عمان، الأردن (CNN) -- ثمة روايات تنقل عن أشخاص يدعون أنهم شهود عيان لعروض زواج من لاجئات سوريات تمت مؤخرا في اﻷردن من جنسيات عربية مختلفة، بما فيها الأردنية.
البعض يصف هذا الأمر بـ "الاستغلال" للاجئات السوريات اللاتي اضطررن لترك منازلهن وأحلامهن للعيش في الخيام والتشارك في منازل متواضعة بمناطق مختلفة في الأردن.
بالمقابل نجد من يعتبر الأمر طبيعيا، مشيرا إلى هناك زيجات ناجحة غايتها "الستر" خاصة مع غلاء المهور وارتفاع سن الزواج في الأردن.
ويجمع ناشطون وعاملون في المجال الاجتماعي على أن شيوع تزايد الطلب على الزواج من لاجئات سوريات واستغلال ظروف اللجوء، ظهرت كحالات فردية في مناطق متعددة من المملكة، خاصة مع بداية اندلاع اﻷزمة في سوريا، فيما أكدت دائرة قاضي القضاة اﻷردنية في إحصائية أعلنتها في الثاني عشر من سبتمبر/ أيلول الجاري، عن أن زواج السوريات من أردنيين خلال النصف الأول من العام الجاري كان ضمن المعدلات السنوية الاعتيادية، وبلغ 189 سورية مقارنة بنحو 270 حالة سجلتها المحاكم الشرعية في المملكة العام الماضي.
غير أن الناشطة السورية المقيمة في المملكة آلاء غزال، أطلقت مع مجموعة من الناشطين حملة توعية، لوقف ما أسمته "امتهان اللاجئات السوريات" تحت شعار "لاجئات لا سبايا"، حيث رصدت في جولات ميدانية عروض زواج قدمت للاجئات عبر وسطاء أردنيين في محافظات المفرق ( شرقي البلاد)، ومحافظة معان الجنوبية، لرجال سعوديين قدموا خصيصا للبحث عن سوريات للزواج.
وتقول الناشطة غزال، إنها جالت على مدار خمسة أيام في محافظة المفرق نهاية شهر يوليو/ تموز المنصرم، زارت خلالها عائلات سورية عديدة تلقت بناتهن الصغيرات، عروضا بالزواج من أردنيين وسعوديين، كان الرفض مصير غالبية تلك العروض.
بينما اضطرت عائلة إسراء، 18 عاما، المتواجدة في محافظة معان إلى تزويجها من شاب أردني بعد طلبات متكررة منه، بحسب غزال، دون مهر يذكر، سعيا لتأمين حياة مستقرة لها أسوة بشقيقات سبقنها بالزواج قبل أحداث الثورة.
إلا أن غزال تشير إلى أن إسراء، القادمة من دير الزور، تعاني من مشاكل عائلية متعددة مع زوجها، إحدى أسبابها ادعاء الزوج بأن إسراء لم تكن عذراء حين تزوجها، لكنها اليوم تعيش معه دون شكوى.
وتؤكد غزال أن انتشار طلبات الزواج من سوريات قد انحسر بشكل ملحوظ مع تزايد الوعي لدى العائلات السورية بتفضيل عدم تزويج بناتهن في ظروف مهينة، فيما أشارت إلى أن الكثير من طلبات الزواج في المفرق تقدم بها سعوديون عبر وسطاء أردنيين قوبلت بالرفض.
ولا يشكل الزواج بحد ذاته من لاجئات سوريات مأخذا بحسب غزال، إذ تقول إن "وقوع حالات فردية بعينها أثر سلبا على صورة اللاجئات السوريات،" فيما لفتت إلى أن حملتها تسعى إلى التوعية بقضية زواج اللاجئات، وأن أي زواج لا بد أن يضمن حقوق المرأة الكاملة، ودون التعرض ﻷية ضغوط.
وترى غزال أن على المنظمات الدولية والمعنية بشؤون اللاجئين والجهات التطوعية، القيام بحملات توعية في أماكن تجمع اللاجئين، خاصة فئة اﻷمهات.
