كتبت، قبل أسبوعين، رسالة على "الفيس بوك"، هذا نصّها: "هل هناك من الأصدقاء من يعرف أسعار (الخرطوش، البمب أكشن)، في الاردن؟ ومن أين؟" فوردتني عشرات الردود، بدا منها أنّ أغلبية الناس يقتنون مثل هذا النوع من السلاح، وأنّهم خبراء به، وأكثر من ذلك، فقد جاءتني رسالة تشرح لي طريقة صنع هذا النوع من السلاح القاتل!
"الخرطوش" أداة للموت، وفي القليل هو سلاح مؤذ، وإذا كان لما سمّي بالربيع العربي من شعار، فبالضرورة هو "البمب أكشن"، الذي انتشر في شوارع مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا والعراق، وتمّ إستخدامه على نطاق واسع، فقتل الآلاف، وشوّه عشرات الآلاف وجعلهم من المعاقين، وفي ميدان التحرير وحده فقد العشرات من الشباب المصريين عيونهم بسببه.
رأي باسم سكجها: في وأد النساء العربيات
ويتضّح من سؤال الناس عن سبب إقتنائهم للخرطوش أنّه للحماية، ولكنّ الحقيقة تُفيد بأنّه يُستخدم لغير ذلك أيضاً، وعلى نطاق واسع، فمع أية فوضى في شارع عربي، ومع أوّل إستخدام له علينا أن نتوقّع حرباً أهلية صغيرة، فما بالكم بحروب أهلية حقيقية يُصبح الخرطوش فيها هو المُرافق الشخصي لكلّ مواطن، ويُعمّم الموت هنا وهناك.
وليس مفهوماً، أبداً، كيف تساهلت الحكومات العربية، ووزارات داخليتها، وسمحت بانتشار مثل تلك الأسلحة في بيوت الناس، وتعامت عن آثارها المستقبلية، فالسلاح يُغري باستخدامه، وهذا ما حصل ويحصل فعلاً، وإذا كان عنوان دخول "الخرطوش" باعتباره أداة لصيد الطيور والحيوانات، فمضمونه صار أنّه سلاح لتصيد أرواح البشر.
رأي: بعد 3 سنوات من الربيع العربي.. هل نفقد الأمل؟
قبل أيام، أطلقت رصاصات "الخرطوش" على ثلاثة مطاعم معروفة في عمّان، وضجّت البلد بالأخبار والإشاعات، وتمشياً مع ما يجري في المنطقة، فقد وجّه المجتمع أصابع الإتّهام لتنظيمات متطرفة تريد ضرب السياحة الأردنية، وكان لسان حال الناس يقول إنّ عمّان مرشّحة للإنضمام إلى مسلسل العنف، وإتّضح أنّ الأمر لم يَعدُ كونه حرب عصابات متنافسة على إدارة مواقف سيارات المطاعم!
المتّهم، برأيي، هو ذلك السلاح المنتشر بين أيادي الناس، وفي بيوتهم، ولعلّ هذا ما دفع وزير داخلية الأردن إلى الإعلان عن وقف منح التراخيص، ولكنّها خطوة متأخرة، إن كان في هذا البلد العربي أو ذاك، فالمطلوب هو مصادرة السلاح وتدميره، وليس خبراً جديداً أن نُعود إلى حادثة أطلق فيها نائب النار على زميل له تحت قبّة البرلمان.
رأي لباسم سكجها: دبي... كلام من القلب
وقد يكون كلامنا، أيضاً، متأخراَ، فلا يمكن بالتأكيد سحب السلاح من المواطنين السوريين، ولا الليبيين، ولا اللبنانيين، وربّما المصريين أيضاً، ولعلّ الأمر يبدو مستحيلاً في اليمن باعتبار أنّ عدد قطع الأسلحة يزيد على عدد السكان عدة مرات، وعلينا أن نتوقّع أن دولاً عربية أخرى تبدو آمنة وهادئة، ولكن أقلّ شرارة قد تُخرج قطع السلاح من البيوت.
لا يمكن لعاقل أن يكون ضدّ ما سمّي بالربيع العربي، ولكنّ العاقل أيضاً سيكون بالضرورة ضدّ مجرد التفكير بأنّ السلاح يمكن أن يحوّل الأرض الجرداء إلى خضراء، وأن تعمّ الأزهار من رائحة البارود، وأن تتحقق أهداف الخبز والحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية، من مشاهد الدماء التي يأتي بها "خرطوش" أو غيره من أنواع أدوات القتل.
ملاحظة: وجهة النظر الواردة تعكس رأي كاتبها، باسم سكجها، الصحفي والناشط في مجال الحريات ومكافحة الفساد، ولا تعبر بالضرورة عن رأي CNN بالعربية.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.