عمّان، الأردن (CNN) -- فيما لم تتبن الحركة الإسلامية في الأردن مبادرة ما سمي "بالملكية الدستورية،" شرع عدد من قيادات إسلامية وشخصيات سياسية وقوى وطنية إلى إطلاق مبادرات تنادي بالملكية الدستورية في البلاد، متخذة منحاً متصاعدا من خلال طرحها للرأي العام للانضمام لها وتبنيها عبر إطلاق صفحة خاصة بها على موقع التعارف الشهير "فيسبوك."
وتحولت "الملكية الدستورية" من أطروحة محظورة للنقاش، إلى مبادرة عامة طرحها رئيس المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور رحيل غرايبة، للرأي العام.
ويشير غرايبة الذي أطلق المبادرة بعيدا عن موقعه في الحركة بحسب البيان الأول لها، إلى أن "الملكية الدستورية" تعتبر الحل الأردني "لإعادة صياغة العقد الاجتماعي بين الشعب ومؤسسة الحكم، من خلال إصلاحات دستورية، بحيث يكون الملك رأسا للدولة، وليس رئيسا للسلطات."
ورأى غرايبة، في تصريحاته لـCNN بالعربية، أن عودة طرح المبادرة بقوة وعلى نطاق أوسع يتلاءم مع تطورات المرحلة السياسية الراهنة في المنطقة وفي البلاد ، التي اعتبرها تتحه نحو "المجهول" في حال لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة " في الإصلاح.
وتضم لجنة "الهيئة الوطنية لمتابعة الملكية الدستورية " قيادات بارزة في الحركة الإسلامية من بينهم المراقب العام السابق للإخوان سالم الفلاحات والقياديين نبيل الكوفحي وخالد حسنين واللواء المتقاعد موسى الحديد والناشط خالد رمضان والناشط النقابي بادي الرفايعة وآخرين ، فيما انضم المئات لمبادرة من خلال إطلاق الصفحة للان .
وتدعو المبادرة بحسب الغرايبة إلى تشكيل الحكومة من الكتلة الحائزة على الأغلبية النسبية للمقاعد البرلمانية ، وأن تكون الحكومات منتخبة تحقيقا لمبدأ مركزي في الدولة الحديثة وهو عدم جواز تولية السلطة التنفيذية لمن ليس له صفة تمثيلية منتخبة.
وتعنى المبادرة بالإبقاء على رأس الدولة في موقعه من دون وجود صلاحيات على السلطات في البلاد.
وفي توضيحه حول الغاية من إطلاق المبادرة على "فيسبوك" بدلا من طرحها عبر وسائل تواصل أخرى، أشار الغرايبة إلى أن الفئة المستهدفة من المبادرة اليوم هي فئة الشباب التي أثبتت قدرتها على التغيير في المنطقة ، مضيفا: "الهدف المرحلي من إطلاق المبادرة هو نشر وتعميم ثقافة ومفاهيم الملكية الدستورية بالدرجة الأولى لتصبح واسعة الانتشار."
ورفضت الحركة الإسلامية تبني "الملكية الدستورية"، وهي المبادرة التي طرحت عام 2009 على مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين لكنها قوبلت بالرفض، وهو ما يؤكده الناطق باسم الجماعة جميل أبو بكر الذي قال في تصريحات لسي إن إن بالعربية ان الحركة تطالب بإصلاح النظام من خلال خطوات محددة من خلال قانون انتخاب جديد وحكومة برلمانية وشراكة شعبية، ولم تتبن الملكية الدستورية حتى الآن.
ويخول الدستور الأردني، والمعمول به منذ عام 1952 الملك، بتعيين رئيس الوزراء أو إقالته.