الناطق الرسمي باسم مخيم الزعتري للاجئين السوريين، أنمار الحمود ، يرى من جهته أن تهويلا رافق بعض التقارير الإعلامية التي تتحدث عن استغلال اللاجئات في الزواج، مستشهدا بالتقارير الرسمية التي تؤكد أن معدل زواج السوريات في اﻷردن هو ضمن المعدل الطبيعي.
ويقول الحمود لموقع CNN بالعربية إن "المخيم لم يشهد أية حالات زواج غير مألوفة،" مشيرا إلى أن حالة زواج بين سوري وسورية تم الاحتفاء بها الأسبوع الماضي، وأن القوانين اﻷردنية المعمول بها يجري تطبيقها على أية حالات زواج، وكذلك عملية الدخول إلى المخيم من أي زوار من الخارج ومعرفة أسباب الزيارة وتوثيقها.
ووسط تردد أنباء عن إقامة عرس جماعي في المخيم لخمسين عريسا وعروسا خلال أيام، قال الحمود: "ليس هناك ما يمنع من إتمام هذا الزواج الجماعي، والمجتمع السوري محافظ بطبعه كما هو الحال في المجتمع اﻷردني."
وقال: "قد يفسر الزواج الجماعي على أنه ردة فعل على المحاذير التي يتم تداولها بشأن تزويج اللاجئات، لكن ليس هناك ما يمنعه. ولو كان الحديث عن زواج حالات فردية لكان اﻷمر لربما أكثر اعتيادية."
جمعية الكتاب والسنة، إحدى الجهات الرئيسية المشرفة على تقديم المعونات والمساعدات للاجئين السوريين، والتي تخدم نحو مائة ألف منهم منذ بداية اندلاع اﻷزمة، بحسب رئيسها زايد حماد، قلل من وصف زواج اللاجئات بـ"الإكراه كظاهرة."
وفي حديثه لموقع CNN بالعربية، لم ينف حماد تسجيل حالات زواج لسعوديين من سوريات بلغت ما بين 10- 15 حالة مع بدايات اﻷزمة.
إلا أن حماد لفت إلى أن "الجمعية تلقت طلبات من أردنيين للزواج من سوريات، بلغت نحو 500 طلب زواج، وجميعها حاليا منظورة أمام الجمعية، لكنها تتحفظ على السير بها قدما."
ويقول حماد: "القضية لا تشكل ظاهرة، ونحن لدينا ثلث نسبة اللاجئين الإجمالية، وبمعرفة الجمعية لم يتم تسجيل حالات زواج سوى القليل.. لكن أنا أؤكد أن هناك مافيا حاولت بالبداية الاتجار بزواج لاجئات، لكن تم كشفهم وايقافهم، وكان من بينهم مجموعات سورية يروجون لهذا الزواج من خلال توزيع صورهن بمبالغ معينة لكن تم ضبطهم."
ويستطرد حماد في حديثه بالقول، إن "الظروف في سوريا أفرزت العديد من الإشكاليات في دول اللجوء، من بينها استغلال فئة قليلة من اللاجئين السوريين الظروف القائمة، كبيع المواد التموينية التي تصلهم كمساعدات للأردنيين أو استدرار العطف من الجهات الداعمة في العلاج والمبالغة في ذلك."
ويشير حماد إلى أن هناك بالفعل رغبة لدى العديد من الشباب الأردنيين بالزواج من سوريات بدوافع الاستقرار الحقيقي، في الوقت الذي يعاني منه الشباب من غلاء المهور في المملكة، وارتفاع كلفة الزواج والشروط التي تطلبها العائلات الأردنية."
وقال: "هناك رغبة لدى السوريات وكذلك الأردنيين ولا عيب في ذلك... لكن درءا للشبهات نشدد على تلك الطلبات، وحتى الآن لم نوافق على زواج إلا 10 أردنيين من سوريات."
ويقيم في المملكة ما يزيد عن 200 ألف لاجئ سوري، فيما يقيم نحو 33 ألف لاجئ في مخيم الزعتري للاجئين.