دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أفادت الأنباء الواردة من مدينة بنغازي شرقي ليبيا، بأن المدينة أصبحت في قبضة المحتجين المناهضين للزعيم الليبي معمر القذافي، بعد فرار القوات الموالية للقذافي من المدينة، فيما أشارت تقارير أخرى إلى اندلاع مواجهات عنيفة في العاصمة طرابلس.
وأكدت تقارير إعلامية سقوط عشرات القتلى والجرحى خلال المواجهات التي اندلعت مساء الأحد، فيما قالت تقارير أخرى إن عدداً من المحتجين هاجموا معسكراً للجيش في مدينة "بنغازي"، باستخدام سيارة محملة بالمتفجرات.
في الغضون، أكد مندوب ليبيا الدائم لدى جامعة الدول العربية، عبد المنعم الهوني، في تصريحات لـCNN مساء الأحد، أنه استقال من جميع مناصبه بسبب الأوضاع الحالية في بلاده "احتجاجاً على قتل الأبرياء"، مشيراً إلى وجه رسالة استقالته إلى وزارة الخارجية الليبية.
ووصف الدبلوماسي الليبي نظام القذافي بأنه "قد انتهى"، وتابع قائلاً إن "القذافي ما زال أمامه يوم أو يومين فقط في السلطة، حيث أنه فقد شرعيته الشعبية."
وعلى صعيد الوضع في بنغازي، قال أحد الأشخاص المشاركين في الاحتجاجات إن آلاف المتظاهرين خرجوا إلى شوارع المدينة الأحد، لتشييع عدد من القتلى الذين سقطوا في مواجهات السبت، وأثناء مرور المتظاهرين قرب معسكر "الفضيل بوعمر"، قام عدد من أفراد الجيش، بإطلاق النار على المحتجين.
وأفاد شهود عيان بأنه في أعقاب "الحادث"، قام عدد من المحتجين بتعبئة سيارة على الأقل بالمتفجرات، ارتطمت بالسور الخارجي للمعسكر، فيما حاول آخرون اقتحام القاعدة العسكرية، إلا أن قوات الأمن أطلقت عليهم النار مرة أخرى.
في الغضون قام محتجون آخرون بقيادة دبابة، استولوا عليها من قاعدة عسكرية أخرى قريبة، هاجموا بها السور الجنوبي لمعسكر "الفضيل بوعمر"، بحسب ما أفاد شهود العيان.
ووصف أحد المحتجين الذين كانوا يشاركون في تشييع ضحايا مواجهات السبت، الموقف بأنه "مروع للغاية في الوقت الراهن"، وأضاف قائلاً: "ما يحدث لنا هنا الآن، لا يمكن وصفه إلا بأنه عملية إبادة جماعية."
وما زال من الصعب الحصول على تأكيدات بشأن تطورات الوضع في ليبيا، حيث تفرض السلطات الليبية رقابة صارمة على وسائل الإعلام والاتصالات، كما لم تستجب للمطالبات المتكررة التي وجهتها CNN للحصول على إذن بالدخول إلى ليبيا.
من جانبها، نقلت وكالة الجماهيرية للأنباء عن مصادر بالشركات المنفذة لمشروعات التنمية بشعبية بنغازي الأحد، أن "مسلحين قاموا بسرقة آليات من مواقع عمل هذه الشركات، وتوجهوا على متنها إلى معسكر الفضيل بوعمر للشعب المسلح، في مدينة بنغازي، لمحاولة اقتحامه بتدمير أسواره."
وأضافت الوكالة الرسمية "أوج" أن معسكر "الفضيل بوعمر" يتعرض، منذ الخميس الماضي، لـ"محاولات اقتحام مسلحة باستخدام القنابل، ضمن أعمال التخريب والحرق لمراكز للأمن العام وللشرطة العسكرية بعدد من المدن الشرقية الليبية، لسرقة أسلحتها واستخدامها في اعتداءات مسلحة."
