دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- "أنا أعيش في بلد لا يعطيني شيئا، ويطالبني بكل شيء، يطلب مني أن أخاف، وأسكت.. ولكن عندما بدأت الأحداث الحالية في سوريا، اندهشت لأن والدي أرسل إلي كاميرا، وطلب مني أن أطلع إلى الشارع وأصور. ولم يعرف هذا المسكين أن الشخص الذي يطلع إلى الشارع ويحمل كاميرا.. يقتل."
هذا ما يقوله فؤاد بطل فيلم "سلّم إلى دمشق" للمخرج السوري محمد ملص، والذي عرض في الدورة العاشرة لـ"مهرجان دبي السينمائي الدولي"، وكأنه يذكرنا أن "الشبيحة" موجودون في كل الأمكنة.
يذهب فؤاد إلى مقبرة فيها قبر السينمائي الراحل عمر أميرلاي، ويجلس إلى جانب القبر، ويقول "انكسر الخوف، طوفان يا عمر طوفان."
اقرأ أيضا..بن معاطي: وسائل التواصل الاجتماعي انتهت بتونس
أما أحداث الفيلم فتدور في بيت دمشقي قديم، حول إلى بيت للطلبة، وقد يمثل رمزاً لسوريا قبل الأزمة، حيث كان يتعايش فيها الشباب الذين ينتمون إلى مختلف المناطق والطوائف. قد يبتعد "الدار" التقليدي بعض الشيئ عن صورة الواقع حاليا،ً ويشكل حالة نوستالجيا للأيام القديمة، التي سبقت الأزمة السورية قبل حوالي السنتين ونصف.
اقرأ أيضا..فيلم "أولاد عمار" ينقل ثورة تونس من الافتراضي للواقع
هاجس واحد يتشارك فيه هؤلاء الشباب، الخوف من الموت، ومن مستقبل مجهول أسود، ومن صوت طلقات الرصاص والقنابل، التي ترافق مشاهد الفيلم في كل خلفياته، وكأن هذا الهاجس بات الصوت الوحيد لبلد بات غريبا عن ساكنيه.
اقرأ أيضا..المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد: الحياة تنتصر
وتبدو بطلة الفيلم غالية، مسكونة بروح زينة، الفتاة التي قضت غرقاً يوم ولادتها... تُلاحق غالية حياة زينة السّابقة وذكرياتها، فتسافر إلى دمشق لدراسة التّمثيل، ولمحاولة فهم الحالة التي تعيشها. وهناك تلتقي بفؤاد، ويأخذها للعيش معه ومع الآخرين في بيت الطلبة.
اقرأ أيضا..المخرج اللبناني محمود قعبور: الجالية العمالية مهمشة بالإمارات
قبل ذلك، تعود غالية إلى مدينتها طرطوس لتبشر عائلتها بنجاحها، تبحث عن أبيها المتقاعد قسراً من الجيش، يجلس الأب ليتابع خطاب بشار الأسد، الذي يصدح عالياً من التلفزيون، فيقول الوالد معلقاً "فخختوا البلد حولتوه لحقل ألغام، حتى تخلوا كل تمرد فيه فتنة."
ويضيف الوالد "إذا واحد اختلف معك بالرأي تسجنه 10 أو 15 سنة، وتدخل أولاد إلى السجون لا يتعدى عمرهم الخمس عشر سنة، وبلا أي محاكمة."
اقرأ أيضا.."بطل المخيم": فقراء آسيا يبنون مدن أحلام بالخليج
هنا تلتفت غالية لوالدها، تقول له: "بأيام زمان كانوا يفرحون كل ما زادت النجوم الذهبية، على أكتافهم. كانوا يقولون لا نريد أن نحرر فلسطين، فقط نريد أن نحرر العالم العربي كله"، في إشارة إلى غرق السوريين بالقتال ضد يعضهم البعض.
ويسأل الوالد ابنته "كيف دمشق؟" قبل أن يسبقها بالإجابة "ما عاد في أمل بشيئ.. ما في أمل ضاعت الطاسة."
اقرأ أيضا..فيلم "فتاة المصنع": مصريات يحتفين بالجسد والروح
وتعبر غالية عن التحول السياسي في موقف والدتها قائلة: "أمي كل شيئ كانت تتمناه لم يتحقق، فقررت أن تحب الشيئ الذي يحكوا عنه كثيراً، كأن تحب سوريا وفلسطين وحافظ الأسد..ولكن بعد ذلك بدأت تحب والدي وبطلت تحب حافظ الأسد."
اقرأ أيضا..مخرجون إماراتيون يرسمون بصمتهم في "مهرجان دبي السينمائي"
أما إحدى الساكنات في المنزل فتصف مشاعر خوفها قائلة: "أنا كتير خايفة وتعبانة، ما بعرف وين بدنا نروح وشو بدو يصير بالبلد."
اقرأ أيضا..مارتن شين من دبي: رسبت عمداً لأحقق شغفي بالتمثيل
في المشهد الأخير، يحمل حسين السلّم ويصعد إلى السطح فيسأله أصدقائه، إلى أين تذهب فيجيب: "أذهب عند الله" فيهرعون وراءه ويصرخ بأعلى صوته "حرية..حرية" قبل أن يدوي صوت انفجار. ينتهي الفيلم بلا أن نعرف مصير أبطاله، ما يرمز إلى المصير المجهول لشعب بأكمله..لملايين السوريين المشردين خارج بلدهم، والقابعين فيه في مواجهة الموت.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.