دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- شهدت العديد من المدن السورية احتجاجات حاشدة، فيما يُعرف بـ"جمعة الغضب"، للمطالبة بالتغيير الديمقراطي، ووقف الأعمال العسكرية ضد المتظاهرين، فيما أفاد شهود عيان بسقوط 16 قتيلاً برصاص قوات الأمن في درعا، كما أعلن الجيش السوري مقتل أربعة من عناصره وخطف اثنين آخرين، في هجوم على نقطة عسكرية في المدينة ذاتها.
وذكر شاهد عيان في تصريحات لـCNN أن قوات الجيش فتحت النار على آلاف المحتجين المناوئين لنظام الرئيس السوري، بشار الأسد، الذين خرجوا في عد من القرى القريبة من مدينة درعا الجمعة، مما أسفر عن مقتل 16 شخصاً، على الأقل، وإصابة عشرات آخرين.
كما أفادت مصادر إعلامية ومواقع المعارضة السورية بنزول مظاهرات في عدة مدن، بينها حمص وحماة، وأحياء في العاصمة دمشق، والضواحي المجاورة لها، وكذلك مدن مثل دير الزور، وبانياس، ضمن أكبر احتجاجات يواجهها نظام الرئيس بشار الأسد، منذ توليه السلطة خلفاً لوالده عام 2000.
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" عن مصدر عسكري مسؤول قوله: "قامت مجموعة إرهابية مسلحة فجر اليوم (الجمعة)، بمداهمة نقطة عسكرية تابعة لوحدات الجيش في درعا، ما أدى إلى استشهاد أربعة من أفراد النقطة العسكرية، واختطاف اثنين."
وصرح مصدر عسكري مسؤول قائلاً إن وحدات الجيش في مدينة درعا "تتابع مهمتها بملاحقة فلول المجموعات الإرهابية المتطرفة المسلحة والتصدي لها، مستعيدة الهدوء إلى أحياء المدينة"، وفق بيان للجيش السوري.
واتهم المصدر من وصفها بـ"أبواق الضخ الإعلامي المغرض لفضائيات أجنبية وناطقة بالعربية، بث سمومها الدعائية الكاذبة"، وأشار إلى أنه من ضمن هذه الأمور أعداد القتلى، وكذلك عدد أعضاء حزب "البعث"، الذين ذكرت تقارير إعلامية أنهم قدموا استقالاتهم من الحزب.
وقال المصدر: "نتساءل عن المصادر التي اعتمدتها تلك الفضائيات، فإننا نؤكد كذب ادعاءاتها، سواء لجهة انسحاب حزبيين، أو لجهة عدد الضحايا والشهداء."
كما نقلت الوكالة الرسمية عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية قوله إن "مجموعات إرهابية متطرفة، هاجمت عناصر قوى الأمن الداخلي في درعا، ما أدى إلى إصابة المقدم عمار صوفان، والشرطي أحمد برتاوي"، دون أن تكشف مزيداً من التفاصيل بشأن تلك الهجمات، التي قالت إنها وقعت مساء الخميس.
وأفادت، نقلاً عن نفس المصدر الأمني، بأن "مجموعة إرهابية متطرفة، هاجمت مساء أمس الأول (الأربعاء) موقعاً للقوى الأمنية في منطقة تل كلخ بحمص (المحاذية للحدود اللبنانية)، ما أدى إلى استشهاد المساعد أول حسن عبد الكريم عباس، إثر تعرضه لطلق ناري في منطقة الخاصرة، والشرطي يوسف خليل حمود، بطلق ناري في منطقة الرقبة، إضافة إلى إصابة خمسة من عناصر قوى الأمن والشرطة."
ووجهت وزارة الداخلية السورية دعوة إلى السكان للامتناع عن النزول للشارع، والقيام بأي مسيرات أو تظاهرات أو اعتصامات تحت أي عنوان كان، إلا بعد أخذ موافقة رسمية على التظاهر.
الجيش يمنع صلاة الجمعة في درعا
وأفاد سكان في مدينة "درعا" بأن قوات الجيش والشرطة أحاطت بمساجد المدينة، ومنعت المصلين من أداء صلاة الجمعة، مما اضطر السكان إلى البقاء في منازلهم، كما انتشر عدد كبير من القناصة على أسطح المنازل، بهدف التصدي لأية احتجاجات محتملة في المدينة التي يحاصرها الجيش.
وقال أحد السكان لـCNN إن مجموعة تضم ما بين 500 600 متظاهر، حاولوا تنظيم احتجاج في أحد شوارع المدينة بعد ظهر الجمعة، إلا أنهم سرعان ما تفرقوا بعد قيام قوات الجيش بإطلاق النار في الهواء.
وبحسب تقديرات المعارضة السورية، فقد ارتفع عدد الضحايا الذين سقطوا منذ بدء الحصار العسكري على درعا، إلى 50 قتيلاً على الأقل، في الوقت الذي يزداد فيه الوضع الإنساني سوءاً بسبب نقص الخدمات، بعد قطع المياه والكهرباء عن المدينة المحاصرة.
تركيا "محرجة" من تحالف أردوغان والأسد
من جانب آخر، تتسارع الخطوات التركية باتجاه سوريا في الساعات الأخيرة، في محاولة من أنقرة لتدارك الوضع في جارتها الجنوبية، حيث وصل وفد تركي إلى دمشق الخميس، "لتبادل الآراء"، برئاسة مدير جهاز المخابرات هاكان فيدان.
ترافق ذلك مع انعقاد مجلس الأمن القومي، برئاسة الرئيس التركي عبدالله جول، وشارك في الاجتماع سفير تركيا في دمشق، "لمناقشة مستجدات الاضطرابات في سوريا"، بعدما استدعته أنقرة للاطلاع منه على الأوضاع.
وخرج المجلس بعد اجتماعه ببيان دعا فيه أجهزة الأمن السورية إلى ضبط النفس في مواجهة المحتجين، كما دعا الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى تطبيق إصلاحات واسعة وسريعة في النظام.
وتعتبر الأوضاع الحالية في سوريا مثار قلق لتركيا، وإحراج شخصي لرئيس وزرائها، رجب طيب أردوغان، الذي ساعد على نقل علاقات البلدين من شفير الحرب، على خلفية دعم دمشق للمنشقين الأكراد قبل عقدين، إلى التحالف القوي الذي توجته عطلات عائلية مشتركة، كان الزعيمان يقضيانها في المنتجعات الساحلية التركية.
وينبع إحراج أردوغان من واقع أنه كان قد سارع في بداية ثورة 25 يناير/ كانون الثاني المصرية إلى دعوة الرئيس السابق حسني مبارك، إلى "الاستماع لنداءات شعبه" التي كانت تطالبه بالتنحي، ولكنه لم يصدر مواقف مماثلة حيال الأسد، رغم أن الأخير أرسل دباباته لقمع المحتجين في مدينة درعا المحاصرة منذ أيام.
ودفع هذا الأمر بعض المتخصصين في الشأن التركي، مثل هنري باركي، إلى كتابة مقال نشرته "مبادرة كارنيغي للسلام"، قال فيه إن على تركيا أن تأخذ بعين الاعتبار بأنها قد تكون في بعض الأحيان "على الجانب الخاطئ من التاريخ."
يشار إلى أن CNN لا يمكنها التأكد من صحة المعلومات الواردة من سوريا بشكل مستقل، وذلك بسبب عدم حصول الإعلام الأجنبي على تصاريح للعمل في الدولة العربية.