الرباط، المغرب (CNN) -- خرج آلاف المغاربة الأحد في مظاهرات، طبعها الهدوء عموما، في عدد من مدن المغربية تطالب بإسقاط الفساد وبمزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، في محطة هي الثالثة من نوعها منذ إطلاق حركة 20 فبراير.
وتضاربت التقديرات حول أعداد المشاركين بين وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، غير أن العديد من المراقبين أجمعوا على أن مظاهرتي الرباط والدار البيضاء تجاوزتا رقم 10 آلاف متظاهر في كل منهما، بينما عرفت احتجاجات فاس ومراكش وطنجة مشاركة أقل كثافة.
وحافظت حركة 20 فبراير، الشبابية، التي استطاعت كسب التفاف واسع من أعضاء تيارات سياسية واجتماعية مختلفة، على زخمها في الشارع رغم مبادرة السلطات المغربية إلى اتخاذ تدابير إصلاحية من قبيل تعهد العاهل المغربي بإصلاح واسع للدستور وإصدار عفو عن مجموعة من المعتقلين السياسيين.
ولم يمنع تساقط الأمطار بغزارة في الدار البيضاء صباح الأحد آلاف المواطنين من الانضمام إلى المظاهرة الحاشدة التي طالبت بإسقاط رموز الفساد السياسي والاقتصادي وطي ملف الاعتقال السياسي نهائياً.
وفي العاصمة الرباط، اتخذت حركة 20 فبراير منحى نوعيا بنقل مسار المظاهرة إلى قلب أحد أكبر الأحياء الشعبية بالعاصمة، في تلاحم مع الفئات الاجتماعية المعنية مباشرة بشعارات الإصلاح التي ركزت على ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية ووقف التفاوت الاقتصادي الصارخ واسترجاع الأموال العامة المنهوبة ووقف مسلسل خصخصة المرافق العمومية.
وعرفت المظاهرة مشاركة لافتة لعناصر من المعتقلين السابقين لتيار السلفية الجهادية وعائلاتهم أو غيرهم ممن حوكموا في إطار قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر بعد هجمات الدار البيضاء في 16 مايو/أيار 2003.
وأعربت أمينة بوغالبي، إحدى الوجوه القيادية البارزة بحركة 20 فبراير، عن ارتياحها للنجاح النوعي للمظاهرة التي نجحت في نقل بؤرة الاحتجاج إلى صفوف الأهالي في حي شعبي شهير في العاصمة معتبرة أن التجاوب الجماهيري والوعي التنظيمي الذي عبروا عنه يسمح بالتفاؤل حول مستقبل الحركة الاحتجاجية من أجل الإصلاح بالمغرب.
وأكدت أمينة بوغالبي في تصريح لموقع CNN بالعربية أن الخطوات الإصلاحية التي اتخذتها السلطات لم تنجح في امتصاص حماس الجماهير الذين أظهروا "وعيهم بالطابع الجزئي المحدود لهذه الإصلاحات" وبعثوا برسالة قوية مفادها أنه لا مفر من تقديم إجابات واضحة تقطع مع ممارسات الماضي وبدائل جذرية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترهن واقع المغاربة ومستقبلهم، على حد قولها.
ومن جهته، صرح محمد العوني، رئيس الشبكة المغاربية لمساندة الشعوب والقيادي بالحزب الاشتراكي الموحد، بأن "التغيير في المغرب آت لا ريب فيه" و"أي مراهنة من قبل السلطات على فتور في الزخم الاحتجاجي من خلال تقديم القليل لتفادي الكثير ستكون خاطئة."
ودعا العوني في تصريح للموقع إلى اعتماد منهجية أخرى للتعامل مع مطالب القوى الوطنية، خصوصا في مسألة الإصلاح الدستوري، حيث عبرت الجماهير عن رفضها لدستور ممنوح تقترحه لجنة معينة على الشعب المغربي.
وشدد العوني على ضرورة القيام بالإصلاح الدستوري في إطار نقاشات عمومية واسعة تنخرط فيها جميع مكونات الشعب، تتبلور في سياقها الخصائص المحددة لمشروع الدستور المقبل قبل عرضه على الاستفتاء.
أما باقي بنود المشروع الإصلاحي فتتمثل، حسب العوني، في محاربة الفساد من خلال دفن نظام الريع والامتيازات وإصلاح الإعلام العمومي وتحقيق العدالة الاجتماعية ومعاقبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان.
وقال الناشط السياسي إن الوضع القائم لا يتحمل استمرار التفاوت الصارخ بين الأجور واستفحال البطالة داعيا إلى استرجاع الأموال العمومية المنهوبة لتمويل مشاريع منتجة تفسح المجال أمام الشباب لبناء مستقبل أفضل.