CNN CNN

الأردن: "تعبئة" بين الدولة والإخوان تستبق "جمعة الإنقاذ"

السبت، 06 تشرين الأول/أكتوبر 2012، آخر تحديث 16:01 (GMT+0400)
 من مسيرة احتجاجية سابقة للمعارضة الأردنية

 

عمان، اﻷردن (CNN)-- تعيش الأوساط السياسية الأردنية حالة تجاذب سياسي غير مسبوقة، قبل أيام من موعد مقرر لخروج جماعة "الإخوان المسلمين"، مع قوى سياسية شعبية وعشائرية أخرى، في مسيرة وصفت بالأكبر منذ انطلاق الحراك الشعبي، يوم الجمعة المقبل، فيما شهدت وسائل الإعلام تراشقات واتهامات وتحذيرات، من جهات رسمية، من وقوع "صدامات" محتملة.

وعزا مراقبون سياسيون، تحدثوا لـCNN بالعربية، تلك التجاذبات إلى مساعي المعارضة إلى تنظيم مسيرة هي اﻷكبر، عقب فشل  مبادرات شبه رسمية للتحاور معها، بشأن المشاركة في الانتخابات، وسط نفي اﻹخوان سعيهم ﻹفشال الانتخابات كهدف بحد ذاته.

ومن المتوقع أن ترفع المسيرة، بحسب المنظمين، شعار "التعديلات الدستورية" المفضية إلى التقليص من صلاحيات الملك مجدداً، وهو ما اعتبرته مؤخراً شرطاً للمشاركة في العملية السياسية، وليس مطلباً.

وتمركزت المخاوف حول الشكل غير التقليدي، الذي أعن عنه منظمو المسيرة للتظاهر، بما في ذلك الحديث عن نشر سيارات إسعاف محيطة بمنطقة المسيرة، رغم التأكيد على أنها للحالات الصحية الطارئة.

وأعلنت اللجنة التحضيرية للمسيرة، التي ستحمل مسمى "إنقاذ الوطن"، في بيان لها الاثنين، عن مشاركة ما يزيد عن 80 حراكاً شعبياً وعشائرياً في المسيرة، التي حددت منطقة وسط البلد في العاصمة عمان، نقطة التجمع الرئيسية فيها.

وحذرت قيادات إخوانية من استمرار "التحشيد" ضد المسيرة، التي قال عنها المراقب العام الأسبق، سالم الفلاحات، إنها لن تكون الأولى ولا اﻷخيرة، فيما أكد بيان للجنة التحضيرية أنها ستشكل "نقطة مفصلية" في مطالب الإصلاحيين في تاريخ البلاد.

المسيرة، التي تبنى المكون السياسي المعارض اﻷبرز في البلاد فكرتها في وقت مبكر، تتقاطع مطالب منظميها، بحسب بيانها المعلن، في مطالب إصلاحية ذات طابع سياسي، في مقدمتها التعديلات الدستورية، وتغيير قانون الانتخاب، وأخرى متعلقة بمحاربة الفساد، وإطلاق معتقلي الرأي.

وذكرت مصادر مطلعة لـCNN بالعربية، أن أربع نقاط رئيسية في المملكة ستشكل نقطة انطلاق المشاركين، للتمركز أمام "ساحة الجامع الحسيني" في وسط عمان، وبعكس مسارات الفعاليات السابقة، التي كانت تنطلق من الحسيني، باتجاه ما يعرف بـ"ساحة النخيل."

ورغم تطمينات الحركة الإسلامية بـ"سلمية" المسيرة، ونفيها تبني مسميات كـ"غزوة بدر الكبرى"، و"الزحف المقدس ، إلا أن ذلك لم يمنع من تزايد أجواء التحشيد المتبادل، بين مسؤولين رسميين، وقيادات الحركة.

وحتى قبل قليل من إعداد التقرير، تفاوتت تصريحات الأجهزة أﻷمنية حول آلية تعاملها مع المسيرة، بين عدم صدور قرارات بشأن ذلك، وبين قرار عدم حماية المسيرات التي ستخرج الجمعة.

