نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- أعربت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فاليري أموس، عن "انزعاجها البالغ وصدمتها" بشأن المزاعم التي تفيد باكتشاف مقابر جماعية في ولاية جنوب كردفان في السودان والتقارير الواردة بشأن اختفاء المدنيين واستهداف الناس على أسس عرقية والقتل خارج القانون.
وقالت أموس "نحن لا ندري حقيقة هذه المزاعم الخطيرة بوجود مقابر جماعية أو القتل خارج القانون وغيرها من الانتهاكات الجسيمة في جنوب كردفان بسبب القيود المفروضة على الحركة من قبل حكومة السودان وخصوصا على المنظمات الدولية وموظفيها."
ومنذ بدء الاشتباكات بين قوات محسوبة على الجيش الشعبي لجنوب السودان والقوات المسلحة السودانية في السادس من حزيران/يونيو الماضي، طالبت منظمات الأمم المتحدة حكومة السودان بعدم تقييد الحركة والسماح لها بالوصول إلى كل الأشخاص في جنوب كردفان.
غير أن أموس قالت إن هذا الطلب "قوبل بالرفض من جانب حكومة السودان التي أشارت إلى مخاوف أمنية."
وأضافت أنه تم منح المنظمات تصريحا محدودا لدخول بلدة كادوقلي في ظل وجود عسكري مكثف للجيش كما طالبت الحكومة توصيل المساعدات عبر المنظمات الوطنية التي لا تتمتع بإمكانيات كبيرة وغير قادرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة للفئات الضعيفة في الولاية.
وقالت وكيلة الأمين العام "إن هذه القيود تحد من قدرتنا على مساعدة الأشخاص المحتاجين، ونعرف أن نحو 1.4 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة،" وفق الموقع الرسمي للأمم المتحدة.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن نحو 73 ألف شخص قد تشردوا بسبب القتال، مشيرا إلى أن العدد قد يكون أكبر من ذلك.
ودعت أموس كل الأطراف إلى منح المنظمات الإذن بالدخول للوصول إلى المدنيين، وضرورة التحقيق في كل مزاعم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
من جهته، قال فيليبي بولوبيون، من منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن "الادعاءات الواردة في التقرير خطيرة للغاية" مضيفاً: ""هذا التقرير لا يوفر سوى لمحة عن ما يحدث في جنوب كردفان."
ويصعب الوقوف على حقيقة الأوضاع في الولاية نظرا لانتهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان وعدم إمكانية وصول المنظمة الأممية إلى المناطق المتضررة.
وتتبع ولاية جنوب كردفان الحكومة السودانية في الشمال، وبها حدود مشتركة مع جنوب السودان، الذي اُعلن، الأسبوع الماضي، دولة مستقلة ذات سيادة.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة السودانية نفذت انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في المنطقة، يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب.
بعد جلسة مشاورات مغلقة لمناقشة الوضع الإنساني في ولاية جنوب كردفان، أصدر أعضاء مجلس الأمن بيانا، أعربوا فيه عن القلق الشديد لاستمرار العنف.
أسباب اندلاع العنف في جنوب كردفان
وكانت المواجهات المسلحة قد اندلعت بين الجانبين في الولاية إثر هجوم قامت به قوات الجيش الشعبي في السابع من يونيو/حزيران الفائت على قوة حكومية في منطقة "أم دروين" شرقي "كادوقلي" ما أسفر عن مقتل جندي وإصابة سبعة.
وفي أعقاب الأحداث، أكدت القوات المسلحة السودانية أن الوضع الأمني في كادوقلي تحت السيطرة الكاملة.
واتهم حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان الحركة الشعبية وبعض قوى المعارضة بالتخطيط مع قوى أجنبية لتمرد مسلح في جنوب كردفان، واعتبر ما يحدث في الولاية خروجاً على القانون والدولة لا يمكن التعامل معه عبر الحوار السياسي، وفق المركز السوداني للخدمات الصحفية.
ويشار إلى أن ولاية جنوب كردفان هي إحدى ولايات السودان وتبلغ مساحتها 158,355 كم مربع ويقدر عدد سكانها بأكثر من مليون نسمة، وعاصمتها مدينة كادوقلي وتقع الولاية على الحدود مع الجنوب وهي من الولايات المنتجة للنفط.
ويذكر أن جنوب السودان أعلن في التاسع من يوليو/تموز الجاري، كدولة مستقلة عن الشمال بعد استفتاء في مطلع العام صوتت فيه الأغلبية الساحقة لصالح الانفصال.
واندلع العنف في الولاية ، الغنية بالنفط، إلى الشمال، حول خلاف بشأن الترتيبات الأمنية وإعادة انتخاب أحمد هارون، مرشح حزب المؤتمر الوطني، وهو أحد المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في دارفور، في انتخابات والي الولاية التي نافسه فيها مرشح الحركة الشعبية، عبد العزيز الحلو، ومرشح آخر معتقل.
وكان "النوبة" سكان جنوب كردفان، قد انحازوا إلى الجنوب في حربه ضد الشمال، وهي أطول حرب أهلية دموية تشهدها القارة الإفريقية، دامت عقوداً راح ضحيتها مليوني شخص.
والأسبوع الماضي، اتهم الرئيس السوداني، عمر البشير، جهات لم يسمها بزعزعة الأمن بجنوب كردفان، وقال إن جهات خارجية تحيك "مؤامرة كبرى" لاندلاع الحرب في الولاية مرة أخرى. وأضاف أن الحركة الشعبية تدير "حرباً بالوكالة" في المنطقة.