تونس(CNN)-- أعلنت اللجنة الرباعية الراعية للحوار الوطني في تونس في وقت متأخر السبت، عن اختيار وزير الصناعة الحاليمهدي جمعةلخلافة رئيس الحكومة الحالي علي العريض.
وتراوحت ردود الفعل بين مرحب ومنتقد لنتيجة الحوار الذي تجاوز آجاله المقررة ولم يتم الإعلان عن الحصيلة سوى في الأنفاس الأخيرة من الأجل الذي حددته اللجنة الرباعية.
وقال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي في مؤتمر صحفي إنّه تقرر اقتراح مهدي جمعة لرئاسة الحكومة.
لكن قبل ذلك، كان التونسيون قد فقدوا الأمل في التوصل لاتفاق، وتعالت أصوات كثيرة محذرة من الفوضى ومنتقدة الطبقة السياسية بموالاتها ومعارضتها لفشلها في العثور على شخصية متفق عليها، في بلد يعج بالكوادر التي نجحت إلى حد ما في المحافظة على سير الحياة اليومية.
لكن ما الذي حدث ليفضي في النهاية إلى محصلة يعتبرها الكثيرون مفاجئة؟
عرف الحوار الوطني الذي انطلق في الأيام الأولى من أكتوبر/تشرين الأول، تقلبات عديدة أدت إلى تجميده في بعض الفترات، مع الفشل في الاتفاق على المعارض المخضرم السابق للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، أحمد المستيري. ولم يحصل الأخير على موافقة أوساط واسعة من المعارضة بالنظر لسنه (86سنة) حيث أن المطلوب من رئيس الحكومة الجديد العمل لساعات طويلة على مدار اليوم.
كما رفضت الترويكا الحاكمة تعيين الوزير السابق محمد الناصر والذي تجاوز بدوره عامه الثمانين.
إثر ذلك، عارضت أوساط من المعارضة مقترحا بتعيين وزير المالية السابق جلول عياد، للاشتباه في ارتباطه بقضايا مالية، وهو ما نفاه.
ثم عادت اللجنة الرباعية لتمنح الأطراف السياسية مهلة إضافية غير قابلة للتمديد تنتهي السبت عند منتصف النهار، وهو ما دفعها إلى الاتفاق على الوزير السابق مصطفى الفيلالي(92 سنة) غير أنه تراجع عن القبول بالمهمة، قائلا إنّ جسامة المهمة لا تتفق مع سنه.
وعشية نهاية المهلة، عقدت الأطراف السياسية اجتماعات ماراثونية تحت رعاية اللجنة الرباعية، تم خلالها التصويت على كل من أحمد المستيري ومحمد الناصر، غير أنّه أسفر عن تعادل في الأصوات 4-4، رغم أن عدد المصوتين لا يتجاوز سبعة، حيث منح "التحالف الديمقراطي" صوته للمرشحين واضعا البلاد في أزمة، ساعات فقط قبل نهاية المهلة.
وعقدت الأطراف السياسية اجتماعا أخيرا السبت، اقترحت فيه حركة النهضة تعيين وزير الصناعة مهدي جمعة (50 سنة) رئيسا للحكومة، ثم تمت إعادة طرح وزير المالية السابق جلول عياد، وأسفر تصويت عن فوز الأول بالترشيح، وفق ما قالت مصادر من حركة النهضة الحاكمة. وأعلنت زعيم جبهة الإنقاذ حمة الهمامي إنّ المعارضة لم تشارك في عملية التصويت وأنها ارتأت الصمت حتى لا تتهم بعرقلة الحوار.
وأضاف في تصريحات أخرى الأحد، أنّ الحكومة الجديدة لا يمكن أن تكون حكومة توافق أو حكومة كفاءات مستقلة باعتبار أنّ من يرأسها كان وزيرا في حكومة علي العريض، مؤكدا أنّ الحكومة المقبلة ستتحمّل مسؤولية اختياراتها أمام الشعب وأمام كل القوى السياسية والمدنية.
من هو مهدي جمعة؟
يبلغ من العمر نحو 50 عاما، وهو مهندس خريج المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس سنة 1988 واختير كوزير للصناعة في حكومة علي العريض التي تسلمت المهام بصفة رسمية يوم 13 مارس/آذار 2013 عقب أدائها اليمين الدستورية وتزكيتها من المجلس الوطني التـأسيسي.
حظي رئيس الحكومة الجديد مهدي جمعة خاصة بدعم حركة النهضة. يصنّف ضمن المستقلين رغم انّ قوى المعارضة تؤكد قربه من حزب النهضة.
وقال مهدي جمعة على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك إنه "يعد كل التونسيين و سيعمل على رفع راية تونس بين الأمم. كما اضاف مهدي جمعة انه سيكون على نفس المسافة مع جميع الاحزاب و المواطنين مهما كان توجههم السياسي أو الديني أو الفكري.
ماذا يعني اختيار جمعة؟
وفقا للكثير من المحللين، فإنّ محصلة الحوار الوطني، أسفرت عن تعادل بين الحكومة والمعارضة. فقد فشلت المعارضة في فرض مرشح لا يحظى بموافقة الحكومة التي قالت مصادر من الحوار إنها تطالب بضمانات تجعلها بمنأى من المحاسبة.
وزيادة على ذلك فإنّ جمعة أثبت نوعا من الاستقلالية عن المعارضة وحركة النهضة، وفي الوقت الذي تتحدث فيه تقارير عن قربه من اتحاد الطلبة الإسلاميين أواخر الثمانينيات، تحدثت تقارير أخرى موالية للحكومة عن كونه عزل مسؤولين عينتهم حركة النهضة نفسها.
كما أنّ المعارضة نجحت على الأقل في انتزاع الحكومة من سيطرة حركة النهضة في انتظار مزيد من الضغط لإحراز "مكاسب أخرى." كما أنّ مهدي جمعة قريب لوزير الخارجية البورقيبي محمد المصمودي.
ولن تكون الإجابة الحاسمة عن استقلالية مهدي جمعة، إلا عن طريق الحكومة التي سيشكلها في الأيام المقبلة.
بوتفليقة يبحث مع الغنوشي تطورات الوضع بتونس
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.