عمان، الأردن (CNN)-- أجهضت قوى مؤيدة للحكومة الأردنية بالقوة اعتصاماً سلمياً لقوى معارضة للمطالبة بالإصلاح انطلق من وسط العاصمة الأردنية عمان، فيما حملت قوى المعارضة مسؤولية الاعتداء على أنصارها للحكومة الأردنية وأجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية، ومعلنة تصعيد الحراك الاحتجاجي الجمعة المقبلة تحت عنوان "جمعة الغضب.
وتعرضت القوى، التي تطلق على نفسها "قوى الحراك الشعبي" وتضم حزب الوحدة الشعبية اليساري المعارض، وما يعرف بالمبادرة الوطنية الأردنية، إلى اعتداء من مجموعة " بلطجية" احتجت على المسيرة السلمية ومنعتها بالقوة، من خلال تكسير اللافتات وضرب المشاركين "بالعصي والحجارة."
وطالبت المبادرة الوطنية بـ"إحداث إصلاحات في الديوان الملكي" كبداية حقيقية للإصلاح، واعتبار أن الاعتداء على المتظاهرين يشكل نقطة مفصلية في العلاقة مع النظام السياسي في البلاد."
ورصد موقع CNN بالعربية مناوشات واشتباكات بالأيدي والعصي والحجارة بين الطرفين، خلال انطلاق الاعتصام الذي شارك فيه نحو 600 مشارك، وتواجدت خلاله بعض أفراد الأمن العام، بيد أن الاشتباك تطور إلى استخدام "أدوات حادة" ما أسفر عن تسجيل نحو خمسة إصابات طفيفة بين أنصار الاعتصام.
وتعرض الكاتب الصحفي المعارض، وعضو المبادرة الوطنية الأردنية، موفق محادين إلى الضرب بالعصي أسفر عن كسر يده ، فيما تعرض ابنه الأكبر فراس إلى ضربة على الرأس سببت له "ارتجاجا" بحسب والده، حيث يتلقى العلاج اللازم في أحد مستشفيات العاصمة الخاصة.
وتبادل المحتجون مع القوى المناوئة أيضا هتافات مضادة، حيث هتفت قوى المعارضة بإسقاط اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية وادي عربة"، فيما ردت القوى المناوئة والموالية للحكومة بالقول :" فلتحيا وادي عربة."
وتضاربت الأنباء حول طبيعة الاشتباكات، التي قالت قوات الأمن الأردنية إنها قامت بالفصل بين الجانبين، وأن المسيرة انتهت، ولم تسجل أي اعتقالات.
ففي اتصال هاتفي مع المتحدث باسم قوات الأمن الأردنية، محمد الخطيب، قال لـCNN إن الشرطة تدخلت وفضت الاشتباك بين الجانبين، وانتهى الاشتباك، مؤكداً أنه لم ترد أي تقارير عن وقوع إصابات بين المتظاهرين المعارضين للحكومة أو المؤيدين لها.
من جهتها، أدانت الحكومة الأردنية في تصريحات رسمية بثتها وكالة الأنباء الرسمية "بترا" لوزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال طاهر العدوان، الاعتداء بالعصي على المتظاهرين، معتبرة أن ما قام به "المهاجمون هو انتهاك لحرية المواطنين وحقهم في تنظيم المسيرات وحرية التعبير، وهو ما أكد عليه كتاب التكليف السامي للحكومة، والتزامها بكل كلمة فيه."
وتتزامن هذه الاعتداءات مع رفع وزارة الداخلية مشروع قانون معدل لقانون الاجتماعات العامة المؤقت، يتضمن تعديلات باتجاه السماح بالتظاهر السلمي من دون إذن السلطات الأردنية.
وأضاف العدوان:" إن الحكومة ستتابع التحقيق لمعرفة من هم ( البلطجية)، ومن يقف خلفهم."
وعقدت قوى الحراك الشعبي عقب إجهاض المسيرة السلمية مؤتمرا صحفيا في مقر حزب الوحدة الشعبية، وجهت فيه اتهامها إلى بعض من أفراد الأمن العام الأردني بمساندة القوى المناوئة للاعتصام، وأعلنت إطلاق مسيرة "مركزية" من العاصمة عمان وفي كافة محافظات البلاد، للمطالبة بحل البرلمان وتشكيل حكومة منتخبة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، إضافة إلى وقف التبعية الاقتصادية إلى الجهات الدولية، كصندوقي النقد والبنك الدوليين.
