دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في الوقت الذي تحاول فيه دول العالم الضغط بشدة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لإيقاف حملة حكومته ضد المعارضة المطالبة بإسقاطه، تقف إيران إلى جانبه بعزيمة لا تلين، وإصرار أثار تساؤلات المراقبين.
وبينما يذهب كثيرون إلى الاعتقاد بأن وقوف طهران إلى جانب الأسد هو نوع واضح من الاصطفاف الطائفي، ذلك أن نظام الحكم العلوي في سوريا، هو جزء من نظام الحكم الشيعي في الجمهورية الإسلامية، يرى محللون أن الأمر أبعد من ذلك بكثير.
ويقول الدكتور جميل عبد المنعم، وهو باحث متخصص في الشؤون الإيرانية مقيم في لندن، إن لإيران مصلحة في سوريا أكبر من مجرد الإبقاء على نظام حكم من الطائفة الشيعية.
وأضاف لـCNN بالعربية: "سوريا تعد منطقة نفوذ لإيران، وكذلك لبنان، وهي أوراق يحاول النظام الإيراني من خلالها، الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية، بالإضافة إلى استخدام تلك الأوراق ضد مناكفيه الإقليميين، مثل تركيا والسعودية."
وأشار إلى أن "لا مصلحة لإيران في وجود نظام ديمقراطي في سوريا، حتى وإن كان نابعاً من الطائفة العلوية ذاتها، فطهران تحاول الإبقاء على التوازنات الإقليمية، التي تقيها تقلبات السياسة، وتبقيها لاعباً رئيساً في المنطقة."
وتحدث عبد المنعم عن أن الدعم الإيراني أصبح شكلاً من أشكال الوصاية على نظام الأسد، الذي يسانده لاعبون آخرون فاعلون في صناعة القرار الدولي، مثل الصين وروسيا.
وأثير الحديث عن المصلحة الإيرانية القوية في بقاء الأسد، بعد تصريحات نقلتها وكالة "فارس" الإيرانية للأنباء عن حسين طائب، رئيس دائرة استخبارات الحرس الثوري الإيراني، أكد فيها أن بلاده مسؤولة عن "دعم حكومة الرئيس بشار الأسد، وعدم السماح بكسر خط المقاومة."
كما تناقل عدد كبير من وسائل الإعلام العربية تقارير عن وجود مقاتلين من الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وهي تقارير أكدها نشطاء المعارضة في داخل البلاد، بينما نفتها الحكومة السورية بشدة.
في المقابل، يرى أكبري شهيد، الذي يدير موقعاً إلكترونياً للأبحاث في شؤون الشرق الأوسط، أن "التزام النظام الإيراني بدعم الرئيس بشار الأسد لا يتزعزع أبداً، ذلك أن الإبقاء على النفوذ الإيراني في سوريا، المجاورة لإسرائيل، أمر أساسي لطهران."
وأضاف قائلاً: "لبنان وسوريا جارتان لإسرائيل، والنفوذ الإيراني في الدولتين مصلحة قومية وأمنية عليا لطهران، خصوصاً مع تردد الحديث مؤخراً عن احتمال توجيه ضربة إسرائيلية إلى المنشآت النووية الإيرانية."
وتوقع المحلل الإيراني أن "سقوط نظام الأسد قد يضعف ذراع إيران في المنطقة، ويعجل من توجيه ضربة لها، غير أنه قال إن الجمهورية الإسلامية ستفعل ما بوسعها للحيلولة دون ذلك، حتى لو اضطرت لشن حرب أو افتعال أزمة دولية."
وعندما سئل عن تلك الاحتمالات أجاب: "هناك مسألة مضيق هرمز، قد تلجأ إليها طهران، أو قضية الجزر مع الإمارات، أو حتى افتعال أزمة على مستوى الخليج.. الأوراق كثيرة، وقد تضطر إيران إلى استخدامها."
وهددت إيران غير مرة بإغلاق مضيق هرمز، في حال فرض المزيد من العقوبات عليها، وعمدت بشكل روتيني إلى تصعيد لهجتها التهديدية، كلما لمست ضغطاً دولياً متزايداً عليها، بشأن برنامجها النووي، الذي يقلق بالدرجة الأولى إسرائيل، وجيرانها في الخليج.