بيروت، لبنان (CNN) - عاش الشعب اللبناني مشاهد مروعة على مدار 15 عاماً، انقسمت خلالها بيروت إلى شطرين، ضم الأول الأحياء الشرقية المسيحية، بينما شمل الثاني الأحياء الغربية المسلمة. هذه المشاهد والذكريات بالكاد يتذكرها الجيل القديم في لبنان، لكنها مغيبة عن الجيل الجديد في لبنان.
فسارة كوسا، الطالبة بمدرسة الإيمان الإسلامية، تقول: "ندرس تاريخ الحرب العالمية الثانية، ولا ندرس الحرب الأهلية في لبنان."
الصورة الحقيقية للصراع الذي احتدم في لبنان، في الفترة ما بين عامي 1975 و1990، مخلفاً دمارا هائلا وما يقارب 150 ألف قتيل وجريح، غير موجودة تقريباً في ذهن الجيل الجديد في لبنان. فمن الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، توقفت كتب التاريخ اللبناني عن الكتابة في عام 1943، وهو العام الذي استقل فيه البلد رسمياً.
يقول حسان دياب، وزير التعليم اللبناني: "تدريس التاريخ في المناهج الدراسية اللبنانية لا يزال كما كان دائماً، خاضعاً لمصالح الفئات السياسية المختلفة."
وفي ظل وجود أكثر من 18 طائفة دينية مختلفة، وانقسامات سياسية عميقة، تصبح مهمة تأليف كتاب تاريخ لبناني موحد شبه مستحلية، وهو أمر يؤكده داني يونس، مدرس دراسات اجتماعية في إحدى المدارس: "لا أفضل تدريس مادة التاريخ في المدارس، لأنها يمكن أن تسبب بنزاع وطني داخل لبنان. الشعب اللبناني لديه عقليات ووجهاتِ نظرٍ مختلفةٍ، ولا توجد رؤية موحدة يمكننا من خلالها الاتحاد لكتابة كتابِ تاريخٍ موحد."
وبالعودة مرة أخرى إلى الفصول الدراسية، حيث التعطش للعلم والمعرفة، تؤكد مارسيل وهي طالبة تبلغ من العمر 16 عاما،ً أنها تشعر بالإحباط، إذ تقول: "أرى سلبيات كثيرة في عدم معرفة جيلي بتاريخ الوطن، فكيف نتقدم في العمر من دون معرفة حقيقة تاريخنا وكيف بدأ وكيف انتهى، والصراعات التي حدثت؟"
وحتى الأحداث التي جرت في الآونة الأخيرة، مثل الاضطرابات التي وقعت في لبنان عام 2005، وأنهت التدخل العسكري السوري في لبنان أثارت كثيرا من الجدل. ففي مارس/آذار من ذلك العام انقسمت آراء اللبنانيين، إذ تقدم البعض بالشكر إلى القوات السورية على تواجدها في لبنان لمدة 30 عاماً، بينما البعض الآخر رأى ضرورة انسحابها الفوري من البلاد.
يقول حسان دياب: "قد يأتي تسييس وزارة التعليم بالضرر على اللبنانيين وخاصة فئة الطلاب، سواء فيما يخص كتاب التاريخ أو أي مسألة أخرى."
وربما قد وقع الضرر بالفعل، فلو أعطيت الفرصة لسماع الأصوات الشابة سواء في شرقي أو غربي بيروت، سنجد أنها لم تعد منقسمة على النحو نفسه الذي كانت عليه خلال الحرب الأهلية، إلا أنها لا تزال منقسمة على أسس طائفية.
يقول مايكل معلوف طالب بمدرسة الحكمة المسيحية: "نحن رجال سندافع عن أنفسنا، وإن اعترض أحد طريقي سأحاربه بالتأكيد." بينما تقول زينة نعموس، الطالبة بمدرسة الإيمان إسلامية: "بالتأكيد إن هاجمني أحد علي الدفاع عن نفسي، لا أحب الحرب أو القتل، لكن في حال هاجمك أحد يجب أن تكون قادراً على ردعه."
قال الشاعر اللبناني الشهير جبران خليل جبران: "التاريخ لا يعيد نفسه إلا في العقول التي تجهل تاريخها"، ويبدو أن لبنان لا يزال في مرحلة البحث عن تاريخه.