وفي الإطار ، تفاوتت مطالب قوى الحراك الشعبي في سقف مطالبها خلال المؤتمر الصحفي، حيث ذهب حزب الوحدة الشعبية على لسان نائب أمينه العام الدكتور عصام الخواجا، إلى التأكيد على مواصلة الاحتجاج ومساءلة المتسببين بالاعتداءات، وتحميل الحكومة مسؤولية الاشتباك.
وقال الخواجا خلال المؤتمر، إن مجموعة من العصابات الموالية للحكومة بدأت بإثارة البلبلة في الشارع الأردني، مشيرا إلى أن ذلك يعارض الشعار الذي تبنته الحكومة الجديدة بإحداث إصلاحات وإطلاق هامش الحريات العامة.
وفيما لم يعتبر الحزب أن إسقاط الحكومة الحالية هو مطلب بحد ذاته بقدر مطالبتها بتغيير النهج السياسي ، رفع من جهته أعضاء المبادرة الوطنية المشاركة في الاعتصام سقف مطالبهم إلى الدعوة إلى إحداث إصلاحات " في الديوان الملكي.
وقال الناشط وعضو المبادرة الدكتور سفيان التل إن الاعتداء على الاعتصام يعتبر نقطة تحول مفصلية في الوضع السياسي في البلاد ، مشيرا إلى أن "أسلوب البلطجة بات مؤشرا على بداية سقوط الأنظمة."
ومن جهته قال محادين عضو المبادرة أيضا الذي تعرض لاعتداء مباشر، إن المطلب الملح اليوم بات "فك الارتباط السياسي والإداري مع العدو الصهيوني وإسقاط معاهدة وادي عربة" وفتح ملفات الفساد بشكل جدي.
وقدم محادين اعتذارا رسميا عن مشاورته ووفد من المبادرة الوطنية في لقاء غير معلن الخميس جمعهم برئيس الوزراء الأردني،معروف البخيت للحديث حول الإصلاح ، معتبرا أن الاعتداء على الاعتصام "شكل قرارا رسميا مسبقا بامتياز " تتحمله الحكومة.
وحذر محادين من دخول "الأردن أزمة سياسية جديدة" على غرار الأزمات التي تمر بها تونس ومصر والبحرين واليمن وليبيا.
فيما قال الناشط السياسي المعارض إبراهيم علوش أن "تدخل قوى موالية للحكومة بعصي وأدوات حادة للاعتداء على المتظاهرين "يدخل القوى السياسية في أزمة مع النظام، وليس مع الحكومة فقط."
وحضر المؤتمر الصحفي المعارض المعروف ليث شبيلات، الذي ندد بشدة بالاعتداء على المحتجين ، قائلا إن هذا التطور بات يتطلب "إصلاحات في الديوان الملكي" ، والاعتراف بالملكية الدستورية وحل البرلمان، ووقف استنزاف أراضي الدولة والتصرف بها وبيعها.
وقال شبيلات، الذي قال إنه بعث برسالة مطولة مؤخرا للعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، دعاه فيها إلى الإسراع بالإصلاح السياسي في البلاد، " إننا نحاول الإصلاح من دون إراقة دماء ... ونحن متمسكون بالنظام الملكي شريطة إصلاحه."
وشدد شبيلات على أن :" الأطر المرجعية للإصلاح أصبحت أولا أن يعلن الملك قبوله بالملكية الدستورية، وتعديل الدستور، إضافة إلى إحداث إصلاحات في الديوان الملكي."
واعتبر شبيلات أن حديثه عن إصلاحات في الديوان الملكي يأتي انطلاقا من حرصه على بقاء "العرش الذي أضر به صاحب العرش نفسه " على حد قوله، مضيفا:" إن هذا البلد ينزف وهذا النزيف سببه الديوان الملكي، وإذا أراد حفظ عرشه عليه إجراء الإصلاحات..... العرش ممنوع أن يهتز لا من ليث شبيلات ولا من غيره ولا من هم في الديوان ... لكن أكثر شخص هز مؤسسة العرش خلال السنوات العشرة الأخيرة هو صاحب العرش نفسه."
يشار إلى أن "البلطجية" هم مؤيدون للحكومات ويعارضون المتظاهرين المناوئين لها، ويهاجمونهم باستخدام العصي والحجارة، وأحياناً يستخدمون أدوات حادة ووسائل مختلفة لترويع المتظاهرين، كما حدث في مصر.