عمان، الأردن (CNN)-- مفاجأة سياسية جديدة فجرها مجلس النواب الأردني صباح الاثنين، بإدخال تعديلات على مواد قانونية لمشروع قانون الأحزاب السياسية في البلاد، تتجه لحظر تأسيس أحزاب سياسية على أساس ديني، فيما اعتبره حزب المعارضة الأكبر في البلاد "جبهة العمل الإسلامي"، أنه يأتي في سياق حملة ضد الحركة الإسلامية.
ونص التعديل في مشروع القانون الجديد للأحزاب السياسية، المنظور أمام مجلس النواب، على تقديم كلمة "ديني" في حظر التأسيس، ليصبح نص المادة على أنه "لا يجوز تأسيس الحزب على أساس ديني أو طائفي أو عرقي أو فئوي"، بدلاً من إدراج "أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين."
وصوت مجلس النواب الاثنين بأغلبية على المادة القانونية، بعد أن تقدم بها عدد من النواب خلال المناقشات، فيما من المتوقع أن يقر التعديل الجديد صباح الثلاثاء، قبل مروره إلى الغرفة التشريعية الثانية "مجلس الأعيان"، التي قد ترفض التعديل.
واستهجنت قيادات سياسية حزبية إسلامية إدخال مجلس النواب للتعديل، فيما وصف النواب التعديل على أنه "إعادة صياغة للمادة القانونية"، وأنه لا يجوز في ظل الثورات العربية الاستمرار في إنشاء أحزاب على أسسس دينية، تيمناً بالتجربة المغربية والمصرية، بحسب قولهم.
وقال القيادي في حزب جبهة العمل الإسلامي، حمزة منصور، إن التعديل يندرج في إطار استهداف الحركة الإسلامية في البلاد.
واتهم منصور، والذي يشغل موقع الأمين العام للحزب، في تصريح لـCNN بالعربية، من وصفهم "بقوى الشد العكسي" في البلاد، بالوقوف وراء عرقلة الإصلاح السياسي، مستشهداً بإقرار الحكومة لقانون انتخاب "مشوه."
وجاء تعديل المادة القانونية عقب إحالة الحكومة الأردنية لمشروع قانون انتخاب جديد، رفضته الحركة الإسلامية "جملةً وتفصيلاً"، ولوحت بمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة في حال إقراره في مجلس النواب على صيغته المقدمة.
في الأثناء، أعرب منصور عن استغرابه من إدخال التعديل على المادة، في الوقت الذي تنص فيه المادة الأولى من الدستور الأردني على أن دين الدولة هو الإسلام، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن حزب جبهة العمل الإسلامي ليس حزباً دينياً، بل يستند في مرجعيته إلى الدين الإسلامي.
وقال منصور: "هناك حملة موجهة ضد الحركة الإسلامية، تأتي في سياق التعبئة باسم الولاء والانتماء، وهناك تحالف قوى لعرقلة الإصلاح."
وبين منصور أن "حزب جبهة العمل الإسلامي يضم بين منتسبيه أعضاءً من المسيحيين، وهو ما لا يمنعه النظام الأساسي للحزب"، معتبراً أن ملف الإصلاح السياسي في البلاد "تحكمه تحالفات مراكز القوى."
إلا أن النائب الذي تقدم باقتراح تعديل المادة القانونية، استند إلى دراسة قوانين الأحزاب السياسية في مصر والمغرب بحسبه، التي منعت عن إنشاء أحزاب دينية على أساس "ديني."
ونفي النائب والوزير الأسبق الدكتور ممدوح العبادي، في تصريح لـCNN بالعربية، استهداف مجلس النواب للحركة الإسلامية في تعديل المادة، قائلاً: "لا يجوز ونحن في زمن الثورات العربية، الإبقاء على النص كما هو، وما أجريناه هو إعادة صياغة وليس تعديلاً."
لكن العبادي لم يخف نقده للحزب الإسلامي، الذي دعا إلى مسيرة احتجاجية الجمعة الماضية، لرفض مشروع قانون الانتخاب، والتنديد بالفساد، واعتبر في دعوته أن من لا يشارك في المسيرة "يعني رضاه عن قانون الانتخاب وعن الفساد والمفسدين"، بحسب نص الدعوة التي حصلت CNN بالعربية على نسخة منها.
وأضاف العبادي قائلاً: "فليتحمل الإسلاميون النقد الموجه لهم، فلايعقل أن يتهم من لا يشارك في مسيراتهم بتأييد الفساد والمفسدين".. وتابع: "لا يوجد استهداف للإسلاميين، بل هدفنا مواءمة التشريع بطريقة تتلاءم مع تشكيل الأحزاب، والتجربة الحزبية في الغرب لم تعد تحمل مسميات دينية في الأحزاب الجديدة."
وشهدت الأسابيع القليلة الماضية حالة تجاذب سياسي بين الحركة الإسلامية ومجلس النواب الأردني، على خلفية تصريحات لقيادات إسلامية ضد مجلس النواب، ما دعا إلى إصدار الأخير بياناً أعرب فيه عن رفضه لتلك التصريحات.
كما دعت الحركة الإسلامية، عقب الاعلان عن مشروع قانون انتخاب جديد للبلاد مؤخراً، حملة لخلق رأي عام ضاغط رافض لمشروع القانون، وأعلن مجلس الشورى في الحزب (السلطة التشريعية) السبت الماضي، رفضه المشاركة في المشاورات التي يقودها مجلس النواب، المتعلقة بقانون الانتخاب.
وفيما يحمل حزبان، من بين أكثر من 18 حزباً مرخصاً، فقط كلمة "الإسلامي" في التسمية الرسمية، فقد قلل قانونيون من أهمية التعديل، واعتباره "موقفاً سياسياً" لن يؤثر على الانتساب إلى الأحزاب الإسلامية.
وقلل القانوني وعضو لجنة الحوار الوطني، التي انبثق عنها مقترحين لمشروعي قانوني الأحزاب والانتخاب، الدكتور طلال الشرفات، من أهمية التعديل على المادة المتعلقة بإنشاء أحزاب على أسس دينية.
وقال الشرفات إن التعديل يمس الانتساب إلى الأحزاب على أن لا يحصر الانتساب إليها لفئة معينة أو طائفة أو دين معين.
واعتبر الشرفات أن التحذير من إقرار هذه المادة لجهة إلغاء الأحزاب الإسلامية، هو تحذير في غير مكانه، ونكاية سياسية من مجلس النواب، يقصد بها مناورة سياسية، مشيراً إلى أن الأحزاب في الأردن لا تمنع من انتساب أي طائفة أو فئة إليها.