دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تمكن عناصر من تنظيم القاعدة في سوريا من إحكام السيطرة على بلدة حدودية جديدة شمال سوريا، ما يعكس مدى تقدمهم الميداني في المناطق التي كانت سابقا في قبضة الجيش الحر، إذ أعلنت ما يعرف بـ"دولة العراق والشام الإسلامية" (داعش) اقتحام بلدة أطمة قبل أيام، في تطور يرى البعض أنه يفيد النظام السوري.
ويمكن لسكان بلدة أطمة توقع مواجهة نفس مصير سائر البلدات التي اقتحمتها "داعش" مؤخرا، وقامت بفرض الشريعة فيها والطلب من النساء والفتيات تغطية رؤوسهن وتطبيق الأحكام الشرعية على المدنيين.
وبحسب ناشطين معارضين فقد قام عناصر "داعش" بقطع شجرة معمرة شهيرة في البلدة بدعوى أنها كانت "تعبد من دون الله" الأمر الذي نفاه السكان، وفقا لما نقله المرصد السوري لحقوق الإنسان. في حين ذكر مراقبون أن دخول التنظيم المتشدد إلى المدينة سيصعّب مهام الجيش الحر في نقل الإمدادات من تركيا وإدخال الجرحى إلى أراضيها.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فقد سجل تنظيم جهادي آخر على صلة بالقاعدة، هو "جبهة النصرة" تقدما ميدانيا ثانيا بإعلان سيطرته على أكبر حقل نفطي في سوريا، وهو حقل "العمر" في ديرالزور شرق البلاد، ونقل المرصد عن مختصين أن جبهة النصرة ستواجه مصاعب تقنية ولوجستية تمنعها من استخراج النفط بسبب نقص المختصين في هذا المجال لديها.
وقد حققت "جبهة النصرة" و"دولة العراق والشام الإسلامية" مكاسب ميدانية كبيرة خلال الأشهر الماضية، على حساب الجيش الحر المكون من مقاتلين معتدلين، ويقول براين فيشمن، المحلل لدى "مجلة مركز مكافحة الإرهاب" إن القاعدة في سوريا أخطر منها في العراق بسبب سيطرتها على مناطق واسعة وتوازن القوى في المنطقة، ما قد يفتح الباب أمام ظهور جيل جديد من "الجهاديين."
وبحسب فيشمن فإن لدى القاعدة في سوريا أكثر من 12 ألف مقاتل، وتضم "داعش" العدد الأكبر من المقاتلين الأجانب، بينهم قرابة 900 أوروبي يتلقى عدد كبير منهم حاليا دورات متقدمة في استخدام السلاح والمتفجرات، ولم يعد دورهم يقتصر على تنفيذ أعمال انتحارية، وإنما امتد ليشمل مهام أخرى ميدانية وقيادية.
وسبق لـ"داعش" أن عرضت تسجيلا مصورا يُظهر الدور الكبير للمقاتلين الأجانب من الشيشان وكوسوفو والدول العربية والأوربية، كما عرضت قبل أيام صورة لمراهق يحمل الجنسية الفرنسية قتل خلال مواجهات مع القوات السورية الحكومية.
ويرى مراقبون أن الطفرة الجديدة في عدد "الجهاديين" لا تزعج الرئيس بشار الأسد الذي يقول منذ بداية الأزمة في بلاده إنه يواجه تنظيمات متشددة، كما أن المواجهات بين الإسلاميين والمقاتلين الأكراد في شمال سوريا تصب في صالح النظام، ويدل على ذلك واقع أن الكتيبة المعارضة التي كانت تسيطر على أطمة قبل دخول "داعش" إليها، وهي "صقور الشام" أمضت الأشهر الماضية تصارع كتائب معارضة أخرى، ما أضعف قدرتها بمواجهة المتشددين.
ويخشى فيشرمن من أن يدفع التقدم الميداني للقوى الإسلامية في سوريا نحو عودة الصراع المذهبي الدموي في المنطقة بعدما نجحت جهود إخماده في العراق، مضيفا أن بعض الفصائل الإسلامية حظيت بدعم دول متحالفة مع أمريكا، على رأسها تركيا وقطر.
واللافت أن تنظيم "داعش" لديه من الثقة بنفسه ما سمح له بعدم إخفاء معارضته لأوامر زعيم تنظيم القاعدة الدولي، أيمن الظواهري، الذي رفض قيام تنظيم واحد في العراق وسوريا.
ويشير فيشرمن إلى وجود اختلاف في الرؤى بين "داعش" و"جبهة النصرة" رغم تعاونهما الميداني، إذ تمثل "النصرة" ما وصفه المحلل الأمريكي بـ"النموذج الأحدث لفروع القاعدة التي تميل إلى المزج بين الأهداف الدينية والدعوات الوطنية" بينما تمثل "داعش" الوريث التقليدي لما كان يمثله قياديون مثل "أبومصعب الزرقاوي" مضيفا أن "النصرة" تحالفت مع تشكيلات أخرى لتقوية نفسها بمواجهة "داعش" لأنها تريد تحقيق انتصار في سوريا، بينما تبحث "دولة العراق والشام الإسلامية" عن تحقيق "انتصار عالمي."
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.