عمان، الأردن (CNN)-- استقبلت الأوساط السياسية والشعبية الأردنية وقوى المعارضة الوطنية تشكيلة حكومة رئيس الوزراء الأردني القاضي عون الخصاونة، بحالة من "القلق"، مصحوبة "بالترقب"، حيال قدرتها على "تفكيك" الأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ أشهر، بحسب مراقبين.
واعتبر مراقبون وحزبيون أن الخصاونة قد أضاع "فرصته" لتشكيل حكومة "إصلاحية" لقيادة المرحلة، فيما رجح معارضون أن لا يطول عمر الحكومة الجديدة التي "تقل كفاءتها" عن حجم الملفات والتحديات التي تنتظرها.
بيد أن مراقبين أيضاً رهنوا مدى نجاح الحكومة الجديدة على المدى القصير والمتوسط بشخص الخصاونة، ومدى تعاون كل من مجلس النواب الأردني ودائرة المخابرات مع الحكومة، عدا عن "الدعم الملكي" مباشرة من العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني.
وجاء تشكيل الحكومة الجديدة بعد إقالة حكومتي معروف البخيت، ومن قبلها سمير الرفاعي، تحت ضغط شعبي واسع احتجاجاً على السياسات الحكومية.
ورهن رئيس تحرير صحيفة "العرب اليوم" الأردنية والمحلل السياسي فهد الخيطان، فرصة نجاح الحكومة الجديدة على المدى القصير "بقدرة الخصاونة على تنفيس احتقان الشارع، وتجسير الهوة بين الشعب ومؤسسات الدولة، من خلال إجراءات سريعة، تتعلق بمحاربة قضايا الفساد العالقة"، بحسب تعبيره.
وأشار الخيطان إلى أن اختيار الفريق الوزاري جاء أقل من التوقعات بكثير، وأقل "من مستوى المرحلة الانتقالية"، بما افتقره أيضاً من كفاءات سياسية.
ودخل إلى الحكومة 16 وزيراً جديداً، فيما احتفظ عدد من الوزراء السابقين بحقائبهم، كما ضمت الحكومة عدداً من الجنرالات والخبراء القانونيين، وغابت عنها" الشخصيات السياسية والحزبية البارزة والنقابية."
وفي السياق، أضاف الخيطان لـCNN بالعربية، قائلاً: "أعتقد أن الرهان على شخص الرئيس الخصاونة، وفي قدرته على إحداث الفرق وإدارة الملفات السياسية، خاصةً ملف الانتخابات البلدية والنيابية، ولا يمكن له أن يتخطى الأزمة الحالية، إذا لم يتلق دعماً واضحاً من الملك نفسه، وتعاوناً من دائرة المخابرات العامة، وكذلك مجلس النواب الأردني."
وتعد حكومة الخصاونة هي التاسعة في عهد الملك عبد الله الثاني، منذ توليه سلطاته الدستورية مطلع عام 1999.
وخلت التشكيلة الحكومية من قوى المعارضة، رغم إجراء الخصاونة مشاورات مع القوى السياسية مسبقاً، وسط ترحيبه بانضمام الحركة الإسلامية التي قدمت اعتذاراً رسمياً عن المشاركة.
وقال القيادي في الحركة الإسلامية، زكي بني ارشيد، في تصريح لـCNN بالعربية: "الحكومة الجديدة ليس فيها ما يمكن معالجته من وضع استثنائي، وبرنامجها الحكومي المعلن كسابقاته من البرامج الحكومية.. سيكون عمر هذه الحكومة قصيراً، رغم أن الحركة أعلنت دعم أي خطوة إصلاحية لها."
وعزت الحركة اعتذارها في مذكرة رسمية سلمتها السبت الماضي لرئيس الحكومة، قالت فيها إن "الظروف لم تنضج بعد للمشاركة."
ودعت المذكرة، التي تضمنت 17 بنداً، الحكومة إلى تحقيق الإصلاح الحقيقي والشامل، وإلى استكمال التعديلات الدستورية، "لتنسجم مع النص الدستوري (الأمة مصدر السلطات)، وإقرار مبدأ تشكيل الحكومات المنتخبة.
ودعت النائب في البرلمان الأردني، عبلة أبو علبة، الحكومة الجديدة إلى الاستماع "لصوت الشارع" ومطالب الفعاليات الشعبية، وعدم الاكتفاء "بمطالب النخب السياسية"، وأن تتجاوز غياب الكفاءات السياسية فيها بذلك.
وقالت لـCNN بالعربية إن "الفريق الوزاري يغلب عليه الطابع الجهوي.. لكن تستطيع الحكومة أن تتخذ خطوات إصلاحية، ونأمل ذلك، خاصةً عند صياغة مشروع قانون الانتخابات المقبل."
وتواجه الحكومة الجديدة تحديات جسيمة، تتمثل في مراجعة موعد الانتخابات البلدية، وإقرار حزمة من التشريعات استناداً إلى تعديل الدستوري الأردني، بما فيها قانون انتخاب جديد للبلاد، وكذلك "وقف تغول الأجهزة الأمنية."
من جهته، قال الناطق الإعلامي لتيار 36 المعارض، الدكتور فارس الظاهر، إن "هذه الحكومة ليست حكومة إصلاح، لأنها شكلت بالأدوات والأسلوب ذاته الذي تتشكل فيه الحكومات المتعاقبة."
وأضاف الظاهر، الذي يمثل ائتلاف ثلاثة عشائر أردنية لـCNN بالعربية: "على ضوء التشكيل الجديد سنواصل الحراك الشعبي.. ورغم أنني لا أمانع بتمثيل مناطقي غالب في الحكومة، لكن على أن يكون مستنداً إلى معايير الكفاءة."
ورجحت مصادر إعلان الحكومة الجديدة التي عقدت أولى اجتماعاتها مساء الاثنين، تأجيل موعد الانتخابات البلدية المقررة في ديسمبر/ كانون الأول من العام الجاري.