عمان، الأردن (CNN)-- أعربت الحكومة الأردنية عن أسفها للأحداث التي وقعت في ميدان جمال عبد الناصر" في العاصمة عمان مساء الجمعة، نتيجة احتكاك مجموعات من معتصمي ما عرف بـ"شباب 24 آذار"، مع مجموعات أخرى مجهولة، ما أسفر عن وقوع 62 إصابة بين متوسطة وخفيفة، ووفاة أحد المشاركين نتيجة إصابته بـ"أزمة قلبية"، بحسب المصادر الرسمية.
وحملت الحكومة الأردنية، خلال مؤتمر صحفي عقد بمقر رئاسة الوزراء مساء الجمعة، مسؤولية الأحداث إلى كافة الأطراف المشاركة في الاعتصام عند الميدان المعروف أيضاً باسم "دوار الداخلية"، بما في ذلك القوى السياسية المتنفذة ذات التأثير على المعتصمين، وعلى رأسهم حزب "جبهة العمل الإسلامي"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن.
وقال المسؤولون في الحكومة إن ما حدث الجمعة "أساء إلى سمعة الأردن، الذي حرص على السماح لكافة المعتصمين خلال الأسابيع الماضية، بالتعبير بحرية عن مواقفهم، وبمختلف الأشكال السلمية."
وقال نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، المهندس سعد هايل السرور، إن الحكومة حاولت إقناع شباب 24 آذار باختيار مكان آخر لتنفيذ اعتصامهم، موضحاً أن "حالة الفوضى التي عمت الموقع، جاءت نتيجة احتكاك قوى متعددة حضرت إلى ميدان الداخلية، للتعبير عن آرائهم عصر الجمعة، مع الشباب المعتصمين، مما أدى إلى تدخل قوات الأمن العام، لفض الاشتباك حفاظا على سلامة الجميع."
وأضاف السرور أن "حالة من الانفلات حدثت في الميدان"، وأن "ما حصل يتحمله كافة الأطراف، والحكومة لن تمنع أي جهة أو قوى سياسية من التعبير عن رأيها"، مشيراً إلى أن "قوى معينة تستهدف أمن واستقرار الأردن"، دون أن يسمها.
وأكد الوزير الأردني أنه أجرى اتصالات مع قوى سياسية عديدة، من بينها الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، حمزة منصور، لحثه على إقناع المعتصمين بإخلاء الميدان، بيد أنه أوضح أن الأخير أشار إلى عدم توفر أي سلطة على المعتصمين، الذي ينتمي بعضهم إلى التيار الإسلامي.
من جهته، أعرب مدير الأمن العام، الفريق الركن حسين المجالي، عن أسفه لوقوع إصابات نتيجة التراشق بالحجارة، إضافة إلى وفاة مواطن أردني يبلغ من العمر 56 عاماً، نتيجة إصابته بنوبة قلبية، خلال الاحتكاك الذي شهده دوار الداخلية.
وقال المجالي إن قوات الأمن العام تدخلت لفصل المشتبكين مع بعضهم البعض، من خلال استخدام خراطيم المياه، رافضاً الاتهامات التي تشير إلى تقاعس الأجهزة الأمنية عن حماية المعتصمين، ومبيناً أنها اتخذت كافة الإجراءات الأمنية لحماية المعتصمين، بما في ذلك إغلاق المداخل الرئيسية لميدان الداخلية، لكن مجموعات استطاعت الدخول سيراً على الأقدام.
وبين المجالي أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على ثمانية أشخاص للبدء بالتحقيق معهم، وأن الإصابات التي سجلها تقرير الأمن العام، أشارت إلى وقوع 62 إصابة بين المواطنين، إضافة إلى إصابة نحو 45 من رجال الأمن العام خلال فضهم الاشتباك، وقال إن أجهزة الأمن العام منعت تدفق ما يزيد عن 900 سيارة قادمة من أماكن مختلفة نحو الميدان.
أما الناطق الرسمي باسم الحكومة، طاهر العدوان، أكد أن "الحكومة ضد العنف، ومع ضمان حرية التعبير لمختلف الأطياف السياسية"، لكنه أشار إلى أن ثمة مسؤولية تقع على عاتق الأحزاب والقوى السياسية في ترتيب الاعتصامات والمظاهرات.
واعتبر العدوان أن استفزازاً مارسه بعض المعتصمين، مؤكداً أن قوى المعارضة تتحمل الكثير من المسؤولية مع الجهات الرسمية، وأكد أن الحكومة حاولت بكل الوسائل والطرق حماية المواطنين.
وقال العدوان إن "هناك قوى لا تريد الإصلاح في البلاد، وتسعى إلى اختلاق الظروف لإثارة حالة من التوتر."
من جهة ثانية، عقدت قوى سياسية مشاركة في اعتصام "24 آذار" اجتماعاً في مقر "حزب الوحدة الشعبية" المعارض، وبمشاركة أهل المتوفي خلال الأحداث، رفضوا خلاله الرواية الحكومية كما رفضوا استلام جثة "الشهيد"، بحسب قولهم، إلى حين التحقيق في حادثة الوفاة ومحاسبة المسؤولين.
وقال أمين عام حزب الوحدة الشعبية، سعيد ذياب، إن 15 من أعضاء لجنة الحوار الوطني يعلنون استقالتهم من اللجنة، وإن "حالة حداد معلنة الآن" بسبب الأحداث، محملين الحكومة المسؤولية الكاملة عما جرى.
أما أهالي المتوفي، ويُدعى خيري جميل مصطفى (56 عاماً، الذي أشارت مصادر حكومية إلى أن وفاته جاءت بسبب إصابته بـ"نوبة قلبية"، فقد أكدوا أنه تعرض للضرب على أيدي قوات الأمن العام، ما أدى إلى وفاته.
ووصفت قوى المعارضة الحادثة بـ"الجريمة"، مبينة أن اجتماعاً موسعاً على مستوى المعارضة والقوى السياسية الوطنية، سيعقد السبت أو الأحد، لبحث آخر المستجدات، واتخاذ موقف جديد حيال ما جرى.
كما أفادت أنباء غير مؤكدة بسقوط قتيل ثان في المواجهات التي شهدها دوار الداخلية على مدار الساعات الماضية، إلا أنه لم يتسن لـCNN بالعربية التأكد بصورة مستقلة من المصادر الرسمية.