القاهرة، مصر (CNN)-- تواجه مصر جدلا قانونيا كبيرا حول سلطة التشريع بعد قرار رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بعودة البرلمان، رغم الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا في 14 من يونيو/ حزيران الماضي، والقاضي بعدم دستورية بعض مواد قانون انتخاب مجلس الشعب، وذلك في خطوة تهدف لانتزاع تلك السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وما تبعه من صدور قرار من ذات المحكمة بوقف قرار عودة البرلمان.
وتشهد الدولة المصرية حالة من الشد والجذب على سلطة التشريع بين المؤيدين و المعارضين لعودة البرلمان، كل حسب انتمائه، وسط مطالبات بحلول سياسية، حيث يري المؤيدون، وخاصة من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين ذات الأغلبية البرلمانية، أن رئيس الجمهورية لم يخالف قرار المحكمة، ولكنه الغى قرارا إداريا صدر عن المجلس العسكري فقط، واتهم بعضهم المحكمة الدستورية بالتزوير في قرارها.
بينما يرى الجانب المعارض الآخر، أن ما فعله الرئيس يشكل "جريمة بحق دولة القانون وسيادته" وقد تدخل البلاد بصراعات، وعليه الالتزام بأحكام القضاء وإلا سيواجه اتهام بالخيانة العظمى، حيث اقسم على احترام الدستور والقانون.
وتعود الأزمة بمصر إلى الاستفتاء على بعض المواد الدستورية، ثم قانون انتخاب مجلس الشعب والشورى، وتشكيل جمعية تأسيسية دائما محاطة بدعاوى قانونية ترمي إلى بطلانها، ثم حل مجلس الشعب وانتقال التشريع إلى المجلس العسكري وانتخاب رئيس بلا صلاحيات لعدم وجود دستور دائم.
عدد من الخبراء والقانونين أكدوا في تصريحات لموقع CNN بالعربية، أن هذه الأزمة تحتاج إلى مخرج سياسي يتفق عليه جميع الأطراف، ومنهم رئيس الجمهورية، والمجلس العسكري وجميع القوى السياسية، دون المساس بسيادة الدولة والقانون، مع الأخذ بعين الاعتبار الفصل التام بين جميع السلطات.
الدكتورة فوزية عبد الستار، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، قالت إن "حكم الدستورية بوقف قرار رئيس الجمهورية ينفذ تلقائيا ولا يحتاج إلى قرار من الرئيس، ويترتب على تنفيذه عدم جواز انعقاد مجلس الشعب ولا وجود له من الناحية القانونية."
وقالت عبد الستار، إن سلطة التشريع حاليا في يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بموجب الإعلان الدستوري المكمل، بشرط أن لا يصدر أي تشريع إلا بتصديق من رئيس الجمهورية."
وأضافت:" قرارات الدستورية العليا واجبة النفاذ وملزمة لجميع السلطات، حتى رئيس الجمهورية، كما يجب على الأخير أن يلتزم بهذا الحكم، وما يلزم به القانون."
وحول اتهامات بعض محامين جماعة الإخوان المسلمين للمحكمة الدستورية بالتزوير، قالت، " الدستورية تقدمت ببلاغ إلى النائب العام بارتكاب جريمة إهانة القضاء."
ودعت عبد الستار بعض شباب الثورة المطالبين بحل المحكمة الدستورية باحترام القانون، والذي وصفته بأنه أولى الخطوات لبناء دولة الديمقراطية، حيث يترتب على إهداره توليد الاستبداد وإهدار الدولة وحقوق الإنسان والحريات العامة، على حد قولها.
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور جمال زهران، على أهمية إيجاد حل سياسي للخروج من المأزق الراهن، بحيث يتيح للرئيس الحصول على صلاحياته، واحترام دولة القانون والفصل بين السلطات، حيث اقترحت الجمعية الوطنية للتغير بتسليم سلطة التشريع من المجلس العسكري إلى حكومة ائتلافي،ة حتى يتم الخروج من هذا المأزق.
وأكد زهران، والذي كان ضمن من تقدموا بمنازعة أمام المحكمة الدستورية ضد قرار رئيس الجمهورية، "على قدسية الأحكام القضائية والفصل بين السلطات،" لافتا إلى أن الحكم الصادر بيونيو/ حزيران الماضي يبطلان قانون مجلس الشعب، كما اعتبر المجلس باطلا منذ تكوينه وحتى بعد صدور قرار رئيس الجمهورية.
وأضاف زهران، "أن الدستورية كان يمكنها التراجع عن حكمها أو غض الطرف عنه إثناء نظر المنازعة، ولكنها أكدت حكمها بوقف قرار مرسي بدعوة البرلمان إلى الانعقاد، وهو ملزم لجميع السلطات."
وطالب زهران رئيس الجمهورية بالامتثال لقرار المحكمة، حتى لا يواجه دعاوى قضائية تتهمه بالخيانة العظمى، كونه اقسم على الدستور والقانون، موضحا أن الرئيس ليس بحاجة إلى البرلمان، وعليه تجنيب الدولة من الدخول بصراعات من اجل فصيل معين.
من جانبه، اعتبر محامي جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور عبد المنعم عبد المقصود، حكم المحكمة بالمنعدم، حيث طالب بردها لاتهامات خاصة بالتزوير، وكان من المتوقع أن تتنحى عن نظر القضية ولكنها أصدرت الحكم."
وأوضح عبد المقصود، انه سيتقدم ببلاغ إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، يتهم فيه المحكمة الدستورية العليا بالتزوير، "إذ أن الحكم الصادر بيونيو/ حزيران الماضي بشان عدم دستورية بعض مواد قانون الانتخابات أرسل للجريدة الرسمية في 11 وثلاث دقائق، أي قبل أن تنظر المحكمة وتصدق على الحكم وتصدر الحيثيات الخاصة بها،" على حد قوله.
وفيما يتعلق بسلطة التشريع واستمرار جلسات مجلس الشعب، قال إن هذا الأمر يرجع لرئيس الجمهورية، أما فيما يتعلق بموقف الجماعة من الحكم فان ذلك سيقرره مكتب الإرشاد الذي سيعقد اجتماعا لحث هذا الأمر مساء الأربعاء.