عمان، الأردن (CNN) -- توالت ردود الفعل الاحتجاجية بصورة متسارعة على تشكيلة لجنة الحوار الوطني الأردنية الحكومية، التي صدر قرار من مجلس الوزراء الأردني بتشكلها رسميا مساء الاثنين، حيث أعلنت الحركة الإسلامية القوى المعارضة الأوسع انتشارا في الشارع الأردني مقاطعتها للجنة الحوار، رغم ضم اسماء قيادات منها من بين 52 شخصية سياسية وحزبية وحكومية ونسائية.
وجددت الحركة الإسلامية في بيان مؤسسي مشترك للمكتبين التنفيذيين لكل من جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي، تأكيدها السابق بعدم المشاركة معتبرة أن إدراج أسماء من القيادات في اللجنة جاء التفافا على قرار الحركة السابق بتعليق المشاركة.
وأعلن مجلس الوزراء الأردني عن تشكيلة اللجنة التي يرأسها رئيس مجلس الامة الأردني، طاهر المصري، مساء الاثنين، لتضم 52 شخصية سياسية وحزبية ومستقلة ونسائية، فيما تضمنت أسماء ثلاثة من قيادات الحركة الإسلامية البارزين من طراز عبد اللطيف عربيات، رئيس مجلس شورى الجماعة، والمراقب العام السابق للإخوان، عبد المجيد ذنيبات، إضافة إلى أمين عام الحزب السابق، اسحق الفرحان.
وعبرت أوساط سياسية وقوى معارضة عن خشيتها من فشل مهمة لجنة الحوار الوطني، في الوقت الذي يعيش فيه الشارع الأردني حالة احتقان شعبي يتصاعد فيها سقف مطالب الإصلاح، وفي ظل غياب أكبر قوى معارضة عنها.
ولم تعتبر الحكومة الأردنية من جهتها غياب الحركة الإسلامية عن لجنة الحوار إضعافا للجنة، بحسب وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة طاهر العدوان.
وقال العدوان في تصريحات لـCNN بالعربية، إن الحكومة ماضية في برنامجها الإصلاح استنادا إلى كتاب التكليف الملكي لحكومة معروف البخيت، لافتا إلى أن الحكومة سعت لتمثيل كافة اطياف المجتمع وأضاف: "اللجنة الأن اصبحت جاهزة لإطلاق الحوار وهي بمثابة لجنة شعبية ومنظمات مجتمع مدني وجامعة للتيارات المختلفة وهي ليست مجلس نواب او جمعية خيرية."
وقال العدوان: "إن الحكومة كانت ترغب في تواجد الحركة الإسلامية، وهي مرحب فيها للانضمام في أي وقت لاحق لكن اللجنة ماضية في عملها."
أما حول احتمالية اعادة النظر في تشكيل اللجنة اوضح العدوان: "هذه الاحتمالات ليست واردة واللجنة جاءت بمطلب شعبي وحزبي وقوى سياسة، أما المطالب التي تنادي بها الحركة فتم تحقيقها في اللجنة بما في ذلك تحديد السقف الزمني.. أما بخصوص ملكية اللجنة فهي جاءت استنادا إلى كتاب تكليف."
إلى ذلك، أكد العدوان أن الحكومة حريصة على الاستماع إلى مطالب الشارع باستمرار "بما في ذلك الحراك القائم."
أما حول وقوع حوادث تهديد لبعض الشخصيات ورصد أعمال بلطجة، أكد العدوان ان الحكومة تشجب وتستنكر أي عمل من شأنها أن يهدد أمن أي أردني بما في ذلك تهديد القيادي الإسلامي حمزة منصور، واضاف أن "الحكومة ستتعامل بكل حزم مع اي مخالفين وستحيلهم للقضاء."
واعتبرت الحركة الإسلامية ان الاعلان عن اللجنة بصورتها الحالية ومن دون اسناد مرجعيتها إلى مرجعية ملكية على غرار لجان سابقة، لا يعبر عن جدية الحكومة في الإصلاح السياسي ومشيرة إلى ان الحركة ستضمي في مطالباتها الإصلاحية.
ووجه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، رسالة ملكية إلى رئيس لجنة الحوار الاثنين، حملت محددات واضحة لعمل اللجنة، على رأسها صياغة قانون انتخاب ديمقراطي يصنع بأداء أعضائه نقلة نوعية في العمل النيابي ليترسخ البرلمان منبرا تشريعيا ورقابيا يعبر عن صوت كل أردني وأردنية، اضافة إلى صياغة قانون جديد للأحزاب السياسية في مدة لا تتجاوز الأشهر الثلاثة.
بالمقابل، تضمنت مطالب الحركة الإسلامية وقوى المعارضة اسناد اللجنة إلى المرجعية الملكية، وتحديد سقف زمني للحوار لا يتجاوز شهرين، وان يسبق بدء عملها الاعلان عن جدول أعمال تتصدره مناقشة تعديلات دستورية.
