عمان، المملكة الأردنية (CNN)-- تآلفت قوى معارضة إسلامية ويسارية وشعبية أردنية في مسيرات موحدة للمرة الأولى في أرجاء مختلفة من المملكة الجمعة، احتجاجاً على موجة الغلاء التي تمر بها البلاد، مطالبة بإحداث ما وصفته "بحالة إحلال سياسي"، فيما علت أصوات المحتجين في هتافات غاضبة، جددت دعواتها إلى "إسقاط الحكومة" الحالية، وتشكيل حكومة "إنقاذ" وطني.
ولم تطفئ برودة عبوات المياه المعدنية والمرطبات، التي وزعتها قوات الأمن الأردنية على المتظاهرين أمام الجامع الحسيني في منطقة وسط البلد في مشهد غير مسبوق، نار الهتافات والشعارات التي أطلقتها المسيرة، حيث علت أصوات المحتجين للمطالبة مجدداً برحيل الحكومة، إلى جانب الهتافات التي حيت الشعب التونسي في ثورته.
وتشابهت الشعارات التي رفعت في مسيرة العاصمة الأكبر بين مسيرات اليوم، مع شعارات سابقة، إذ طالبت بتغيير النهج الاقتصادي، وخفض الأسعار، ورحيل الحكومة الثانية لرئيس الوزراء، سمير الرفاعي، بالقول:"عالمكشوف وعالمكشوف حكومة ما بدنا نشوف"، و"لا لسرقة جيوب المواطنين"، رافعين أيضاً صور لـ"رغيف خبز."
وحذر بعض المتظاهرين، ينتمون إلى قوى اليسار، من امتداد الثورة التونسية إلى البلاد، قائلين: "ثورة بتحدد مصير جاي الدور ع سمير"، و"يا ثورة المد المد.. ثورة تونس رح تمتد"، وكان للرئيس المصري حسني مبارك نصيباً من هتافات المتظاهرين الأردنيين "ثورة بتلف وبتدور ويا مبارك عليك الدور."
كما رفع المتظاهرون لافتات استوحت برمزية حادثة مشعل الثورة التونسية، محمد البوعزيزي، وحذرت بعض اللافتات بالقول: "مجلس النواب الـ111.. احترس إنني قابل للاشتعال (بوعزيزي الأردن)."
وحيا المتظاهرون "ثورة الياسمين" في تونس، على طريقتهم الخاصة، وهتفوا: "يا عرب الله الله.. شعب تونس ما شاء الله"، و"تحية للشعب الثائر في تونس والجزائر."
وحشدت الحركة الإسلامية، وأحزاب المعارضة، إضافة إلى النقابات المهنية الأردنية، للمسيرة في وقت سابق، حيث دعت إلى المشاركة من خلال الإعلانات في الصحف، ووصل عدد المشاركين، وفق تقديرات المقدم محمد الخطيب، الناطق الإعلامي في مديرية الأمن العام لـCNN بالعربية، إلى نحو خمسة آلاف متظاهر.
كما خرجت مسيرات مماثلة في محافظات عدة، من بينها محافظة "إربد"، ومحافظة "الزرقاء" للمرة الأولى، إضافة إلى مسيرات احتجاجية في "الكرك" و"الطفيلة" و"لواء ذيبان" في محافظة "مادبا"، التي بدأت شرارة المسيرات منها.
وقال الناطق باسم اللجنة العليا التنسيقية لأحزاب المعارضة، سعيد ذياب، إنه "في ظل استمرار الانغلاق الحكومي على القوى الشعبية والحزبية والسياسية، وفي ظل جمود مجلس النواب الأردني وتخليه عن الدفاع عن مصالح العامة، لا بد من الاستمرار في الحراك الشعبي والنزول إلى الشارع."
وبين ذياب في تصريحات لـCNN بالعربية، أن موقف اللجنة التنسيقية لأحزاب المعارضة وإن كان لا يدعو إلى "إسقاط الحكومة بصورة مباشرة، لكنه يدعو إلى وجود حكومة وطنية قادرة على تحمل المسؤوليات، من خلال إحداث إصلاح سياسي واقتصادي، بالتوازي مع إقرار قانون انتخاب عصري، وانتخابات مبكرة."
وتواصلت الاحتجاجات في الأردن للأسبوع الثاني على التوالي، رغم اتخاذ الحكومة جملة من الإجراءات لاحتواء الاحتجاجات، كان آخرها إقرار زيادة على رواتب موظفي القطاع العام والمتقاعدين بواقع 20 ديناراً (نحو 28 دولار) مساء الخميس، سبقها تخفيض محدود على أسعار المحروقات.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، اعتذرت النقابات المهنية عن لقاء رئيس الوزراء الأردني، للتباحث حول الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، فيما خصص مجلس النواب جلسته الخميس، لمناقشة ارتفاع الأسعار مع هيئة الحكومة، امتدت لنحو 6 ساعات.
وعُقدت الجلسة على خلفية مذكرتين تقدم بهما عدد من النواب، تطالب الأولى الحكومة بخفض أسعار المحروقات، والبحث مع الحكومة في الإجراءات التي يتم اتخاذها لتخفيض الأسعار، فيما طالبت الثانية بتوضيح تسعير المحروقات.