دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قالت الخارجية الأمريكية إنها تبحث إمكانية إغلاق سفارتها في سوريا بسب مخاطر أمنية ناجمة عن تزايد تدهور الوضع على الأرض، كما أكد مسؤولون فيها أن السلطات السورية اعتقلت شخصاً يحمل الجنسية الأمريكية بحلب. ميدانياً قتل 21 شخصاً في مظاهرات مناهضة للنظام الجمعة، بينما يتوجه رئيس المجلس الوطني، برهان غليون، إلى القاهرة لدفع الجامعة العربية إلى نقل ملف بلاده لمجلس الأمن.
واشنطن تفكر بإغلاق سفارتها
وقالت الخارجية الأمريكية إنها لم تحسم بعد قرار إغلاق السفارة، ولكن لديها "مخاوف جدية" تتعلق بالوضع الأمني في دمشق، وخاصة تفجيرات السيارات المفخخة أخيراً.
وأضافت الوزارة: "طلبنا من الحكومة السورية اتخاذ إجراءات أمنية إضافية لحماية السفارة، وهي تدرس الأمر حالياً، كما أطلعنا الجانب السوري أنه لن يكون أمامنا من خيار غير إغلاق السفارة إن لم يتم اتخاذ إجراءات حازمة خلال الأيام المقبلة."
وسيكون من شأن إغلاق السفارة الأمريكية في دمشق إضعاف الخيوط الدبلوماسية الأخيرة الباقية بين واشنطن ودمشق مع مغادرة السفير روبرت فورد، الذي أثار سخط دمشق أكثر من مرة بسبب انتقاداته العلنية للقمع الموجه نحو الاحتجاجات وزياراته المتكررة للمناطق الساخنة.
اعتقال أمريكي في حلب
وفي سياق منفصل، أكدت مصادر في وزارة الخارجية الأمريكية أن السلطات السورية أوقفت منذ فترة أحد المواطنين الأمريكيين الموجودين في سوريا، ويدعى عبدالقادر الشعار، دون أن توفر له حتى الساعة فرصة التواصل مع ممثلين عن السفارة الأمريكية.
وقال مسؤول أمريكي طلب عدم الكشف عن اسمه إن الشعار اعتقل على الأرجح في مدينة حلب بالثامن من يناير/كانون الثاني الجاري، ويبلغ من العمر 22 عاماً.
والشعار من مواليد نيويورك وقد عاد مع عائلته إلى حلب قبل أعوام، ويدرس حالياً الطب في جامعة المدينة، وفقاً لما أكده عمه سام الشعار، الذي تحدث لـCNN من ولاية أريزونا الأمريكية، مؤكداً أن عائلة الشاب لا تعرف أسباب اعتقاله.
مظاهرات الجمعة
قالت لجان التنسيق المحلية في سوريا، التي تعمل على متابعة النشاطات الميدانية للمعارضة، إنها وثّقت 455 نقطة تظاهر في جمعة "معتقلي الثورة" كان أكبرها في إدلب والتي خرجت فيها 133 نقطة تظاهر، لتأتي بعدها حماه بـ77 نقطة تظاهر تليها درعا بـ55 نقطة للمظاهرات.
في حمص انطلقت المظاهرات من 44 نقطة، أما في ريف دمشق فوُثقت 39 نقطة تظاهر لتأتي بعدها حلب والتي خرجت فيها المظاهرات من 38 نقطة، 5 منها في المدينة.
وفي اللاذقية خرجت المظاهرات في 19 نقطة، تليها عدداً دمشق والتي سجلت فيها 17 نقطة للتظاهر، ثم دير الزور بـ14 نقطة، ثم الحسكة بـ13 نقطة، كما خرجت المظاهرات في نقطتين في كل من السويداء والرقة.
من جانبها، قالت الهيئة العامة للثورة السورية على موقعها الإلكتروني إنها سجلت سقوط 21 قتيلاً الجمعة برصاص قوات الأمن والجيش، بينهم تسعة في إدلب وأربعة في حمص، وثلاثة في دير الزور، إلى جانب اثنين في حماة وريف دمشق، وقتيل في درعا.