وطالبت الحركة بتعديلات عدة، من بينها حكومة برلمانية منتخبة تشكلها الأغلبية النيابية، بالإضافة إلى محاربة الفساد، وإيجاد قانون انتخاب عصري، والفصل بين السلطات من بينها إلغاء التعديلات على دستور 52، بالإضافة إلى تعديل بعض المواد كمنع محاكمة الوزراء، وما يتعلق بحل مجلس النواب ومدة دورته العادية، والمحكمة الدستورية وغيرها.
ويرفض من جهته رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، القيادي الدكتور عبد اللطيف عريبات، تبني الحركة لـ"الملكية الدستورية،" لجهة الإبقاء على صلاحيات رأس الدولة بتعيين رئيس الحكومة، معتبرا أن الدعوة الى الملكية الدستورية "مطلب غير مبرر" في الوقت الذي تتوافر فيه حلول إصلاحية أقل "تصعيدا."
ويوضح عريبات، الذي ترأس عدة دورات من مجلس النواب الأردني الحادي عشر العام 1989، أن مفهوم الحكومة "البرلمانية" يعني انتخاب برلمان من خلال قانون انتخاب ديمقراطي عادل التمثيل، بما يمنح السلطة التشريعية حق ممارسة صلاحياتها التشريعية والرقابة "على السلطة التنفيذية" ، على أن "يبقى لرأس الدولة صلاحيات بتعيين رئيس الحكومة.
ويقول عربيات إن رؤية الحركة "تنطوي على إصلاح ما هو موجود... فكيف للبرلمان أن يراقب رئيس حكومة انتخبه وهل يجوز لرئيس الحكومة أن يحل البرلمان؟" مؤكدا أنه ليس مع طرح الملكية الدستورية.
إلى ذلك، يشير الغرايبة، من موقف "شخصي" بحسب تعبيره، إلى أن الأهداف التي تنادي بها الملكية الدستورية لا تتناقض مع مطالب الحركة الإسلامية في الإصلاح، لكنها تحمل مسميات مختلفة وترتكز إلى الدعوة إلى مبدأ تداول السلطة.
وحول احتمالات نجاح نشر المبادرة بين الأوساط المعنية اعتبر الغرايبة بأن "الرأي العام هو من يحدد وهو من يقرر ، قائلا إننا سنطرحها من خلال حراك شعبي وللرأي العام أن يقرر."
نقيب المحامين الأردني الأسبق صالح العرموطي، يرى من جهته أن الدعوة إلى ملكية دستورية ينزع مبدأ "فصل السلطات"، مشيرا إلى أن ما ينادى به يؤدي إلى تداخل السلطات في ممارسة صلاحياتها."
ويشير العرموطي لـCNN بالعربية إلى أن 28 تعديلا طرأ على الدستور، فيما اعتبر أن الدعوة إلى الملكية الدستورية بحرفيتها غير مطلوبة في المرحلة الحالية، مضيفا بالقول إن الإصلاح ممكن من خلال إلغاء التعديلات على الدستور، إضافة إلى تعديلات تتعلق بمسائل إجرائية كآلية اختيار رئيس الحكومة، رافضا التوجه نحو نزع صلاحيات رأس الدولة بالمطلق.
كما لفت إلى أن بعض الإصلاحات المطلوبة هو عدم الإبقاء على صلاحيات حل مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب لرأس الدولة أو قرار تأجيل الانتخابات لأنها استحقاق دستوري."
وترى الحركة الإسلامية أن الإصلاحات المطلوبة على الدستور السماح "بالتنسيب" برئيس حكومة بالأغلبية النيابية على ان يكون التكليف بيد رأس الدولة، وإلغاء السماح بسن قوانين مؤقتة، إضافة إلى إعادة المواد القانونية التي تنص على ضرورة استقالة الحكومة خلال أسبوع من قرار حل البرلمان وتحديد سقف موعد تأجيل الانتخابات في حال تأجيلها، وتمديد دورة المجلس النيابي إلى 6 أو 8 أشهر، والسماح بتشكيل محكمة دستورية، إضافة إلى السماح بانتخاب مجلس الأعيان انتخابا.