ونقلت تصريحات إخوانية سابقة عن حشد نحو 50 ألف مشارك في المسيرة، فيما لوحت مجموعات مناوئة لقوى المعارضة، بالخروج في مسيرة مضادة بالآلاف أيضاً.
في اﻷثناء، نفي الناطق الرسمي باسم الحكومة، سميح المعايطة، وجود أي توجهات حكومية لمنع المسيرة، مؤكداً تعاطيها معها كأي فعالية أخرى، ملتزمة بالسلمية.

لكن المعايطة حمَّل جماعة اﻹخوان، في تصريح لـCNN بالعربية، مسؤولية التحشيد للمسيرة، وقال: "لن يكون هناك منع على مستوى الحكومة والدولة، لكن حالة التوتر والتحشيد هي من جهة الإخوان، والتعبئة الإعلامية، خاصةً فيما يتعلق بالعدد والمسميات.. لا يوجد مسيرة تعرف مسبقاً أعداد المشاركين."

وعزا المعايطة تناقل أنباء عن عدم حماية المسيرة، إلى اتهامات الحركة لقوى اﻷمن برعايتها لـ"البلطجية"، مؤكداً أن الدولة اﻷردنية ستوفر الحماية، باعتبارها "دولة ملتزمة وهادئة"، بحسب قوله.

وفي الإطار ذاته، قال مراقبون إنهم يروون غموضاً يحيط بأهداف المسيرة، التي جاءت عقب إعلان الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات، قبل أيام، تمديد فترة عملية التسجيل للناخبين لفترة ثانية، والتأكيدات الملكية على إجراء الانتخابات نهاية العام الجاري.

وعبر المحلل السياسي في صحيفة "الغد" اﻷردنية، فهد الخيطان، عن أن "إصرار الحركة الإسلامية" على تنفيذ المسيرة في هذا الوقت، هو أمر غير مفهوم، في الوقت الذي أتيحت الفرصة أمامها للدفع بعملية الإصلاح مؤخراً، حيث تبنى رئيس الوزراء الأسبق، فيصل الفايز، مبادرة للحوار معها بشأن المشاركة.

وعن "خيار قمع المسيرة"، أو الصدام مع اﻹخوان، استبعد الخيطان لجوء أجهزة الأمن إلى ذلك، مشيراً إلى أن العاصمة عمان لا تحتمل حشد أعداد كبيرة.

وأضاف: "بالنسبة لي.. أهداف المسيرة غامضة، رغم التطمينات.. وهي تواجه أزمة، ﻷن الفرصة كانت متاحة للدفع بالإصلاحات.. أعتقد أن الدولة ستدفع بتقليل أعداد المشاركين، بوسائل الضغط المتاحة، أما الصدام فسيقود البلاد إلى نتائج كارثية."

ورغم معلومات مسربة، حصلت عليها CNN بالعربية، أفادت بأن الحركة الإسلامية تسعى إلى "زيادة مطالبها في التعديلات الدستورية، في وقت لاحق"، نفت قيادة الجماعة ذلك، رافضة اتهام الحركة بإثارة المخاوف.

ورفض القيادي البارز في الإخوان، زكي بني ارشيد، اتهام الحركة بسعيها ﻹفشال الانتخابات المقبلة، بسبب توقيت تنظيم المسيرة، قائلاً إن "الهدف من المسيرة هو إصلاح الانتخابات، وليس إفشالها."

ورد بني ارشيد على توقعات مراقبين بإعادة إنتاج المسيرة على مستوى حجم المشاركين، أو حصرهم بأعضاء الجماعة، بالنفي، وأضاف لـCNN بالعربية أن "هدفنا تحقيق مطالب وليس زيادتها.. هي مسيرة حضارية سلمية، وأي توجه ﻹعادة إنتاجها، سيكون لجهة مضاعفة أعدادها."

كما نفى بني ارشيد سعي الحركة إلى المطالبة بمزيد من التعديلات الدستورية المتعلقة بصلاحيات الملك، مشدداً على ضرورة تحقيقها أولاً.