دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تزايدت وتيرة الجدل في الشارع السعودي أخيرا، حول قضية قيادة المرأة للسيارة، خاصة بعد حملة نسائية رفعت شعار "سأقود سيارتي بنفسي،" في تحد لحظر قيادة النساء، لقي دعما من مختلف فئات المجتمع.
وأكد عدد من رجال الدين والقانون والعاملين في الحقل الفقهي الإسلامي، عدم وجود نص في القرآن أو السنة النبوية، يحرم قيادة المرأة، لكنهم أرجعوا حظر السعودية لقيادة المرأة للسيارة إلى أسباب اجتماعية متعلقة "بالمصالح والمفاسد المترتبة على قيادة النساء لها،" على حد قولهم.
وترى سعوديات شاركن في الحملة، أن المرأة السعودية خرجت للتعليم و"حصلت على أعلى الدرجات العلمية،" وأن قيادة السيارات هي "نقطة بداية لقائمة من المطالب."
وفي هذا السياق، قالت إيمان النفجان، ربة منزل سعودية، وناشطة في مجال حقوق المرأة في حديث خاص بموقع CNN بالعربية: "خرجت لقيادة سيارتي يوم الجمعة، للمطالبة بحق المرأة في قيادة السيارات، فهذا مطلب حقوقي بسيط نريد تحقيقه، وهذه حركة نابعة من نبض الشارع السعودي هدفها سلمي ولا يهدد أمن واستقرار البلاد في شيء."
وأضافت: "عند خروجنا للشارع وجدنا تقبلا كبيرا من المجتمع السعودي باختلاف فئاته، من الرجال والشباب والأطفال، فالمرأة السعودية مصدر ثقة، كما أن الفئة المتشددة في الدولة تشجع قيادة المرأة للسيارات، فلا يوجد نص ديني يمنع المرأة من القيادة."
وعن أسباب تفجير القضية في هذه الفترة تحديداً، قالت النفجان: "هذا المطلب قديم وتطالب به السعوديات منذ زمن طويل، فالمجتمع تغير وتطور، كما أن قلة المواصلات العامة وصعوبة عملية التنقل، زادت من ضرورة حصول المرأة على حق القيادة."
من جانبها، قالت المدونة السعودية، سارة الخالدي، وهي طالبة ماجستير، للموقع عبر الهاتف: "عندما خرجت مع أمي لقيادة السيارة، لم أجد أي تعجب من أصحاب المركبات الأخرى، بل كان الناس من حولنا يشجعوننا في تحضر ورقي، ويلوحون لنا بعلامات النصر، كذلك تعجبت من موقف أفراد العائلة المؤيد لنا."
وعن موقف حركة "أقود سيارتي بنفسي"، أوضحت الخالدي قائلة: " نحن لسنا ضد أحد، ولا نقود حركة عصيان أو تمرد." واشارت إلى انهن سبق وطلبن من العاهل السعودي الملك عبد الله منذ أكثر من 6 سنوات، للحصول على تصريح للقيادة، وقالت: "طلب ( الملك ) منا الصبر، لكن الفترة طالت ووجدنا أن الوقت مناسب لتجديد مطلبنا."
وحول الأسباب وراء حظر قيادة المرأة، قالت الخالدي: "أعتقد أن السبب اجتماعي، وله علاقة بحرص أولياء الأمور في العصور الماضية على المرأة والخوف من تعرضها للمخاطر، لذا حرصنا على القيام بتجربة عملية تثبت قدرتنا على النزول إلى الشارع وقيادة السيارات في أمان، لأن المجتمع تغير وتطور وعلينا مواكبته."
وبدورها، انتقدت الناشطة وداد لوتاه، الموجهة الأسرية بمحاكم دبي بالإمارات العربية المتحدة، المعارضين لقيادة المرأة في السعودية، متسائلة: "لماذا تمنع المرأة السعودية من القيادة؟ ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانت المرأة تخرج لساحات القتال على ظهر جواد، وتشارك المسلمين القتال، فالحياة تتطور للأفضل."
ولفتت لوتاه إلى "عدم وجود نص ديني في القرآن أو السنة يمنع قيادة المرأة،" وقالت: "معظم فقهاء الإسلام ومفتيه في دول الخليج لا يرون مانعا دينيا في قيادة المرأة للسيارات، وأجازوا الأمر، لكن بعض المتشددين من الفقهاء السعوديين لا يجيزون ذلك، لأمور يخشون حدوثها عند قيادة المرأة للسيارات."
وتحدثت لوتاه عن وجهة نظرها الشخصية في القضية قائلة: " إن أسباب حظر قيادة المرأة في السعودية غير واقعية، فنسبة حوادث الرجال في العالم تفوق نسبة حوادث النساء، كما أن المرأة يمكن أن تتعرض للتحرش في حال استقلت سيارة مع سائق غريب، إضافة إلى خطورة ترك الأطفال بمفردهم مع سائق غريب."
وعن رأي الدين والإقتاء، أكد الشيخ علي حميد قاسم، كبيير المفتين، وعضو لجنة الإفتاء بإمارة دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، عدم وجود نص ديني يحظر قيادة المرأة قائلاً: "لا يوجد نص ديني يحرم قيادة المرأة السيارات.. فالشريعة الإسلامية لا تمنع شيئا مفيدا، لذا تمت إجازة قيادة النساء للسيارات في جميع دول الخليج، لكن هذا الحظر نشأ في السعودية قديماً، نتيجة انتشار الفساد وخوفاً على النساء من الفتنة."
وأضاف الشيخ علي حميد قاسم: "يرى البعض في سهولة تنقل الإناث وتوفير المال والفراغ مفسدة للمرأة، كما يمكن أن تتعرض المرأة للمعاكسات والمضايقات من الشباب في حال قيادة السيارة بمفردها، لكن في رأيي الشخصي إن المرأة الفاضلة لن تفسد بقيادة السيارات، والمرأة الفاسدة أخلاقياً لن يمنعها حظر قيادة السيارات من البغاء."
ولا تزال الحملة قائمة، والسعوديات يخضن تجربة قيادة السيارات يوميا في بعض شوارع المملكة على أمل أن يحصلن على حقهن المطبق في العالم.