عمان، الأردن (CNN) -- اندلعت مواجهات عنيفة بين قوات الدرك الأردنية وقوى معارضة وسط العاصمة عمان، مساء الأربعاء، بعد يوم من قرار حكومي برفع أسعار مشتقات النفط في البلاد.
 
وجاءت المواجهات عقب تصريحات أمنية بمنع وصول أي محتج إلى ميدان جمال عبدالناصر "دوار الداخلية،" الذي كان مسرحا لاعتصام يوم الثلاثاء احتجاجا على القرار الحكومي.

وذكرت مراسلة CNN بالعربية إن اشتباكات وقعت في بعض مناطق العاصمة تخللها إطلاق قنابل غاز مسيلة للدموع ورش مياه من الخراطيم، وحرق إطارات سيارات، خصوصا في ميدان "الشهيد فراس العجلوني،" القريب من "دوار الداخلية."

وفي وقت سابق شهدت محافظات المملكة الأردنية حالة من الفوضى والإرباك والاحتجاجات العفوية، التي انطلقت فور إعلان الحكومة الأردنية ليل الثلاثاء الماضي رفع أسعار المحروقات بنسبة تتراوح بين 14 -54 في المائة، فيما أعلنت قطاعات واسعة الأربعاء إضرابات عمالية في مقدمتها نقابة المعلمين الأردنيين.

وهتف المتظاهرون "بإسقاط النظام" ورفعوا لافتات تندد بحكومة عبد الله النسور، تحت عنوان ثورة الجياع، وهتفوا بالقول: "إحنا الشعب خط أحمر يسقط يسقط حكم الأزعر،" و"الشعب يريد إسقاط النظام،" و"مال الأردن راح وين اسمع اسمع عبد الله واحنا بيحمينا الله،" في إشارة إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.

وجاءت الاحتجاجات وسط تحذيرات مراقبين وسياسيين واقتصاديين، من حدوث "انفجارات اجتماعية،" وحدوث ثورة شعبية على غرار ثورة الخبز التي شهدتها البلاد نهاية الثمانينات.

ودعا مراقبون إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني بشكل عاجل، وتجميد القرار، وإجراء حوار مع القوى السياسية والمعارضة.

ورأى الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية الدكتور محمد أبو رمان، أن الأزمة التي تمر بها البلاد مركبة "اقتصادية وسياسية،" مشيرا إلى أنها اخطر "من هبة نيسان،" وهي انتفاضة شعبية جرت في نيسان/أبريل من عام 1989 احتجاجا على رفع أسعار الخبز.

وقال لـCNN بالعربية، إن الدولة وقعت في مأزق برفع الأسعار في الوقت الذي يعاني الاقتصاد الأردني من قرب الانهيار في حال التراجع عن القرار.

وأضاف: "تعاني الدولة من ضحالة في الإدارة السياسية، وهي الآن متورطة أمام انفجار الشارع وأمام انهيار اقتصادي، وما يجري اليوم هو معالم انتفاضة شعبية."

وعن الحلول السياسية السريعة الممكن اتخاذها، رأى أبو رمان ضرورة تجميد القرار كخطوة أولى، ومن ثم الدعوة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني تضم أطياف من المعارضة، والتحاور بكل الملفات العالقة، بما في ذلك ملف الانتخابات.

وقال: "الآن لابد من إعادة النظر في المسار السياسي وتشكيل حكومة إنقاذ وطني.. الوضع اليوم أكثر تعقيدا من 89 بسبب الاحتقان المتراكم وانعدام الثقة بين الشارع والدولة، فهي لم تستمع للشارع. ولابد من حكومة تفتح حوارا للتوافق على قانون انتخاب جديد وتحديد موعد آخر للانتخابات."

من جانبه، رأى الوزير الأسبق المهندس موسى المعايطة، أن التراجع عن قرار رفع الأسعار يعد بمثابة انتحار اقتصادي، إلا أنه شدد على ضرورة اللجوء إلى حل سياسي سريع بفتح حوار مع  المعارضة في البلاد في مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين.

وقال المعايطة: "الوضع ليس سهلا وبصرف النظر عن الجهة المذنبة في هذه الأزمة.. لكن المطلوب حلول عقلانية من الدولة بامتصاص غضب الشارع."

من جهتها، دعت جماعة الإخوان المسلمين، العاهل الأردني إلى التدخل، وإلى "تدارك الأمور" والعودة عن قرار رفع الأسعار.

وطالبت قيادات إسلامية في تصريحات رسمية، تدخلا ملكيا، والدعوة إلى مؤتمر وطني عام.

وأصدرت السلطات الأردنية بيانا صباح الأربعاء، اعتبرت فيه إن أحداث شغب وتخريب شهدتها بعض محافظات المملكة مساء الثلاثاء وفجر الأربعاء، نتج عنها 10 إصابات بأعيرة نارية بين قوات الدرك، إضافة إلى إصابة أربعة مواطنين بعضهم جراء أعيرة نارية.