مقال بقلم كارولين فرج، نائب رئيس شبكة CNN ورئيس تحرير CNN بالعربية، بمناسبة الذكرى العشرين لإطلاق CNN بالعربية
تختلط مشاعري هذه الأيام بين حالة الفرح ببلوغ موقعنا CNN بالعربية، الذي تشرفت بمهمة تأسيسه ورئاسة تحريره منذ أن كان فكرة، عامه العشرين، وما تحمله السنوات من تجارب وخبرات مهنية وإنسانية، والترقب بشغف لما ستأتي به السنوات المقبلة من إنجازات ودروس وتحديات.
ورغم أنها سنوات طويلة مضت، فإن محطاتها المختلفة تمر أمامي كشريط سينمائي جميل وممتع، حتى تلك اللحظات التي اعتقدت أنها مستحيلة حينها، كبناء الموقع، وتأسيسه واختيار الفريق المؤسس وتدريبه، في مدة لم تزد عن 16 يومًا.
ومن القصص التي تستحضرني حينما أتذكر تلك الفترة، محاولة استرداد النطاق الخاص بالموقع، Domain، الذي اكتشفنا أن شخصا ما قام بشرائه بهدف الاستثمار، رغم أنه علامة تجارية خاصة بشبكتنا. حينها تمكنا من الوصول إليه وإقناعه بإعادته لنا وإرسال إقراره للجهات المعنية في التسجيل الرسمي للموقع بالولايات المتحدة قبيل ساعات من تسجيل وإطلاق الموقع رسميا.
على المستوى الشخصي، أتذكر حالة التردد والخوف من الفشل وعدم النوم، فتأسيس موقع إلكتروني في ذلك الوقت، بلغة تختلف عن لغة الشركة الأم، وتأسيس مكتب هو الأول في منطقة الخليج، جعلني أبحث عن إجابة السؤال الأبرز.. ماذا لو فشلت؟
إلا أن الدعوات الرسمية لحفل افتتاح مكتب CNN في إمارة دبي، وإطلاق موقع CNN بالعربية كانت قد وصلت المدعوين. لذا كان سؤالي متأخرا. فكرت حينها.. وقررت أن لا مكان للتردد أبدًا الآن.. وقبلت التحدي ومضيت قدما وما زلت مستمرة.
أذكر الزميلات والزملاء في فريق الموقع طوال العشرين سنة، والذي بدأ بخمسة أفراد من جنسيات عربية مختلفة ومقرهم دبي، وبخبرات لا تقل عن 10 سنوات. ومع تطور الإعلام الرقمي والنقلة النوعية التي أحدثتها التكنولوجيا ومن ثم التواصل الاجتماعي على المهنة، بدأت المهارات والقدرة على التأقلم مع احتياجات الجمهور في هذه المرحلة تتغير، ومعه شكل الفريق، إذ قررنا استقطاب جيل الشباب، ليصبحوا الأغلبية في فريق عملنا، وتكبر الأسرة وتنتشر في عدد من العواصم العربية.
روح التحدي المهني والمسؤولية كان الركيزة في تحولنا من مرحلة التركيز على القصص المكتوبة بداية إلى المصورة، والتنويع بالأشكال لتتناسب وحاجة الجمهور والوسيلة المفضلة لديهم، سواء كانت على الموقع مباشرة أو الهاتف، أو منصات التواصل الاجتماعي.
بالنسبة لنا جميعا في أسرة CNN بالعربية ، لا شك أن دروس الماضي ساهمت بشكل كبير في وضوح الرؤية، والوقوف بثبات، وتأسيس قاعدة صلبة تمكننا من المضي نحو العشرين سنة المقبلة بثقة ومسؤولية لتتماشى مع ما يتوقعه الملايين من متابعينا، ونضعه في قلب بوصلتنا، ألا وهي الحقيقة.
ونعي جيدا أن لكل جمهور اهتماماته.. فالجمهور العربي غالبيته من الشباب، إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 70% من العالم العربي هم دون سن الثلاثين. وهنا يأتي وقت جمع ثمار قرار توفير مئات الفرص لتدريب الشباب على مدى العشرين سنة الماضية، وانتقاء الأفضل للانضمام لأسرتنا كي يخاطب فريقنا الشاب بطريقته ما يهم الغالبية (الشباب)، وباللغة العربية.
وغني عن الذكر أن مهارات الشباب في استخدام الأساليب الإبداعية في رواية القصص وتصوير البرامج وعرضها على موقعنا وكذلك منابر التواصل الاجتماعي، ساهمت في إفساح المجال أمام الجمهور للخوض في تجربتهم الخاصة. كما كان للاعتماد على التواصل المستمر وبشتى الطرق مع الجمهور لسماع آرائهم وتقييمهم دوره في العمل على ترجمة ذلك إلى قرارات تحريرية تتماشى وتلك الرغبات.
كما ارتأينا التأكيد على مبدأ الشفافية في معرفة آراء الجمهور الناطق باللغة العربية في شتى أنحاء العالم وما يتوقع من موقعنا وشبكتنا، وذلك من خلال التعاقد مع مركز بحث مستقل لإجراء مسح شامل، لمعرفة الخيارات التي يتخذها مستهلكو الأخبار عن كثب. ووجد الباحثون أن الجمهور العربي يبحث بشكل خاص عن أخبار موثوقة وجديرة بالثقة، حيث قال 70٪ من مستهلكي الأخبار الذين يتحدثون اللغتين العربية والإنجليزية إنه من المهم للغاية أن تكون العلامة التجارية الإخبارية مستقلة.
ونعتمد على نتائج المسح المستقل مع الجمهور العربي في وضع استراتيجيتنا، التي تناقش وتقر من قبل الفريق، لتمهد الطريق أمام المرحلة المقبلة. هذا الأمر الذي نفتخر به، كونه ما يميزنا عن غيرنا.
وعليه، فقد قررنا كفريق الاحتفال ببلوغ العشرين سنة بأسلوب مختلف، وذلك من خلال تسليط الضوء وتمكين المرأة العربية الشابة.
وبناء عليه سوف نخوض المرحلة الجديدة بثقة مع شركائنا في العالم والمنطقة، ساعين للوصول لأهدافنا، من خلال تدريب الكوادر الشابة على وضع الحقيقة أولا، ورواية قصص النجاح، وفنون الحوار، وقبول الرأي والرأي الآخر وغيرها من الأساسيات التي تعمل على تمكين الجيل الصاعد وقادة المستقبل.
هذه باختصار قصتنا.. قصة نجاح فريق جاء من عدد من الدول العربية، واجتمع على المبادئ والأهداف نفسها وفي مقدمتها الحقيقة، ومعاهدة جمهورنا ومتابعينا، الذين نعتبرهم جزءا من أسرتنا المنتشرة حول العالم، على أن الحقيقة ستبقى بوصلتنا، وسنعمل على أن نكون في السنوات المقبلة صوتكم نحو المستقبل.