عمان، الأردن(CNN)-- وسط حالة من الجدل وانتقادات منظمات حقوقية، أقر مجلس النواب الأردني صباح الثلاثاء، قانونا معدلا لقانون المطبوعات والنشر لسنة 2012، يتضمن فرض قيود غير مسبوقة على عمل المواقع الالكترونية، من أبرزها اشتراط حصولها على ترخيص حكومي، وإمكانية حجبها في حالات معينة.
وقوبل القانون المعدل، الذي أدخلت عليه مواد قانونية تحد من عمل المواقع الالكترونية، باحتجاجات واسعة من قبل ناشري المواقع الالكترونية الإخبارية، حيث أصبح تطبيق القانون ينسحب على المطبوعة الورقية والالكترونية.
ويتطلب دخول القانون حيز التنفيذ موافقة مجلس الأعيان (الغرفة التشريعية الثانية في مجلس الأمة)، الذي أحيل القانون إليه، ومن المقرر البدء بمناقشته الخميس نهاية الأسبوع الجاري.
وتلزم التعديلات المواقع الالكترونية بالتسجيل والترخيص، وتطبيق كافة التشريعات النافذة ذات العلاقة بالمطبوعة الصحفية على المواقع الالكترونية ، على غرار المطبوعة الورقية.
كما يلزم القانون المعدل كل "مطبوعة إلكترونية تنشر الأخبار والتحقيقات والمقالات والتعليقات ذات العلاقة بالشؤون الداخلية أو الخارجية للمملكة"، بالتسجيل والترخيص.
أما فيما يتعلق بحجب المطبوعة، فاقتصرت التعديلات على "غير المرخصة" منها فقط.
الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية سميح المعايطة، قال إن للحكومة الحق في إحالة أي قانون على البرلمان ليسير في قنواته التشريعية.
وأضاف في تصريح لموقع CNN بالعربية:" إن قانون المطبوعات المعدل هو خطوة جديدة على طريق الشفافية.أ ين هو تقييد الحريات الإعلامية، فالغرامات تم تخفيضها، والحجب محصور على المواقع غير المرخصة، وبنص الجواز وليس الوجوب."
وفيما لفت المعايطة إلى أن الحكومة لم تكن ملزمة بالتشاور مع النواب حول أي قانون يدرج على الدورة الاستثنائية، بين أن لدى كل الدول في العالم الحق في حجب أي مواقع تعتبرها "مسيئة" دون إعلان.
وقال:" من حق الحكومة أن تحجب أي موقع مجهول الهوية عن الأردنيين في حال بثه من خارج البلاد، في الوقت الذي لا يمكنني فيه مساءلته قضائيا، بينما لو كان مرخصا ومعروفا سيحال للقضاء، لكن في هذه الحالة يحق لي حجبه محليا."
وشهدت جلسة النواب انسحابات واستقالة أعضاء من لجنة التوجيه الوطني النيابية المعنية بمناقشة مشروع القانون، متهمة رئاسة المجلس بتسريع مناقشته.
واعتبر برلمانيون أن إقرار القانون بأغلبية نيابية جاء لتقاطع مصالح البعض منهم، متهمين الحكومة بـ"تغولها" على السلطة التشريعية، عدا عن ضغوطات من جهات أخرى على البرلمان.
النائب اليساري بسام حدادين، قال في تصريح للموقع، إنه كان من الممكن الاكتفاء بتسجيل المواقع الالكترونية دون إلزامها بالترخيص.
وأضاف معلقا عن حجم التصويت لصالح القانون: "مجلس النواب ليس مستقلا، وإرادته ليست مستقلة، وهو أداة تنفيذية للطبقة الحاكمة، والحكومة ترى فيه مرفقا من مرافقها."
من جهته، أعرب نقيب الصحفيين الأردنيين، طارق المومني عن أسفه وحزنه لإقرار النواب للقانون، مشيرا إلى أن المحاولات مستمرة للتواصل مع الجهات المعنية لرده.
وقال المومني لموقع CNN بالعربية، إن تعديلات القانون تتناقض مع مسيرة الإصلاح وأحكام الدستور، خاصة فيما تعليق بإصدار المطبوعة الصحفية، وحجب الموقع من خلال صلاحية منحت لدائرة المطبوعات والنشر، بدلا من القضاء مباشرة.
واستهجن المومني ما تضمنه القانون من بنود أخرى، والخاصة بالغرامات المفروضة على المطبوعات الصحفية ، مشيرا إلى ضرورة"العمل لمزيد من التشاور بشأنه وإجراء مراجعة شاملة له."
وأعلن ناشرو مواقع الكترونية ونقابة الصحفيين الأردنيين، عن عزمهما اتخاذ خطوات تصعيديه للضغط باتجاه عدم إقرار القانون في مجلس الأعيان، من بينها تنفيذ اعتصام مفتوح الأسبوع المقبل، والاعتصام أمام الديوان الملكي الأردني.
من جانبه، قال رئيس تحرير موقع جو 24 الالكتروني، باسل العكور، إن الأجواء العامة التي فرضتها تعديلات القانون هي "أجواء اعتقال" لحرية الصحافة، مشيرا إلى توافق ناشري المواقع على ضرورة إلغاء التعديلات الأربعة التي أدرجت في القانون.
وقال العكور للموقع:" التعديلات هي تعديلات عرفية وتقيد الفضاء الالكتروني، وتمس أكثر من ثلاثة ونصف مليون مستخدم للانترنت في البلاد ،لأنها توسعت في تعريف المطبوعة."
واستنكر العكور تقييد عمل أي موقع الكتروني، بدءا من الإلزام بالترخيص من الحكومة، ومرورا بالمساءلة حول الأخبار والتعليقات، وانتهاء بالحجب، واصفا ذلك بـأن "الحجب يعني إعدام وسيلة الإعلام."
ونوه العكور إلى أن هناك فروقات بين "عملية التنظيم والتقييد"، مشيرا إلى أن ناشري المواقع تقدموا بمقترحات سابقة للحكومة لكنها رفضت، هدفها تنظيم عمل المواقع من خلال الاكتفاء بالتسجيل في دائرة مراقبة الشركات التابعة لوزارة الصناعة والتجارة، وإشعار المطبوعات بذلك، على أن تكون المساءلة من خلال القضاء.
وقال:" إن الترخيص بحد ذاته يعني القبول والرفض، وهذا مبدأ مرفوض للفضاء الالكتروني، وبخاصة في زمن الربيع العربي."
إلى ذلك، رأت منظمة هيومان رايتس ووتش في بيان لها الاثنين، أن أخطار القانون المقترح على التعبير عن الرأي على الانترنت تنبع من تعريف القانون الفضفاض لـ "المطبوعات الإلكترونية" الخاضعة للقانون، ومن قدرة السلطة التنفيذية على حجب المواقع، والقيود غير المعقولة على المحتوى الإلكتروني، بما في ذلك التعليقات التي ينشرها مستخدمو المواقع.
ويقدر ناشرو مواقع الكترونية عدد المواقع العاملة بنحو 500 موقع إخباري أردني.
يذكر أن آخر مرة عدل فيها قانون المطبوعات والنشر كان في أغسطس/ آب من العام الماضي في عهد حكومة معروف البخيت، بينما يعتبر التعديل الأخير هو السادس من نوعه منذ عام 1998.