طرابلس، ليبيا (CNN) -- كشفت مفوضية الانتخابات الليبية المزيد من النتائج الأولية لانتخابات المؤتمر الوطني العام على مستوى القوائم، تأكد معها التقدم الكبير لتحالف القوى الوطنية، برئاسة محمود جبريل، أمام حزب "العدالة والبناء" المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، ما دفع إلى الواجهة النقاش حول أسباب هذه الحصيلة الاستثنائية بين دول الربيع العربي حتى الآن.
وبحسب رئيس المفوضية، نوري العبار، فقد أظهرت النتائج الأولية لنسبة كبيرة من صناديق الاقتراع في دائرة (بنغازي، توكره، الأبيار، قمينس، سلوق) تقدم "تحالف القوى الوطنية" على باقي الكيانات.
وأشار العبار إلى أن "التحالف" حصل على أكثر من 95 ألف صوت، بينما لم يتجاوز نصيب حزب "العدالة والبناء" في الدائرة نفسها 16 ألف صوت.
كما حقق التحالف تقدماً كبيراً في دائرة (شحات، البيضاء، المرج، قصر ليبيا) بحصوله على أكثر من 47 ألف صوت، بينما لم يحصل حزب "العدالة والبناء" في الدائرة على أكثر من 6400 صوت.
وأشار رئيس المفوضية إلى أن "تحالف القوى الوطنية" حصل كذلك في دائرة (صرمان، صبراته، العجيلات، زواره، زلطن، رقدالين) على ما يفوق 34 ألف صوت، في حين نال "حزب العدالة والبناء" قرابة 6500 صوت، وفقاً لوكالة الأنباء الليبية.
وتضاف هذه النتائج إلى ما كان العبار قد أعلنه سابقاً من أرقام أولية أظهرت تقدم "التحالف الذي يترأسه جبريل (الرئيس السابق للمكتب التنفيذي التابع للمجلس الوطني الانتقالي) في عدد من مراكز الاقتراع بدائرة طرابلس.
أما في دائرة مصراته، فقد تقدمت قائمة "الاتحاد من أجل الوطن" تلاها حزب "العدالة والبناء،" وفي مدينة زليتن أيضا سجل تقدم لتحالف القوى الوطنية، على حساب "العدالة والبناء."
وتتنافس القوى السياسية الليبية على 200 مقعد في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بينها 80 مقعداً للقوائم و120 مقعداً للنظام الفردي.
وناقشت مجلة "تايم" الشقيقة لـ CNN عبر مقال للكاتبة أبيغيل هوسلوهونر المفارقات البارزة في الانتخابات الليبية، وخاصة حصول الإسلاميين على نسبة متدنية من الأصوات، بخلاف ما جرى عليه الحال في سائر دول الربيع العربي، وخاصة تونس ومصر.
وأشارت الكاتبة أن ليبيا قدمت نموذجاً غير اعتيادي منذ البداية، إذ خاض شعبها مواجهة مسلحة ضد النظام في وقت كانت الثورات تقتصر في دول أخرى على مظاهرات سلمية، كما قام الثوار بإسقاط النظام بأكمله، عوض الاكتفاء بإطاحة الرئيس، كما حصل في دول أخرى.
وأضافت هوسلوهونر أن الأمر - رغم غرابته - له ما يبرره، إذ أن التصويت على أساس قبلي أو عائلي يلعب دوراً كبيراً في خيارات الليبيين، بما يتجاوز الانقسامات الأيديولوجية التقليدية، كما أن حداثة التنظيمات السياسية الإسلامية جعلتها بموضع ضعف أمام التحالف الذي قاده جبريل، وضم فيها شخصيات معروفة في مناطقها ومدنها.
كما أن التنظيمات الإسلامية في ليبيا لم تتمكن من العمل بشكل علني طوال العقود الماضية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، وكانت أجهزة الأمن الليبية تطارد الإسلاميين والملتحين، بخلاف ما كانت الحال عليه في مصر، فرغم قرار حل الجماعة، إلا أنها كانت تقوم بنشاطات خيرية واجتماعية، كما كان أنصارها يخوضون الانتخابات البرلمانية خلال حقبة الرئيس السابق، حسني مبارك.
وتضيف الكاتبة أن التقارير حول حصول التنظيمات الإسلامية على تمويلها من دول خليجية، مثل قطر، ساعد أيضاً على الإضرار بصورة الإسلاميين، إذ أن ذلك أثار حفيظة الكثير من الليبيين الذين اعتبروا ذلك تدخلا بشؤونهم الداخلية.
ونقلت هوسلوهونر عن ناشط بجمعية أهلية لم تذكر اسمه أن فوز جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر وتونس كان له ارتداد سلبي على الناخبين الليبيين الذين أرادوا إيصال رسالة تفيد بأنهم شعب مستقل ولن يكون جزءا من "إمبراطورية" أكبر تضمه مع الدول المحيطة به.
ويواجه جبريل بدوره الكثير من الانتقادات، وخاصة من قبل أولئك الذين كانوا معه في المجلس الوطني الانتقالي، إذ يُتهم بأنه قاد عملية انتقالية مليئة بالشوائب والفساد، كما أنه ارتبط بعلاقات قوية مع نظام العقيد معمر القذافي، الذي عمل معه بمنصب مستشار اقتصادي لسنوات، قبل أن ينشق عنه في بداية الثورة.