CNN CNN

الأمير الحسن بن طلال: فهم أحداث الحادي عشر من سبتمبر

بقلم: الأمير الحسن بن طلال
الثلاثاء، 11 تشرين الأول/أكتوبر 2011، آخر تحديث 16:00 (GMT+0400)

 

 ظهرت على مدى السنوات العشر الماضية العديد من الكتابات التي حاولت تفسير وفهم ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر 2001، إلا أنه تبين أنها مهمة صعبة، حيث أنه ليس من السهل محاولة تحليل الشر، ولا يمكن للعقل الصريح استيعاب الإرهاب في حال من الأحوال. ومن الواضح للملايين في أمريكا والعالم ككل بأن أحداث ذلك اليوم لن تتحول ببساطة إلى مجرد ذكرى وإنما ستبقى ماثلة في الأذهان دائماً.

لا يمكن وصف هذا العقد من الزمان بالعقد السعيد، كما لا يمكن وصفه بالعقد "الأمريكي" كذلك. فقد ساهم التدهور الاقتصادي والجمود الاجتماعي والكساد الثقافي والفني وضياع الفرص لدى الأشخاص العاديين، ساهم كل ذلك في خلق مستقبل لا يبشر بالكثير من الأمل؛ فقد أحبطنا التفاؤل.

تعددت العوامل وتعقدت المبررات إلا أنني وبطبيعة نشأتي في منطقة مضطربة فلا يسعني إلا أن أؤمن-إلى حد ما-بأن هذه الأجواء ما هي إلا نتاج طبيعي لما يسمى بالحرب على الإرهاب، وهي حرب لا يتضح لها نهاية قريبة في الأفق.

فهل قرّب الصراع ضد من يسعون إلى احتكار الحقيقة لدى كلا الجانبين، هل قرّب بين الغرب والعالم الإسلامي؟

لقد ساد على مدى السنوات القليلة الماضية شعور وكأن سوء الفهم المتبادل بين الجانبين لا يمكن أن يكون أعمق مما هو عليه في حال من الأحوال، حيث تواجه الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط العديد من الصعوبات، كما تم تهميش المجتمعات المسلمة في العديد من الدول الغربية بغية إرضاء الإيديولوجيات المتنافسة وبغية ترويج وبيع الصحف.

علاوة على ذلك، حيث هرب زعيم لا مبال من بلده في تونس وتمت الإطاحة خلال 30 يوماً بنظام حكم ساد لمدة تزيد عن 30 عاماً في مصر، فيبدو بأنه قد تم استبدال ذلك الخوف الإنساني الطبيعي من "الآخر" أو من "بعضنا بعضاً" بشيء آخر، كما أن شبح التطرف الديني الموجود فعلاً على الأرض فقد صداه الذي كان طاغياً فيما مضى.

وأما الصور النمطية التي طالما صوّرت هذه المنطقة على أنها بعيدة عن الإصلاح، فقد أصبحت تتنازع مع قصص من الأمل بغدٍ أفضل.

يزداد عدد الأمريكيين الذين لا يبدون راضين عن مجرد إصدار أحكام عن الشرق الأوسط، حيث أنهم بدأوا يسعون إلى فهمه. وقد يبدو هذا تصرفاً شجاعاً وغير متوقع في آن معاً، وهو ما لا يرغب فيه أناس من أمثال القاعدة.

في الواقع، ورغم البون الشاسع بين الأمريكان وبين الشرق الأوسط إلا أن مصيرنا جد مترابط، وإن مجرد القول بأن الشاب الأردني أو التونسي أو المصري أو البحريني أو الإيراني ينشأ ناقماً على الولايات المتحدة لا يزيد على كونه تبسيطاً لعلاقة معقدة وشديدة التركيب، حيث إن الشباب في الأردن والشرق الأوسط يرون ما يجري على الأرض في فلسطين، وقد اعتادوا الشعور بخيبة الأمل، كما أنهم قادرون على الإشارة إلى التناقض بين الأقوال والأفعال في خضم ما يحدث.

ولكن مثل هذه المشاعر تختلط أحياناً بمزيج من الإعجاب سواء كان ذلك بالأفلام والثقافة الأمريكية وبأفكار كالحرية والفردية والفرص وحكم الخيّرين. وقد يكون مثل ذلك فصاميّاً، إلا أنه حقيقة واقعة. فـ"حق البحث عن السعادة" هي معادلة يطمح إليها الناس في كل مكان ويتفهمونها، إلا أنه لا يمكن الفوز بها بسهولة.

إن الناس العاديين في الشرق الأوسط هم من يدفع الثمن الأغلى من أجل الحصول على حقوقهم. وفي هذا السياق، فقد وضع "الشارع العربي" في منافسة مع الآلة الأمنية للدولة الحديثة، والنتيجة الطبيعية لذلك هي القمع والعنف والتخويف والقسوة بالجملة. وفي الوقت نفسه، فأينما نظرت فإنك ترى أكثرية مكممة الأفواه تطالب بنفس الشيء: بعض الكرامة وحقها في تقرير المصير والحصول على فرصة أفضل.

لقد تواصلت الثورات على نحو غير متساوٍ كما أنها ستنتهي على نحو غير متساوٍ، إلا أنها سوف تثبت كونها ثورية وتطورية ذلك أنها تتضمن رسالتين مركزيتين: أولاهما أن الشرق الأوسط يمكن أن يكون مختلفاً، وثانيهما أنه يتغير على نحو سريع.
وكما رأينا في هذه المنطقة من العالم فإن التصالح مع الماضي أو تجاوزه هما أمران ليسا سهلين على الإطلاق.

لقد مثلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر محاولة محسوبة وجبانة لإيجاد إنشقاق حضاري كبير، ولقد بدا هذا المشروع الهائل والملتوي بأنه على وشك النجاح، إلا أنه لا يمكننا السماح له بذلك.

 انقبول الاختلاف الذي ينطوي على التحرر من الخوف، هو ما يجب أن يخشاه أي إرهابي.  فبدلاً من مكافحة "الإرهاب"، علينا أن نحارب من أجل التفاؤل والأمل.


*الأمير الحسن بن طلال هو رئيس ومؤسس منتدى الفكر العربي ومنتدى غرب آسيا وشمال أفريقيا (WANA).


*نشرت النسخة الانجليزية من المقال من خلال موقع خدمة الأرضية المشتركة  الإخبارية www.commongroundnews.org

** الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع CNN بالعربية.