وحددت التعديلات الدستورية بإلغاء جميع التعديلات التي أُدخلت على الدستور الأردني منذ عام 1952، بما في ذلك القوانين المؤقتة وبما يضمن تداول السلطة وتشكيل حكومات برلمانية وفقا للأغلبية النيابية.
وقال القيادي في الحركة الإسلامية زكي بني ارشيد في تصريحات لـCNN بالعربية، إن الإعلان عن لجنة الحوار بتشكيلتها الحالية، ومن دون الأخذ بالأسس التي حددتها الحركة، هو قطع للوقت والتفاف على مطالب الإصلاح.
وحول فيما إذا استمر لجنة الحوار في عملها من دون مشاركة الحركة، أضاف بني ارشيد أن الحركة ماضية في برنامجها الإصلاحي الذي سيشهد تصاعدا غير مسبوقا، مشيرا إلى أن الدولة الأردنية "ليس لديها إرادة سياسية في الإصلاح وان قراءة المشهد السياسي للأوضاع الداخلية يجري بطريقة متخلفة."
وتتفاوت مطالب المعارضة في ترتيب اولوياتها، حيث تطالب الحركة الإسلامية بحل مجلس النواب السادس عشر الذي لم يمض على انتخابه خمسة أشهر، معتبرة إياه مجلسا قام على التزوير.
وطرحت قيادات في الحركة بشكل منفصل، مبادرة "الملكية الدستورية" مؤخرا ضمن برنامجها الإصلاحي، والتي تنادي بتقليص صلاحيات رأس الدولة.
وفيما لم تتبن الحركة الإسلامية المبادرة بشكل رسمي في وقت سابق، فقد اشارت قيادات فيها إلى إعادة طرح المبادرة على مؤسسة الحركة ومناقشتها لجهة تبنيها.
وفي السياق، قال الناطق باسم جماعة الإخوان جميل ابو بكر في تصريحات لـCNN بالعربية، إن الحركة بصدد إقرار برنامج وخطة إصلاحية جديدة خلال الفترة المقبلة على ضوء التطورات القائمة.
أما حول احتمالات تبني الحركة رسميا الملكية الدستورية، فقال: "لا يوجد ما هو مستبعد وثمة تقاطعات عديدة بين بنود الملكية والإصلاح الذي نطالب به، وقد تكون المبادرة محط نقاش داخل الحركة في المرحلة المقبلة."
ويتزامن تشكيل اللجنة حالة من الاحتقان في الشارع الأردني حالة اتجاه تفاقم الاوضاع المعيشية الاقتصادية، اضافة إلى حالة وصفها مراقبون "بمأزق" سياسي واجتماعي، على خلفية رصد أعمال بلطجة حيال المسيرات والمظاهرات الشعبية، لم تتخذ الحكومة خطوات جادة في معالجتها.
كما ضمت اللجنة تمثيلا لتيارات سياسية متباينة تتراوح بين أقصى اليمين وأقصى اليسار السياسي، بما في ذلك ممثلين عن اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين الأردنيين التي شاركت في إصدار بيان في وقت سابق انتقدت فيه مؤسسة القصر.
وعلى ضوء ذلك، يرى المحلل السياسي الدكتور محمد أبو رمان، أن تشكيلة لجنة الحوار الحكومية جاءت جامعة لتيارات تحمل أجندات متضاربة شكلت صوت المطالب في الشارع الأردني مؤخرا.
واعتبر أبو رمان أن الحكومة الأردنية على ضوء التشكيل المستند إلى اطياف الشارع، تواجه "مأزقا حقيقا" في معالجة ملف الإصلاح، موضحا بالقول: "إن مطالب الشارع في ازدياد وان لم تنجز اللجنة مهمتها ستكون أمام حالة من عدم القدرة على إدارة الدولة بمكوناتها."
ولم يرى أبو رمان في غياب الحركة الإسلامية عن اللجنة خطورة كبيرة في الوقت الذي كان من الممكن فيه طرح مناقشات التعديلات الدستورية على جدول أعمالها، بيد أنه أشار إن ذلك "سيضعف من قوة اللجنة."
وحذر أبو رمان من تفاقم مطالب الشارع التي تتسارع بوتيرة أكبر من خطوات الحكومة، معتبرا أن حالة من الانفلات بدأ يشهدها الشارع مع تسجيل حالات بلطجة وتهديد لشخصيات سياسية من طراز القيادي الإسلامي حمزة منصور على خلفية مواقفه السياسية.
وقال أبو رمان العضو في لجنة الحوار: "الحكومة لم يعد لديها بدائل أمام مزاج شعبي سلبي ومعارضة شرسة، وفي حال فشل لجنة الحوار ستكون الدولة الأردنية امام مأزق في إدارتها."
وتعرض منصور لتهديدات سابقة دفعت بالحكومة لتأمين حراسة أمنية على منزله، فيما نددت الحركة الإسلامية بمثيري الفتن وأعمال البلطجة محملة الحكومة مسؤولية ذلك.
وأعلنت قوى المعارضة نزولها إلى الشارع مجددا الجمعة المقبلة، في سياق استكمال الحراك الاحتجاجي الشعبي للمطالبة بالإصلاح.