القاهرة، مصر (CNN) -- أثارت وثيقة المبادئ الأساسية للدستور، التي أعلن عنها نائب رئيس الوزراء المصري الدكتور على السلمي، الجدل بين القوي السياسية من جهة و الحكومة والمجلس العسكري الحاكم من جهة أخري، بعد ما تضمنته المادتين التاسعة والعاشرة من صلاحيات للقوات المسلحة، وصفتها القوي السياسية بأنها تفوق صلاحيات الدستور والسلطة التشريعية.
ورفض عددا من التحالفات السياسية و الأحزاب إلى جانب التيارات الإسلامية، منها حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين "وثيقة السلمي"، واعتبروها وصاية على إرادة الشعب، بينما طالب البعض الأخر بضرورة تعديل الوثيقة و إلغاء المادتين محل الخلاف، مع الإبقاء على باقي المبادئ التي تحفظ مدنية الدولة وتطمئن غير الإسلاميين.
وقال المهندس أبو العلا ماضي رئس حزب الوسط "إسلامي"، أن وثيقة المبادئ فوق الدستورية، تعكس رغبة المجلس العسكري الحاكم، في أن يكون فوق الدستور و السلطة التشريعية، بعد ما تضمنته المادتين التاسعة و العاشرة من المواد الأساسية التي احتوتها الوثيقة.
وأشار ماضي إلى أن المبادئ تعطي الحق للقوات المسلحة بان تكون لها اليد العليا في صياغة الدستور، من خلال تشكيل لجنة لتأسيس المواد في حال فشل اللجنة الأولى، و عدم مسائلتها في الميزانية.
وأضاف رئيس حزب الوسط الإسلامي، أن القوي السياسية لن تتفاوض مع السلمي حتى يتم إلغاء المادتين وليس تعديلهم، كما أكد أن الوثيقة تحتوي على بنود لطمأنة غير الإسلاميين، وحفظ حقوقهم بوجود مواد أخري خاصة بالمواطنة، وهي الوثيقة التي تم الاتفاق عليها منذ أشهر علي أن تكون استرشادية وليست ملزمة.
وتنص المواد التي تم تعديلها منها المادة التاسعة على اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بالنظر في كل ما يتعلق بالشئون الخاصة بالقوات المسلحة، ومناقشة بنود ميزانيتها على أن يتم إدراجها في موازنة الدولة، و عرض أي تشريع يتعلق بها قبل إصداره على المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
أما المادة العاشرة تنص على إنشاء مجلس للدفاع الوطني يتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر في الشئون الخاصة بتأمين البلاد وسلامتها، و مراجعة واعتماد "موازنة القوات المسلحة التفصيلية.
من جانبه قال عبد الغفار شكر وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن وثيقة المبادئ الأساسية للدستور، وافقت عليها القوي السياسية، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين منذ عدة أشهر، إلا أن القوي السياسية حاليا، فوجئت بإضافة المادتين التاسعة و العاشرة، و التي تعطي القوات المسلحة وضع سياسي ودستوري ليس موضوع نقاش حاليا.
وأضاف شكر "كان من الأجدر على السلمي أن يجعل القوي السياسية توقع على الوثيقة، ثم بعد ذلك يبحث معهم إضافة هاتين المادتين، لافتا أن الوثيقة بشكلها الحالي هدفها إعطاء صلاحيات أكثر إلى القوات المسلحة، و الحد من سيطرة الإسلاميين علي تأسيس مواد الدستور القادم، إذا ما سيطروا على البرلمان ،بعدما احتوت على مادة لتشكيل لجنة لوضع الدستور من قبل المجلس العسكري في حال فشل اللجنة الأولى".
وقال الفقيه الدستوري وعضو مجلس الشعب السابق عن جماعة الإخوان المسلمين صبحي صالح، انه لا يجد خدمة للمصلحة العامة بالمواد التي تسمي فوق دستورية، كما انه لا يعرف الهدف منها حاليا سوى تعكير الأجواء، و ربما تعطيل الانتخابات علي حد تعبيره.
وانتقد صالح تسمية وثيقة السلمي بالفوق دستورية من قبل مجلس الوزراء، وقال أن الدراسات والأفكار حرية شخصية يمكن الاسترشاد بها، ولكن لا يجب أن تصادر على إرادة الشعب.
وتعود أزمة الدستور بمصر بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية بمارس/آذار الماضي، بعد أن عبرت عددا من القوي السياسية، ضمنهم ائتلاف الثورة، وبعض الأحزاب الليبرالية واليسارية، عن مخاوفها من سيطرة الإسلاميين على مجلس الشعب القادم، و بالتالي انفرادها بصياغة الدستور، وطالبوا بوضع الدستور أولا قبل الانتخابات البرلمانية.
واعتبرت التيارات الإسلامية هذا الأمر بأنه التفاف على إرادة الشعب الذي عبر عنها بالموافقة علي التعديلات الدستورية بمارس الماضي، حتى أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، عن عزمه تشكيل لجنة لتأسيس مواد فوق دستورية تهدف إلى حماية مدنية الدولة.