أما وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" فقالت إن أحد عناصر قوات حفظ النظام قتل بدرعا بعدما اختطفته من وصفتها بأنها :مجموعة إرهابية مسلحة،" كما أصيب عنصر أمني آخر بانفجار عبوة زرعتها "مجموعة إرهابية مسلحة" أخرى في حي صلاح الدين بحلب.
يشار إلى أن CNN لا يمكنها تأكيد صحة هذه المعلومات بشكل مستقل نظراً للقيود التي تفرضها السلطات السورية على عمل المراسلين الأجانب لديها.
وقد شهدت سوريا مسيرات احتجاجية حاشدة الجمعة، ضمن ما يُعرف بـ"جمعة معتقلي الثورة"، التي دعت إليها المعارضة، مع انتهاء مهمة بعثة المراقبين التابعة جامعة الدول العربية، وسط أنباء عن سقوط 10 قتلى على الأقل، بنيران قوات الأمن الموالية لنظام الرئيس بشار الأسد.
ونزل عشرات الآلاف من السوريين إلى الشوارع في مختلف المدن السورية الجمعة، للمطالبة بإطلاق سراح آلاف المعتقلين من المعارضة، الذين ألقت قوات الأمن الحكومية القبض عليهم، منذ اندلاع "انتفاضة شعبية" تنادي بإسقاط نظام الأسد، في مارس/ آذار الماضي.
وأفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا، إحدى أكبر جماعات المعارضة داخل سوريا، بسقوط ما يزيد على 10 قتلى خلال المواجهات مع قوات الأمن الجمعة، والتي تجددت قبل ساعات من تقديم بعثة المراقبين تقريرها النهائي إلى الجامعة العربية، حول نتائج مهمتها التي استمرت لأكثر من ثلاثة أسابيع.
غليون يتوجه إلى القاهرة
توجه رئيس المجلس الوطني السوري، برهان غليون، إلى العاصمة المصرية القاهرة ،الجمعة، برفقة عدد من أعضاء المكتب التنفيذي للقاء الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي وعدد من وزراء الخارجية العرب.
ويحمل غليون مطالب المجلس الوطني فيما يخص التقرير الذي رفعته بعثة المراقبين إلى اللجنة الوزارية العربية المعنية بالملف السوري، وفي مقدمتها أن يتضمن "ما شاهده المراقبون من فظائع ارتكبها النظام السوري بحق المدنيين والأهالي في كافة المدن والبلدان، وعمليات القتل بواسطة القناصة والإعدام رمياً بالرصاص في الساحات العامة التي نفذتها كتائب النظام،" وفق بيان المجلس.
كما سيشدد وفد المجلس الوطني على أن يتضمن التقرير نصاً واضحا يشير إلى أن ما ارتكبه النظام وما يقوم به يمثل "جرائم إبادة" بحق الإنسانية و"جرائم حرب" يرتكبها بحق مدنيين عزل، مع التأكيد على أن عدد السوريين الذين قضوا نحبهم برصاص النظام منذ انطلاق المبادرة العربية وصل إلى نحو 2500 مدني سوري، إضافة إلى عشرات آلاف الجرحى والمعتقلين.
ومن المقرر أن يطلب وفد المجلس الوطني السوري من الأمين العام للجامعة والوزراء العرب الذين سيلتقيهم، العمل على نقل الملف إلى مجلس الأمن للحصول على "قرار يتيح إنشاء منطقة آمنة وفرض حظر جوي ويعطي قوة دفع دولية، ويشكل عنصر إلزام يمنع النظام من الاستمرار في قتل المدنيين،" وفقاً للمكتب الإعلامي للمجلس.
ومن المقرر أن يقدم رئيس البعثة، الفريق أول محمد أحمد مصطفى الدابي، تقريره النهائي عن عمل البعثة إلى اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة الوضع في سوريا، والتي من المقرر أن تعقد اجتماعاً بمقر جامعة الدول العربية الأحد، يعقبه اجتماع "غير عادي" لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، مساء نفس اليوم.
وفيما تتردد أنباء عن احتمال تمديد مهمة بعثة المراقبين في سوريا، قال السفير عدنان عيسى الخضير، الأمين العام المساعد بالجامعة العربية، ورئيس غرفة العمليات المعنية بمتابعة أوضاع البعثة، إن هناك مباحثات جارية حالياً بين الجامعة والحكومة السورية حول إمكانية التمديد، دون أن يكشف عن مزيد من التفاصيل.