القاهرة، مصر (CNN)-- ينظر كثير من المراقبين إلى الخطاب الأخير للرئيس محمد مرسي، على أنه لم يحمل جديداً لتهدئة الأوضاع المتردية في الشارع المصري، حيث أنه لم يستجب لأي من مطالب قوى المعارضة، سواء بسحب الإعلان الدستوري الذي أصدره مؤخراً، وأدى إلى تفجر الأحداث، أو تأجيل الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، الذي ترفضه العديد من القوى والأحزاب السياسية.
إلا أن الخطاب، الذي وجهه مرسي في وقت متأخر من مساء الخميس، تضمن إشارات تحذيرية إلى عدد من معارضيه، الذين قال إنهم يرتبطون بنظام الرئيس السابق، حسني مبارك، كما اتهم جماعات، وصفها أيضاً بأنها مرتبطة بالنظام السابق، بتلقي تمويل من الداخل والخارج، لارتكاب أعمال العنف خلال الأيام الماضية، بعد "الاندساس" في صفوف المحتجين.
وبعد يومين من المصادمات بين معارضي الإعلان الدستوري، ومؤيدي الرئيس الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في محيط القصر الرئاسي، أسفرت عن سقوط سبعة قتلى على الأقل، ونحو 700 جريح، توعد مرسي بمحاسبة هؤلاء الذين استخدموا السلاح، مشدداً على أنه لن يسمح بـ"القتل والتخريب وترويع الآمنين، أو تخريب المنشآت العامة، أو الانقلاب على الشرعية."
وبينما كان مرسي يوجه حديثه عبر التلفزيون الرسمي، هتف عشرات المعتصمين في ميدان التحرير: "إرحل.. إرحل.."، وبعد دقائق من انتهاء كلمته، قام محتجون غاضبون بمهاجمة مقر جماعة الإخوان المسلمين، في ضاحية المقطم، وأضرموا النار به، وقالت الجماعة، على موقعها الرسمي، إن المبنى تعرض لـ"عدوان إرهابي"، وحملت وزارة الداخلية "المسؤولية المباشرة على العدوان."
وقال المتحدث باسم جماعة الإخوان، محمود غزلان، إن نحو 200 ممن وصفهم بـ"البلطجية"، هاجموا المركز العام للجماعة في المقطم، وحاولت قوات الأمن التصدي لهم، إلا أن بعضهم تمكن من دخول المبنى من المدخل الخلفي، حيث قاموا بأعمال تخريب وأضرموا النار فيه، وذكر أن الحريق استمر حتى وقت متأخر من الليل، بينما قالت مصادر أمنية إن الحريق كان محدوداً.
وفي الوقت الذي بدأ فيه الهدوء يعود إلى منطقة قصر "الاتحادية"، بعد انتشار قوات الحرس الجمهوري في محيط القصر الرئاسي، دعت بعض القوى السياسية إلى تنظيم مزيد من المسيرات إلى القصر الجمعة، لتأكيد مطالبها بضرورة "سحب" الإعلان الدستوري، فيما دعت قوى أخرى، محسوبة على التيار الإسلامي، إلى "مليونية" تحت شعار "تطهير الإعلام."
وذكر الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين أن عدداً من "الأحزاب الإسلامية والسياسية والقوى الثورية" دعا جموع الشعب للمشاركة في مليونية "تطهير الإنتاج الإعلامي"، لوقف ما أسمته "الدور التحريضي المشبوه" لهذه القنوات، و"تحرير إرادة الجماهير تجاه الأحداث، والاستحقاقات السياسية الحالية"، وذلك عقب صلاة الجمعة، بمدينة الإنتاج الإعلامي.
من جانبه، كشف حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، عما أسماها "مؤامرة كبرى" لإسقاط الرئيس المنتخب، من خلال دعوة بعض "المتآمرين" لاقتحام قصر الرئاسة، وإعلان "مجلس رئاسي يقفز على الشرعية، ويتجاوز كل الآليات الديمقراطية"، الأمر الذي اضطر الحزب إلى المشاركة في التظاهرات السلمية أمام القصر الجمهوري.
وقال الحزب، الذي كان يترأسه مرسي قبل انتخابه رئيساً للجمهورية، في بيان تلقته CNN بالعربية، إن مشاركته في المظاهرات أمام القصر الجمهوري، مع القوى الوطنية والشعبية، كانت بهدف "حماية الشرعية والمشروعية والإرادة الشعبية"، مشيراً إلى أن المظاهرة استمرت ثلاث ساعات، قبل أن تندلع المواجهات مع من وصفهم بـ"محترفي العنف مدفوعين من بعض رموز النظام السابق."
وجاء في البيان، الذي صدر قبل قليل من توجيه مرسي لكلمته، أن هؤلاء "قاموا باعتداءات وحشية على جموع المتظاهرين السلميين، مستخدمين في ذلك الرصاص الحي والأسلحة البيضاء وقنابل المولوتوف و قنابل الغاز بشكل مكثف، مما أدى لاستشهاد ستة من شباب حزب الحرية والعدالة.. بالإضافة إلى 1493 مصاب، من بينهم 213 أصيبوا بطلقات نارية."
من جانبه، دعا حزب "مصر القوية"، برئاسة المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، أعضاءه لمسيرة سلمية بعد صلاة الجمعة، من مسجد "الأنوار المحمدية" بميدان المطرية، متجهة إلى قصر الاتحادية، للتأكيد على مطالبه وهي "سحب الإعلان الدستوري.. بعد الاتفاق مع مجلس القضاء الأعلى على اسم النائب العام الجديد، وفق قانون جديد للسلطة القضائية يحقق استقلال القضاء."
كما تتضمن المطالب "التحقيق فوراً حول ما حدث في محيط قصر الاتحادية، وتأجيل الاستفتاء على الدستور لمدة شهر على الأقل، إتاحة لحوار وطني حول الدستور، وأيضاً إعادة التوازن لتشكيل الجمعية التأسيسية، وإعادة هيكلة الداخلية وتغيير قيادتها الحالية، وقيامها بدور فاعل في حماية المواطنين ومنشآتهم العامة تحت رقابة جمعيات حقوق الإنسان."
إلى ذلك، دعت نقابة الصحفيين أعضاءها إلى مسيرة حاشدة بعد ظهر الجمعة، من مقر النقابة إلى ميدان التحرير، احتجاجاً على "الاعتداء الغاشم"، الذي نال الصحفي الحسيني أبو ضيف، في أحداث قصر "الاتحادية"، حيث يرقد حالياً بين الحياة والموت بالمستشفى.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.