وتابعت، نقلاً عن مصادر أمنية، أن "المعسكر قام منذ بداية هذه المحاولات المسلحة، بتوجيه نداءات باستخدام مكبرات الصوت، إلى القائمين بهذه الاعتداءات، تنبههم إلى خطورة ما يقدمون عليه، حرصاً على أرواح الجميع، إلا أنهم لم يستجيبوا لهذه النداءات، بل تمادوا في محاولاتهم باستخدام الآليات المذكورة، لهدم أسوار المعسكر."
وقالت: "وقد اضطرت هذه الاعتداءات المسلحة على المعسكر، ومحاولة اقتحامه، القائمين على حراسته، إلى القيام بواجبهم في الدفاع عن المعسكر وحماية أسلحته من الوقوع في أيدي المهاجمين، حفاظاً على أرواح المواطنين وممتلكاتهم من استخدامها."
وأفادت المصادر الأمنية بأن "هذه الاعتداءات على المعسكر والتصدي لها، التي أشار إلى أنها ما زالت متواصلة حتى اليوم (الأحد)، قد أدت إلى مقتل وإصابة عدد من المهاجمين، ووقوع وفيات وإصابات بين أفراد الشعب المسلح بالمعسكر"، دون أن تعلن عن عدد الضحايا من كلا الجانبين.
كما نقلت "أوج" في نبأ آخر، عن مصادر أمنية، أن "كميات من الأسلحة تمت سرقتها، من قبل عصابات إرهابية في بعض المدن الشرقية، من مقرات الشرطة والأمن الشعبي ومراكز تدريب الشعب المسلح"، وقالت المصادر إن "هذه العصابات المسلحة استولت على رشاشات وأسلحة، وتقوم بترويع المواطنين."
وشهدت "بنغازي"، ثاني أكبر المدن الليبية، أكثر المصادمات دموية على مدار الأيام القليلة الماضية، وقال متظاهرون مناهضون للحكومة، إنه رغم تعرضهم لحملات عنيفة باستخدام الذخيرة والغاز المسيل للدموع طيلة أيام، فإن العديد يخططون للتظاهر الساعة الواحدة ظهر الأحد.
وتشهد عدة مدن ليبية تظاهرات شعبية منذ الأسبوع الماضي، في أخطر أزمة يواجهها النظام الحاكم منذ أربعة عقود، وأشارت حكومة طرابلس بأصابع الاتهام فيها إلى عناصر أجنبية مدربة لضرب استقرار ليبيا، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية "أوج."
وفي وقت سابق الأحد، قدّر مراقبون لمسار الأحداث في ليبيا، حصيلة قتلى الاحتجاجات المتواصلة منذ أيام، بلغت 184 قتيلاً، سقط معظمهم في بنغازي، إلى جانب ثلاثة في مصراتة.
من جانبها، أكدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان السبت، أنها تلقت تقارير تفيد بمقتل 84 شخصاً، مشيرة إلى أن تقديراتها تعتمد على مقابلات هاتفية أجرتها مع شهود عيان، ومصادر طبية في ليبيا.
وحول التعتيم الإعلامي قال وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ : "نريد أن نوضح للحكومة الليبية بأن عدم وجود كاميرات تلفزيونية في مكان الحدث لا يعني بأن العالم غافل عما يحدث وأنه سيتجاهل الطريقة التي يُعامل بها المتظاهرين والمحتجين."
تأتي مسيرات ليبيا في وقت تشهد فيه عدد من الدول العربية احتجاجات شعبية تطالب بإصلاحات وتغييرات سياسية، مستوحاة من نموذجي تونس ومصر، علماً أن الزعيم الليبي أبدى دعمه لنظيريه التونسي زين العابدين بن علي، والمصري حسني مبارك، إبان فترة احتجاجات شعبية نادت بالتغيير وانتهت بسقوط الزعيمين.