أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- يجادل مراقبون بأن الإنترنت أصبح ميدان القتال في حرب إلكترونية تدور رحاها على الشبكة العنكبوتية كما هو الحال على واقع الأرض بين النظام السوري ومحتجين مطالبين بالتغيير، خصص لها الأول "جيشاً إلكترونياً" لخوضها.
وتلعب التقنيات الحديثة دوراً محورياً في نقل وقائع أحداث العنف الدائر هناك منذ ثمانية أشهر للعالم الخارجي مع حظر دخول وسائل الإعلام الأجنبية إلى سوريا، بيد أن النظام سارع بفرض رقابة على وسائل الاتصالات وإيقافها، ما دفع المحتجون لاستخدام وسائل للتحايل وتخطي الرقابة المفروضة.
وينقل الناشط المعارض، مصعب الحسيني، وهو اسم مستعار، أحدث جولات العنف الدائرة في مدينته حمص، عبر "سكايب" باستخدام ""سيفون" وهو برنامج تشفير يسمح بتجاوز الرقابة الحكومية والوصول إلى كل مواقع الفضاء الإلكتروني.
وقال حسيني: "أشعر بآمان الآن.. البرنامج وفر لي الحماية من رصد قوات الأمن السوري المعروفة بالمخابرات."
وأضاف: "لا يمكنك استخدام سكايب في سوريا حالياً لأنه محجوب، ونتخوف من استخدامه لدى فتحه، فإجراء مكالمات صوتية قد يتم تسجليها من قبل المخابرات."
ومنذ مطلع العام الجاري تشهد سوريا دورة عنف دموي انطلقت مع احتجاجات مناوئة للنظام قابلها النظام السوري بحملة قمع وحشية، ما دفع بالأمم المتحدة لاتهام قوات الأمن السوري بارتكاب عمليات تعذيب منهجية واستخدام القوة المفرطة لسحق المعارضة.
وقدرت المنظمة الأممية مقتل ما يزيد عن 3500 شخص منذ اندلاع العنف في مارس/آذار الماضي، ووصف منظمات حقوق الإنسان التابعة للمنظمة الدولية النظام السوري بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية."
ويتيح برنامج "سيفون" Psiphon، الذي يصعب رصده أو اعتراضه، للمقيمين في دول تقيد استخدام الإنترنت تجاوز الرقابة الحكومية بالاتصال بمزود يسمح لهم بالدخول الآمن إلى كل المواقع الإلكترونية، وتم تطويره من قبل شركة "سيكديف" SecDev الكندية بتمويل من وزارة الخارجية الأمريكية.
وقال رافال روهوزنسكي، مطور البرنامج": ما فعلناه لا يختلف كثيراً عن موجات الأثير إبان الحرب الباردة التي أتاحت للمدنيين خلف الستار الحديدي تلقي معلومات لا يتلقونها من حكوماتهم."
ويرى مراقبون أن الإنترنت هي العامل الأبرز في "الحرب الإلكترونية" في سوريا التي جند لها النظام "جيشاً إلكترونياً، وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، فرض الإتحاد الأوروبي عقوبات على بعض أفراده ضمن 18 مسؤولاً سوريا اتهمهم التكتل الأوروبي بالتورط في الانتهاكات المزعومة لنظام دمشق.
وشرح روهوزنسكي: الجيش السوري الالكترونية هم في الأساس مجموعة من الهاكرز أسست حول النادي السوري للمعلوماتية وكان في وقت ما تحت رعاية الرئيس السوري بشار الأسد، عناوين بروتوكول الإنترنت IP تشير إلى أنه ملك الحكومة السورية."
وأضاف روهوزنسكي: "انهم مسؤولون عن عدد من عمليات القرصنة العالية المستوى ضد أهداف مختلفة من بينها حركات المعارضة السورية."
وتضم ترسانة أسلحة تقنية المعلومات بحوزة الحكومة السورية لإحكام سيطرتها على تدفق المعلومات أجهزة مراقبة وبرمجيات تجسس مطورة بواسطة شركات غربية، وأخرى أمريكية، حظرت عليها واشنطن بيع تقنية لدمشق دون تلقي ترخيص منها سلفاً.
وفي هذا الصدد قالت ماريتجي شاكي، عضوة البرلمان الأوروبي: "لا يمكننا التغاضي عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان الناجمة عن استخدام التقنيات الغربية.
وقالت شاكي، التي دعت إلى تحقيق موسع حول دور المعلومات وشركات التقنية في دول مثل سوريا: هذه التقنيات يمكن أن تكون فعالة كالأسلحة.
وتطرقت إلى حوادث أشار فيها ناشطون معتقلون إلى مواجهتهم أثناء الاستجواب بنص للمحادثات أجروها هو دليل على تنصت إلكتروني على الاتصالات.
وقال دبلوماسي غربي في أنقره إنه عشية عقد مؤتمر مقرر عبر الإنرنت بين المعارضة السورية في تركيا ومنشقين داخل سوريا، تعرض عدد من المشاركين السوريين لحملات دهم أمنية.
وتتهم سوريا الحكومات الأجنبية بتهريب أدوات الاتصالات عبر الحدود وتقوية شارات بث الهواتف المحمولة ما يتيح للمعارضة استخدام هواتف أجنبية داخل الأراضي السورية.
كما تتهم الحكومات الأجنبية ووسائل إعلام دولية كقناة الجزيرة وCNN وبي بي سي البريطانية بمساعدة وتحريض "الجماعات الإرهابية المسلحة"، وهو الوصف الذي يطلقه النظام على التحرك الشعبي المعارض.
ومؤخراً، نشرت وكالة الأنباء الرسمية، سانا، صورا لتقنيات أقمار صناعية، زعمت إانها مستخدمة من قبل الجيش الأمريكي والإسرائيلي، ضميفة: "وجود هذه الأجهزة في سوريا مؤشر واضع على تورط هذه الدول.. لدعم الإرهابيين في سوريا بالإنترنت المتقدم وأنظمة الاتصالات."
ويذكر أن الولايات المتحدة قد أبدت دعمها العلني لحرية استخدام الإنترنت حول العالم، كما دعمت تطوير تقنيات التشفير لاستخدامها في الدول المتسلطة، من بينها البرنامج الكندي "سيفون" المستخدم حاليا في سوريا.