الرباط، المغرب (CNN) -- أظهرت النتائج النهائية للانتخابات المغربية الأحد نجاح حزب العدالة والتنمية في رفع حصته من المقاعد إلى 107، ليحصد أكثر من ربع مقاعد البرلمان، بفارق كبير عن حزب الاستقلال في المركز الثاني، الذي نال 60 مقعدا، بينما كانت حصيلة حزب التجمع الوطني للأحرار 52 مقعدا.
وحاز حزب الأصالة والمعاصرة 47 مقعدا، بينما بلغت حصة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 39 مقعدا، متقدماً على حزب الحركة الشعبية مع 32 مقعدا، وحزب الاتحاد الدستوري مع 23 مقعدا، وحزب التقدم والاشتراكية، الذي بات لديه 18 مقعدا.
وكانت النتائج "المؤقتة" للانتخابات البرلمانية المغربية التي أعلنها وزير الداخلية، الطيب الشرقاوي السبت، فوز حزب العدالة والتنمية الإسلامي بـ80 مقعداً، في حين حصل أقرب المنافسين، وهو حزب الاستقلال، على 45 مقعداً.
وقال الشرقاوي، في مؤتمر صحفي خصصه لعرض نتائج الانتخابات إن نسبة المشاركة بلغت 45.4 في المائة، مشدداً على أن الإقبال كان "كثيفاً في المناطق الجنوبية،" في إشارة إلى الصحراء التي تطالب بعض القوى فيها بالانفصال عن المغرب.
وأكدت المعطيات التي أعلن عنها الوزير المغربي في ندوة صحافية حول انتخابات أمس النتائج الجزئية التي تواردت محليا من مكاتب الاقتراع عبر تراب المملكة، والتي رجحت كفة إسلاميي العدالة والتنمية في مواجهة خصومه، وخصوصا من أعضاء تحالف الثمانية الذي يقوده "الأصالة والمعاصرة" و التجمع الوطني للأحرار، وهما الحزبان اللذان خاضا حربا سياسية واعلامية ضروسا ضد الحزب الاسلامي الذي يصفانه بأنه حزب "رجعي" بينما يعتبرهما رمزا للفساد السياسي بالبلاد.
وبات في حكم المؤكد أن حزب العدالة والتنمية سيتولى رئاسة الحكومة الأولى في ظل الدستور الجديد الذي وسع صلاحياتها التنفيذية، في انتظار استكمال نتائج اللائحة الوطنية الخاصة بالنساء والشباب، غير أنه سيكون ملزما بالدخول في تحالفات مع أحزاب أخرى لتأمين الأغلبية بالبرلمان المقبل.
وكان كثير من المراقبين قد توقع أن يحتل حزب العدالة والتنمية صدارة النتائج بالنظر إلى شعبيته المتزايدة في موقع المعارضة "المريح" وكذلك لتحولات المحيط الإقليمي التي حملت الإسلاميين الى صدارة المشهد، وخصوصا في تونس ومصر، فضلا عن اتساع دائرة الغضب الشعبي من الأحزاب التي شاركت في تدبير الشأن العام بالمملكة التي تواجه مشاكل اقتصادية واجتماعية في مجالات التشغيل والتعليم والصحة وغيرها من الخدمات الأساسية.
ولم يخف عدد من قادة الحزب في تصريحات لموقع CNN بالعربية تفاؤلهم بمجرى النتائج الأولية التي تفيد بإحراز مرشحي الحزب على الصدارة في عدة دوائر انتخابية، وخصوصا في كبريات المدن المغربية.
ويتوقع المراقبون أن يركز الحزب تحالفاته على تيار "الكتلة الديمقراطية" التي تضم أساسا حزب الاستقلال الذي يقود التجربة الحكومية الحالية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية، المشاركين في الحكومة.
وتؤكد مرحلة "الغزل" التي طبعت علاقات العدالة والتنمية مع هذه الأحزاب "التاريخية" بالمملكة في الآونة الأخيرة، وكذا تصريحات زعماء الحزب الإسلامي هذا الاتجاه الذي يراهن عليه مراقبون لتحقيق انفراج في الحياة السياسية المغربية وتقديم إجابات جديدة للحراك المطلبي في الشارع.
من جهة أخرى، أكد وزير الداخلية المغربي، الطيب الشرقاوي، أن نسبة المشاركة بلغت 45 في المائة مقابل 37 في المائة فقط خلال الانتخابات التشريعية السابقة في 2007.
ورغم أن هذه النسبة تبقى متواضعة، فإنها مكنت شرائح واسعة من النخبة السياسية من تنفس الصعداء حيث اعتبروا أنها سمحت بتفادي الكارثة، في سياق يعرف اتساعا مطردا لظاهرة العزوف عن المشاركة السياسية بمختلف أشكالها.
ومرت العملية الانتخابية عموما في أجواء هادئة، كما لم يسجل الملاحظون الدوليون والمحليون خروقات واسعة النطاق. وقد بادرت فرنسا إلى الإشادة بهذه الأجواء مؤكدة "وقوفها إلى جانب المغرب في انجاز مشاريعه الإصلاحية."
وتخللت الحملة الانتخابية التي شارك فيها 31 حزبا، دعوات لمقاطعة الاستحقاقات البرلمانية من لدن بعض أحزاب اليسار الراديكالي (النهج الديمقراطي، الطليعة، الاشتراكي الموحد) وجماعة العدل والإحسان الإسلامية (غير المعترف بها رسميا) وقطاعات واسعة من حركة 20 فبراير.
وأصدرت حركة 20 فبراير-تنسيقية الرباط بيانا هنأت فيه المغاربة على مقاطعتهم الواسعة للانتخابات، في إشارة إلى نسبة 45 في المائة، معتبرة أنها تعد "تأييدا وتجديدا لثقة المغاربة في الحركة، وقطيعة مع المخزن وموكليه وعرابيه، وتأكيدا على الاستمرار في النضال ضمن مشروع الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية".
يذكر أن مجلس النواب يتألف من 395 عضوا، يتوزعون ما بين 305 عضوا ينتخبون على صعيد الدوائر الانتخابية المحلية و90 عضوا ينتخبون برسم دائرة وطنية تحدث على صعيد تراب المملكة، وتخصص للنساء (60 مقعدا) والشباب ممن لا يزيد سنهم عن أربعين سنة (30 مقعدا).
وتعزيزا لضمانات النزاهة والشفافية التي شكلت نقطة سوداء في تاريخ الاستحقاقات الانتخابية المغربية، تم اعتماد 4000 ملاحظ محلي ودولي لتتبع أجواء الانتخابات إلى حين صدور النتائج النهائية.