عمان، الأردن (CNN) -- يتجه حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الأخوان المسلمين في الأردن، إلى بناء تحالفات جديدة مع قوى سياسية وطنية أردنية من أطياف مختلفة، سعيا لتفعيل برنامج إصلاح سياسي أعلن عنه، على خلفية قرار الحركة الإسلامية مقاطعة الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر/تشرين أول الماضي.
ودخل توجه الحزب الجديد لبناء تلك التحالفات حيز التنفيذ، منذ إقرار خطة عمل الحزب للسنوات الأربعة المقبلة مطلع الأسبوع الجاري، متضمنة جملة من المحاور على المستوى الشأن الداخلي الأردني والعربي والإقليمي، من بينها توجه الحزب إلى فتح قنوات حوار بكل الاتجاهات، مع "مؤسسة القصر" وأصحاب القرار في البلاد إضافة إلى قطاعات واسعة.
ولم يخف قياديو الحركة الإسلامية، أن خطة الحزب اعتمدت إطارا منهجيا جديدا من خلال التركيز على توسيع قاعدة الحزب تنظيميا وسياسيا، وهو ما أكده أمين السر في الحزب القيادي الدكتور عبد الله فرج الله.
وأوضح فرج الله في تصريحات لـCNN بالعربية، أن خطة الحزب المقرة ركزت على الإطار الوطني الداخلي، لتفعيل دور الحركة والحزب على الساحة السياسية في ظل غيابها عن البرلمان من جهة، وفي ظل سياسة "الإقصاء الحكومي المتواصل للحركة."
وأضاف قائلا "إن غيابنا عن البرلمان لا يعني غيابنا عن الساحة السياسية لأن البرلمان هو أحد المنابر السياسية وليس ممثلا لكل المنابر."
وأعلن الحزب في أكتوبر/تشرين أول الماضي، استحداث ما عرف بالهيئة الوطنية للإصلاح (تحت التأسيس)، التي قدمها الإسلاميون مع حزب الوحدة الشعبية اليساري وعشرات من الشخصيات الوطنية، على أنها إطار شعبي ضاغط مواز للبرلمان.
وبحسب الملامح العريضة للخطة وفقا لفرج الله، فإنها تشمل ثلاثة محاور رئيسية، منها ما يتعلق بإقرار رؤية جديدة لإعادة هيكلة الحزب، والعمل على زيادة منتسبيه إلى الضعف خلال السنوات المقبلة.
وتحت "شعار الإصلاح السياسي الشامل" الذي طالما شكل مطلبا أساسيا للحركة، يبدو أن التحالفات "غير المتوقعة" التي تسعى الحركة لبنائها بحسب وصف مراقبين ومحللين سياسيين، تجلت إلى جانب مخاطبة أحزاب وطنية وسطية البدء بحوار مع ما يعرف باللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين الأردنيين، والمحاربين القدامى، في الوقت الذي شهد فيه ائتلاف إطار اللجنة التنسيقية لأحزاب المعارضة السبعة الأردنية، انقساما على خلفية تباين مواقفها من المشاركة في الانتخابات مؤخرا .
ورغم التصريحات والتسريبات المحدودة حول تفاصيل تلك اللقاءات، اكتفى من جهته القيادي فرج الله بالتعليق على تلك الشراكة الجديدة، بالقول "إنها ما تزال مبادرة تمثلت في عدد محدود من الجلسات واللقاءات بيد أنه لم يتبلور عنها أية تفاهمات مشتركة وهي ما تزال في بدايتها."
ويجدد فرح الله تأكيده بأن الحركة الإسلامية طالما اتجهت نحو "معارضة منهجية " بعيدة عن العنف، مشيرا إلى أن خطة الحزب بدأ العمل بها وفق خطوات عملية من شأنها أن تفضي إلى نتائج عملية تحت عنوان "الإصلاح السياسي."
وتضع الحركة الإسلامية الدفع باتجاه إعادة النظر في القوانين الناظمة للحريات وقانون الانتخاب القائم على الصوت الواحد من أبرز أولويات الإصلاح، إلى جانب ما أسمته "إيجاد بدائل قانونية تحظى بتوافق شعبي حول قوانين الانتخاب والاجتماعات العامة والبلديات والسعي إلى تكريس مبدأ الحكومة المنتخبة."
وتشهد محافظات المملكة حراكا شعبيا سلميا احتجاجيا على رفع الحكومة الأردنية مؤخرا أسعار المشتقات البترولية، يتوقع أن يتخذ شكلا منظما يوم الجمعة المقبل بحسب ما أعلنته عدد من اللجان الشعبية.
وأعلن الحزب رسميا من خلال خطته التنفيذية، تبني ملف المعلمين وتشكيل لجنة لعقد مؤتمر وطني هو الأول من نوعه لمساندة المعلمين في مطالبهم بما في ذلك تأسيس نقابة، عدا عن التوجه نحو عقد لقاءات شعبية موسعة في المحافظات.
إلى ذلك، يرى المحلل السياسي والباحث في شؤون الحركة الإسلامية حسن أبو هنية، أن ما أعلنت عنه الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين من خطة للمرحلة المقبلة، يأتي ضمن سياسة الحركة في تعويض غيابها عن البرلمان، وكسر ما وصفه "بالعزلة السياسية" التي طالما كرستها السياسة الحكومية مع الحركة.
ويذهب أبو هنية إلى القول إن الحركة تسعى أيضا من خلال إتباع منهجية جديدة بالتشارك مع قوى سياسية وشعبية، إلى تجديد أطروحاتها وإعادة إنتاج الأطر التقليدية في أشكال المعارضة لديها.
وفيما يعتقد أبو هنية أن "القضايا العربية لطالما استحوذت على خطاب الحركة، فإن التوجه نحو الشأن الداخلي والوطني، بات حاجة ملحة بالنسبة لها، في الوقت الذي ما تزال الدولة الأردنية تتعاطى مع الحركة الإسلامية كملف أمني بالدرجة الأولى."
من جهته، يرى القيادي البارز ورئيس مجلس شورى الحزب المهندس علي أبو السكر، أن سياسة الحزب للمرحلة المقبلة تتمحور حول التواصل مع الشرائح الشعبية والقوى السياسية إضافة الحزبية بمن في ذلك أحزاب المعارضة أو ما يعرف "بالموالاة."
وفي توضيحه لـCNN بالعربية حول "فتح الحزب لحوار بعد مرحلة انغلاق سابق" مع تلك القوى، قال "لم تكن أبواب المغلقة يوما لكن ربما الجهود لم تكن واضحة في وقت سابق.. والغاية من الخطة الجديدة بالأساس التحاور حول ملف الإصلاح السياسي في البلاد الذي تتوافق عليه مختلف القطاعات."
واعتبر أبو السكر أن خطة الحزب التنفيذية وحواراتها مع اللجان الشعبية والسياسية، يأتي في سياق "إعادة تقديم الحزب لنفسه،" مضيفا أن الحركة الإسلامية طالما "تعرضت لحملات تشويه لصورتها."
وقال "رغم اختلاف وجهات النظر بيننا وبين بعض القوى الأخرى، إلا أن ما يجمع مختلف القوى السياسية في البلاد الالتقاء على قضايا الهم الوطني العامة التي تؤرق الرأي العام الأردني كما في تباطؤ عجلة الإصلاح السياسي والارتفاع المتزايد للأسعار وقضايا المعلمين والعمال وغيرها."