أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- تضع أزمة غزة وجهود القاهرة لنزع فتيل الأزمة الرئيس المصري، محمد مرسي، أمام موازنة دقيقة لإعادة مصر إلى دورها الريادي بالمنطقة والحفاظ على المصالح العامة الإستراتيجية والاقتصادية للبلاد.
ويلعب مرسي، أول زعيم مصري يتولى السلطة عبر انتخابات حرة، دوراً رئيسياً في محاولة للتوسط من أجل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين في قطاع غزة.
ورغم أن الرئيس المصري، الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة دينية سياسية تتحالف معها حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، يقود شعباً له روابط تاريخية وثيقة وعميقة مع الفلسطينيين، بيد أنه تعهد بالحفاظ على معاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل.
وحول الدور المصري في الأزمة الراهنة، قال فواز جرجس، بروفيسور العلاقات الدولية بجامعة لندن، إن: "مصر لاعب محوري خاصة في هذه اللعبة الدبلوماسية الحالية."
ويمنح انتماء مرسي لجماعة الإخوان المسلمين فرصة للتأثير على حماس، وهو ما لم يتح مطلقاً لسلفه الرئيس السابق، حسني مبارك، الذي ينتمي للمؤسسة العسكرية وعمل على سحق الإسلاميين إبان عهده.
وعقب جرجس بقوله: "حماس تستمع إلى مرسي.. وتتجه في هذه اللحظة إلى مصر، ولهذا برزت مصر كأهم دولة فيما يتعلق بحماس وغزة."
وفي سياق الجهود المصرية للتهدئة بغزة، فوض مرسي رئيس مخابراته، محمد شحاتة، لتولي جهود الوساطة بين حماس وإسرائيل، بعدما لعب الأخير دوراً رئيسياً في إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط، الذي بقى رهينة عند حماس لخمسة أعوام.
وقد أشاد الرئيس الإسرائيلي، شمعود بيريز، بجهود نظيره المصري التي وصفها بـ"البناءة" خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الثلاثاء.
وأضاف بقوله: "آمل استمراره بهذه المهمة الضرورية لكافة الأطراف في الشرق الأوسط."
وأثار مرسي مخاوف الغرب مباشرة عقب توليه الرئاسة، بعد زهاء عام ونصف العام من الإطاحة بسلفه، بتعهده بالعمل لإطلاق سراح رجل الدين المصري، الشيخ عمر عبدالرحمن، الذي يقضي عقوبة بالسجن المؤبد بأمريكا، وزيارته لإيران للمشاركة في قمة دول عدم الانحياز، ليصبح أول زعيم مصري يزور الجمهورية الإسلامية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
إلا أنه اتخذ منبر القمة للتنديد بقوة بنظام الرئيس السوري، بشار الأسد، الحليف الأبرز لإيران، واصفاً إياه بـ"النظام القمعي الذي فقد شرعيته" ودعا لدعم المعارضة السورية في مساعيها للإطاحة بالنظام.
ومع اندلاع العنف في غزة، حمل الرئيس المصري إسرائيل المسؤولية، ووصف القصف الإسرائيلي على القطاع "العدوان السافر على الإنسانية"، واستدعي سفير بلاده لدى الدولة العبرية كما أوفد رئيس الحكومة، هشام قنديل، لإجراء مباحثات في غزة.
إلا أن مواقف مرسي هذه يضعه على طرفي النقيض مع أوروبا والولايات المتحدة وتقديم الأخيرة إعانات اقتصادية وعسكرية لبلاده تصل إلى قرابة 1.3 مليار دولار سنوياً، خاصة وأن واشنطن والغرب قد أبديا دعمهما الراسخ في حق إسرائيل بالدفاع عن النفس.
كما أن مصر بحاجة لأوروبا لإنعاش اقتصادها المتعثر منذ الانتفاضة التي أطاحت بمبارك مطلع عام 2011.
ومع الجهود المصرية المبذولة لإنهاء العنف في غزة، قال جرجس إن مصر الآن "لها رؤية جديدة وسياسة خارجية جديدة.. مصر الآن دولة جديدة.. إنها دولة مختلفة بمنظور دولي مختلف."
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.