاز المسال، وهذا يعني أن كميات الغاز المتوجهة إلى أوروبا ستتراجع خلال الفترة المقبلة.
من جانبه، قال طوم والون، وهو محلل اقتصادي في قطاع الطاقة: "هناك تبدلات على كل المستويات اليوم، ليس فقط بالنسبة للطاقة النووية، بل حتى بالنسبة للنفط والغاز."
ولكن والون استغرب ارتفاع أسعار الغاز قائلاً: "ما من مبرر واضح لارتفاع أسعار الغاز في العالم حالياً، خاصة وأن الولايات المتحدة تنتج اليوم كميات أكثر من الغاز وبالتالي فإن اعتمادها على الاستيراد هو أقل من قبل، ولذلك فهناك في الأساس كميات إضافية موجودة في السوق."
بالنسبة للفحم، فهو ينتج ويستخدم بشكل واسع من قبل الدول النامية، وعلى رأسها الصين، إلى جانب الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة، ويتوقع خبراء أن ترتفع أسعار الفحم حتى قبل أن تطلب اليابان زيادة استيرادها من هذه المادة.
ويقول هايدن أتكنز، محلل في مؤسسة ماكواير للسندات، إن التأثير على أسعار الفحم لن يظهر حالياً، ويشرح قائلاً: "معامل الطاقة التي تعتمد على الفحم الحجري لا يمكن تشييدها قبل ثلاثة إلى خمسة أعوام، وليس من الواضح حالياً الاتجاه الذي قد تسلكه اليابان لتنويع مصادر الطاقة لديها، وما إذا كانت ستلجأ للفحم الحجري."
ولكن السؤال اليوم يبقى هل أن الكارثة اليابانية ستدفع الغرب إلى التخلي عن الطاقة النووية بشكل كامل؟ فأوروبا مثلاً تعتمد على المفاعلات النووية لإنتاج ثلث حاجتها من الكهرباء، كما أن العديد من الدول كانت تسعى إلى بناء مفاعلات لأهداف بيئية تتعلق بالحد من انبعاث الغازات الضارة.