أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- كشفت وثائق تم العثور عليها في مقر المخابرات الليبية عن علاقة وثيقة بين وكالات الاستخبارات الغربية وجهاز مخابرات نظام العقيد الليبي "الهارب" معمر القذافي، بعد نبذه برنامج أسلحة الدمار الشامل في 2004، سلطت الضوء على برنامج "الترحيل السري" للمشتبهين بالإرهاب للاستجواب في دول متعاونة، الذي انتهجته الإدارة الأمريكية السابقة، رغم انتقادها لسجل نظام طرابلس في مجال حقوق الإنسان.
ووجدت CNN بوثائق اطلعت عليها في مكتب "جهاز الأمن الخارجي" الليبي، بالإضافة إلى وثائق أخرى تلقتها من منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، معلومات متبادلة بين جهاز الاستخبارات الليبي، وأجهزة التجسس الغربية منها، وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA والبريطانية MI6، فضلاً عن الكندية.
ومن بين المراسلات المتبادلة، كشفت وثائق عن اهتمام ليبي بتقصي المزيد من المعلومات عن أنشطة مجموعة راديكالية مناهضة للقذافي في كل من كندا والولايات المتحدة وأوروبا، وأخرى أبدت فيها الولايات المتحدة وبريطانيا اهتمامهما بأي تفاصيل قد تقدمها ليبيا بدورها عن تنظيم القاعدة.
واستشفت إحدى المراسلات الأمريكية عن إمكانية تقديم ليبيا مساعدة في الصومال، حيث التواجد القوي للمليشيات المتشددة المناوئة للولايات المتحدة، تبادل فيها بورتر غروس، الذي شغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في منتصف عام الألفية الثانية، رسائل مع موسى كوسا، المدير السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الليبية.
ويشار إلى أن كوسا، وكان يشغل منصب وزير الخارجية الليبي، كان قد توجه إلى بريطانيا إثر انشقاقه عن نظام القذافي في مارس/ آذار الماضي.
وباءت محاولات الشبكة للاتصال بغروس، السبت، للحصول على تعقيب بالفشل.
وقال بيتر بوكارت من "هيومن رايتس ووتش" إن كوسا كان نقطة الاتصال بالـCIA وMI6 مضيفاً: كانت هناك وثائق تقول "شكراً على البرتقال الذي أرسلته."
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنها عثرت على مئات الرسائل المتبادلة بين الجهازين وبين كوسا.
وسلطت الوثائق المزيد من الضوء على برنامج الترحيل السري المثير للجدل، الذي أطلقتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، ويتمثل بإرسال الولايات المتحدة المشتبه بتورطهم في الإرهاب إلى دول أخرى لإخضاعهم للاستجواب هناك، وهو برنامج تعرض لانتقادات عنيفة من قبل المنظمات الحقوقية نظراً لاحتمال تعرض المحتجزين للتعذيب في تلك الدول.
وكشفت تقارير عن حالات أرسلت فيها الإدارة الأمريكية مشتبهين بالإرهاب للاستجواب في ليبيا، وذلك رغم انتقاد واشنطن المتكرر لسجل نظام طرابلس في مجال حقوق الإنسان وذلك عبر التقارير السنوية الصادرة عن وزارة الخارجية.
ففي تقرير عام 2005، قالت الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان في ليبيا: "يقال أن قوات الأمن تعرض المعتقلين لظروف وحشية وغير إنسانية أو مهينة وحرموا من تلقي الرعاية الطبية المناسبة ما أدى لحالات وفاة عدة أثناء الاحتجاز."
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن وثائق تعود للفترة ما بين عام 2002 و2007، أشارت إلى ثماني حالات أرسلت فيها واشنطن مشتبهين بالإرهاب للاستجواب في ليبيا رغم ما اشتهرت به تلك الدولة من تعذيب."
وفي هذا الصدد عقب بوكارت بالقول لـ إن الوثائق "تؤسس بشكل قاطع ما سبق وأن صرحنا به لفترة طويلة من الوقت، بأن وكالة الاستخبارات الأمريكية تأسر الأشخاص وترسلهم سراً إلى ليبيا لاستجوابهم هناك بواسطة الأمن الليبي."
وتابع: لدينا حتى الأسئلة التي كانت الوكالة ترسلها لاستجواب المشتبهين بشأنها."
ومن بين الوثائق التي شاهدتها الشبكة، رسالة من الاستخبارات الأمريكية بتاريخ 6 مارس/ آذار عام 2004 إلى المسؤولين الليبين بشأن عبد الحكيم بلحاج، جهادي سابق ضمن "جماعة القتال الإسلامية الليبية"، والقائد العسكري الحالي لطرابلس التابع للمجلس الوطني الإنتقالي.
وتشير الوثيقة إلى اعتقال الحكومة الماليزية لـ"عبدالله الصادق" كنية بلحاج في برنامج الترحيل السري، وترحيله وزوجته الحامل عبر رحلة تجارية من كوالالمبور إلى لندن عبر بانكوك ومن ثم إلى ليبيا..
وتابعت الرسالة المرسلة من ضابط بـCIA: "نخطط لاستلام الزوج في بانكوك وإرسالهم في إحدى طائراتنا إلى بلدكم."