دمشق، سوريا (CNN) -- بعد مرور أكثر من نصف عام على اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا، بات من الضروري وضع توصيف لما يحدث مع استمرار التظاهرات اليومية واستمرار قمع النظام، وفقا لما يراه مراقبون.
ويتفق السوريون حول وجود "حراك شعبي" يستهدف تغيير الوضع القائم، ويختلفون في تحديد نوع هذا الحراك، ففي حين يرى البعض أنه "ثورة ضد الفساد لم تتوافر عوامل نضجها،" يصر الآخرون على تسميته بـ"مؤامرة لإسقاط النظام مدعومة من الخارج،" في حين يوغل آخرون في التاريخ ليؤكدوا أن ما يحدث في سوريا والعالم العربي هو "رد حضاري من الشرق تجاه الغرب."
ويؤكد الكاتب والناشط السياسي غسان المفلح لـCNN بالعربية أن ما يجري الآن "ثورة غيرت وجه سوريا،" مشيرا إلى أن السوريين "شبوا عن الطوق، وكل فرد فيهم بات يشعر بقيمته وفرديته، وذاته وانتماءه لسوريا أرضا وشعبا وثورة، هذه الفرديات التي كانت مسحوقة تحت سماكات من القمع والتشويه الفاسد للناس.. هي ثورة ضد هذا الفساد الكلي الذي أنتجه هذا النظام."
ويضيف "الاحتجاجات المستمرة منذ سبعة أشهر تؤكد أننا في خضم ثورة سلمية، عارمة أخرجت المجتمع السوري كله من القمقم القمعي الذي كان النظام يحاول على مدار أربعة عقود حصره فيه، مستخدما كافة الأساليب."
وقال إن النظام استخدم أساليب كثيرو "بما فيها اللعب على ورقة الطائفية المقيتة، والتي ادخل المجتمع السوري تحت رحمة انفجارها منذ أن جاء هذا النظام المشخصن إلى الحكم 1970، مكمما المجتمع السوري عبر بناءه لأعتى آلة قمع لشعبها في المنطقة."
ويصر النظام منذ عدة أشهر على تسمية ما يحدث في سوريا بأنه "مؤامرة تستهدف تفتيت الوحدة والوطنية وجر البلاد إلى حرب طائفية"، ويتهم "قوى خارجية" بدعم "جماعات إرهابية مسلحة" لإسقاط النظام السوري "الممانع والذي يدعم المقاومة في لبنان وفلسطين."
وتقول كاتبة سورية، فضلت عدم ذكر اسمها، "سوريا تقع في منطقة جغرافية جعلتها محكومة بالتآمر مدى التاريخ، ولا يمكن نفي وجود تآمر دولي عليها اليوم وكل يوم بمعنى أن كل طرف دولي يسعى لتجيير نتائج الحراك في المنطقة عموما لخدمة مصالحه وهذا منطق السياسية."
وتستدرك "لكن ذلك لا يعني أن الحراك (الحالي) جاء بفعل المؤامرة، لأن الثورة لديها من العوامل الداخلية ما يكفي لإشعالها.. والمفارقة أن النظام يتهم العالم بأسره بالتآمر عليه لإسقاطه، وأيضا الحراك الشعبي لديه شعور بالغبن ويتهم العالم بالتآمر عليه لإبقاء النظام الذي يخدم مصالحة."
وتتابع "ليس هناك أي توصيف لما يجري في سوريا سوى أنه ثورة، وما يجري في المنطقة عموما هو حركة تاريخ.. لقد انتهت دورة حياة الأنظمة الشمولية وها هي تتساقط في العالم العربي والعالم ككل.. وأغلب ما يقال من توصيفات لما يجري بأنه مؤامرة أو اندفاع عفوي وغيره كلام سياسي دعائي إما تضليلي وإما إنكار للواقع وإما قصور نظر سياسي."
ويذهب المفكر الإسلامي جودت سعيد إلى وصف الحراك الشعبي في سوريا والعالم العربي بأنه "وعي إسلامي جديد في العالم العربي،" ويرى أنه يدخل في إطار "رد حضاري من الشرق على الغرب."
ويبدو سعيد متفائلا حين يستحضر توقعات المؤرخ البريطاني آرنولد توينبي بإمكانية اتحاد العرب، وذكر توينبي -حسب سعيد- أن الشرق رد على غزو الإسكندر المقدوني من خلال رسالة المسيح، ثم رد على الغزو الروماني من خلال رسالة الإسلام، وحاول أن يتنبأ بالرد الذي سيكون من الشرق على الغزو الغرب الحديث.
ويرى أن ما يحدث الآن هو "الرد الجديد الذي كان يبحث عنه توينبي، وهو أكبر من سوريا،" مشيرا إلى أن "هذا التسونامي الاجتماعي الذي جاء الآن سيأخذ الجميع."
ويضيف "بسقوط طاغية مصر سقط كل طغاة العرب، وكما سقطت القاهرة وتونس ستسقط الرياض وقم، بل وستسقط الأمم المتحدة التي تعيش تحت حكم الفيتو.. نعم، نحن الذين سنلغي حق الفيتو.. إن حق الفيتو مات ومستند على عكاز منخورة."