دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أثار انهيار محادثات الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، مع زعماء الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بشأن رفع سقف الدين العام، مخاوف واسعة لدى الدوائر الاقتصادية في الصين، باعتبار أن الدولة الآسيوية تُعد أكبر دائني الولايات المتحدة، بما تصل قيمته إلى حوالي 1.2 تريليون دولار.
واضطر الرئيس الأمريكي إلى إعلان انهيار المحادثات بنفسه، في 25 يوليو/ تموز الجاري، بعد انسحاب ممثلي الحزب الجمهوري، وذلك مع اقتراب الموعد النهائي المقرر في الثاني من أغسطس/ آب المقبل، لحل الأزمة، قبل أن تدخل الولايات المتحدة في دائرة الاحتمالات بشأن التخلف عن سداد الديون المستحقة عليها.
ولا تبدو في الأفق تسوية وشيكة للأزمة، حيث يتمسك كلا الحزبين بطريقته الخاصة لحلها، فيرى الجمهوريون أن الحل الأنسب هو خفض العجز على مرحلتين على مدار 10 سنوات، تشمل المرحلة الأولى رفع سقف الدين لمدة أشهر قليلة فقط، ما يعني احتمال أن تثار القضية مرة أخرى أوائل العام المقبل.
بينما يرى الديمقراطيون أنه من الأفضل خفض العجز دفعة واحدة على مدار العقد المقبل، ولكن بزيادة سقف الدين بما يتجاوز مرحلة انتخابات الرئاسة والكونغرس المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2012 القادم.
وفيما حذر الرئيس الأمريكي من أن عدم التوصل إلى حل لهذه الأزمة من شأنه أن يلقي بتداعيات شديدة الخطورة على الاقتصادين الأمريكي والعالمي، اعتبر خبراء أن الصين ستكون "أكبر الخاسرين" جراء تلك الأزمة.
وفي هذا الإطار أكد خبير اقتصادي صيني أن "الحكومة الأمريكية لم تستقر حتى الآن على حل فعال لخفض العجز في الميزانية والديون المستحقة عليها، مما سيؤدى إلى ظهور أزمة ديون طويلة الأمد، وسوف يستمر انخفاض قيمة الدولار على الأمد البعيد، طالما استمرت الأزمة."
وعن التأثير المحتمل، إذا ما تخلفت الولايات المتحدة عن سداد ديونها، على اقتصاد الصين، أوردت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا"، نقلاً عن العديد من الخبراء، أن الصين تملك سندات خزانة أمريكية، وأصولاً مقومة بالدولار الأمريكي، تصل قيمتها الإجمالية إلى حوالي 1.2 تريليون دولار.
وقال تشاو شى جون، نائب عميد كلية الشئون المالية التابعة لجامعة الشعب الصينية الحكومية، إنه "في ظل الوضع الحالي، من غير المرجح عدم التوصل إلى حل وسط بين الحكومة الأمريكية والكونغرس، بشأن رفع سقف الدين الأمريكي، ولا يمكن استبعاد احتمال فشل الجانبين في التوصل إلى اتفاق."
وأضاف أن "هذا يعنى أن كثيراً من ديون الولايات المتحدة للصين لا يمكن سدادها، وقد تضطر الولايات المتحدة إلى استخدام احتياطاتها من الذهب، مثلما اضطرت دول أوروبية، عانت من أزمة ديون سيادية، إلى بيع بعض الأصول"، ومن المعروف أن الولايات المتحدة تملك أكبر احتياطي من الذهب في العالم، يزيد على ثمانية آلاف طن.
في المقابل، عبرت وجهة نظر أخرى أن الولايات المتحدة لن تلجأ إلى استخدام احتياطاتها من الذهب، إذا كان هذا هو الملاذ الوحيد مع تواصل الخلاف، ونتيجة لذلك، قد يضطر الجانبان، في نهاية المطاف، إلى التوصل إلى حل وسط برفع سقف الديون المحدد بـ14.29 تريليون دولار.
ولكن في هذه الحالة، لا بد للولايات المتحدة أن تزيد من إصدار السندات، وهو ما يعنى زيادة كمية المطروح من العملة الأمريكية، وهو إجراء من شأنه أن يؤدى إلى انخفاض قيمة الدولار، وبالتالي تواجه احتياطيات النقد الأجنبي الكبيرة بالصين، خطر تراجع قيمتها.
ونقلت "شينخوا" عن تشن فونغ اينغ، رئيسة معهد الاقتصاد العالمي، التابع لمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، قولها إن "الصين بصفتها صاحبة أكبر احتياطيات نقد أجنبي في العالم، وأكبر دائن للولايات المتحدة، ستكون أكبر الخاسرين إذا تخلفت واشنطن عن سداد ديونها."
وأكدت أن الاقتصاد الصيني، وكذا اقتصاديات الدائنين الآخرين للولايات المتحدة، سوف تواجه خطر الانكماش بدرجات متفاوتة، وذكرت أن "الأخطر من ذلك، هو التأثير السلبي للأزمة على السياسات الاقتصادية للبلدان الناشئة"، الأمر الذي يؤدى إلى مزيد من التدهور بالاقتصاد العالمي.