لندن، بريطانيا (CNN) -- نأى ثلاثة من القضاة الأربعة الذين وضعوا التقرير الشهير حول عملية الرصاص المصبوب الإسرائيلية على قطاع غزة، الذي بات يعرف باسم تقرير غولدستون" عام 2008/2009، بأنفسهم بعيداً عن قضية إعادة النظر والتراجع الذي أظهره رئيس فريق التحقيق الدولي والمشارك في وضع التقرير، ريتشارد غولدستون.
والقضاة الثلاثة هم المحامية المختصة بقضايا حقوق الإنسان، الباكستانية هينا جيلاني، وأستاذة القانون الدولي في كلية لندن للاقتصاد، كريستينا تشينكين والجندي الايرلندي المتقاعد في قوات حفظ السلام، ديزموند ترافيرس، الذين قالوا في مقال لهم في صحيفة الغارديان البريطانية نشرت الخميس إنهم يريدون أن يريدون "تبديد أي انطباع جراء التطورات اللاحقة بشأن عدم صحة أي جزء من تقرير البعثة أو اعتباره خاطئاً أو غير دقيق."
وقالوا في المقال الصحفي: "ليس هناك أي مبرر لأي طلب أو توقع بإعادة النظر بالتقرير نظراً لأنه لم يطرأ أي جديد على جوهره يقتضي تغيير فحوى أو نتائج أو خلاصة ذلك التقرير فيما يخص أي طرف من أطراف الصراع في غزة."
وأضافوا: "إن تقرير لجنة تقصي الحقائق يتضمن الاستنتاجات التي تم تقديمها بعد دراسة دؤوبة ومستقلة وموضوعية للمعلومات المتصلة بالأحداث التي كانت ضمن اختصاصنا والتفويض الممنوح لنا، وبعد تقييم دقيق لموثوقيتها ومصداقيتها. ونحن نقف بحزم وقوة خلف هذه الاستنتاجات."
ويطلق على التقرير الذي صدر في سبتمبر،/أيلول عام 2009 رسمياً اسم "تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق حول الصراع في غزة"، غير أنه بات يعرف باسم "تقرير غولدستون"، باسم القاضي الجنوب أفريقي الذي قاد اللجنة.
وتوصل التقرير إلى أن كلاً من إسرائيل وحماس ارتكبا جرائك حرب وربما جرائم ضد الإنسانية خلال المواجهات بينهما التي بدأت في السابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول عام 2008، واستمرت حتى الثامن عشر من يناير/كانون لاثاني عام 2009.
وكانت إسرائيل قد شنت عملية عسكرية ضد المسلحين في غزو رداً على ما وصفته باستمرار إطلاق الصواريخ على البلدات الجنوبية.
غير أن غولدستون قال في مقال له نشر على موقع "واشنطن بوست" الأمريكية إنه ربما كان سيتوصل إلى نتائج مختلفة لو أن الجيش الإسرائيلي كان موافقاً أو لو أنه كان يعرف بالنتائج اللاحقة للتحقيق.
واضاف: "لو كنت أعرف ما أعرفه الآن لكان تقرير غولدستون قد جاء مختلفاً."
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي كلف غولدستون وباقي أعضاء لجنة تقصي الحقائق، قد وافق على التقرير الذي "ركز أكثر على جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل."
إلا أن القضاة الثلاثة الذين شاركوا في وضع التقرير قالوا في مقالتهم في صحيفة الغارديان أكدوا على ضرورة أن تقوم إسرائيل وحماس "بوضع أساس مقنع حول أي مطالبات تتناقض مع النتائج التي توصل إليها تقرير اللجنة. "
وقالوا إنه بالإضافة إلى ذلك، وفيما يتعلق بعملية الرصاص المصبوب ، فإنه ليس هناك ما يدل على أن إسرائيل فتحت تحقيقاً في تصرفات من صمم وخطط وأمر وأشرف على العملية العسكرية.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد دعت الأمم المتحدة لسحب تقرير غولدستون، غير أن القضاة الثلاثة رفضوا ذلك، وكذلك ما وصفوه "الاعتداءات الشخصية والضغط غير العادي الذي تعرض له أعضاء اللجنة."
وقالوا: "لو كنا نذعن للضغوط من أي جهة لإخفاء استنتاجاتنا، فإننا نلحق ظلماً كبيراً بالمئات من المدنيين الأبرياء الذين قتلوا خلال النزاع في غزة، وآلاف الجرحى، ومئات الآلاف الذين مازالت حياتهم تتأثر بشدة من النزاع والحصار."
من جهته، قال المناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلي، ايغال بالمور، الخميس كرر موقف اسرائيل السلبي من تقرير غولدستون، مشيراً إلى هفوات وتحيز في الوثيقة.
ودافع بالمور عن التحقيقات الإسرائيلية منوهاً ب موافقة السلطات الدولية على أن إسرائيل "عملت بإخلاص لتحقيق العدالة."
على الجانب الآخر، رحب المتحدث باسم السلطة الفلسطينية، غسان الخطيب، بما ورد في المقال، وقال "إنه لمن المزعج حقاً أن يكون أعضاء اللجنة قد تعرضوا لضغط من أجل إخفاء استنتاجاتهم."
واضاف: "ما يقتضي أن يكون عملية موضوعية، ولا يجب أن يسمح لإسرائيل بالتحقيق بنفسها بتصرفاتها وأن تخرج بنتيجة أنها غير مذنبة."