كامليا انتخابي فرد تكتب لـCNN: استراتيجية جديدة لإيران وسوق النفط
هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
رغم معارضة الكونجرس الأمريكي للاتفاقية النووية مع إيران، تمكّن الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت باراك أوباما من ضمان تمرير الاتفاقية بعد أن حصل على ثلثي أصوات مجلس الشيوخ تأييداً للاتفاقية.
أراد الرئيس أوباما حينها أن يعطي إيران الفرصة التي كان هذا البلد يبحث عنها منذ ثورة 1979 لتعزيز اقتصاده وكسر جليد العلاقات الباردة مع الدول الغربية وتحسين علاقاته معها. وجاءت تلك الفرصة بالفعل في 2015 حين رفعت العقوبات الاقتصادية القاسية عن إيران، وخاصة المقاطعة النفطية. حتى أن منظمة أوبك أعطت إيران فرصة جيدة حين استثنتها من قرارها بتخفيض الإنتاج في إطار إعادة الاستقرار إلى سوق النفط العالمي، وبهذا حصلت إيران على فرصة عادلة للوصول إلى قدراتها في إنتاج النفط في فترة ما قبل العقوبات.
تمتعت إيران بكثير من الفوائد بعد تخفيف العقوبات حتى الأسبوع الماضي حين ألغت الولايات المتحدة من طرف واحد التزاماتها بالاتفاقية النووية مع إيران وأعلنت أنها ستعاقب الدول التي تقيم علاقات عمل مع إيران اعتباراً من شهر يونيو ، وفي بعض الحالات شهر نوفمبر. وهناك أنباء بالفعل بأن شركة (توتال)، أكبر الجهات المستثمرة في صناعة النفط في إيران، قد تتوقف عن العمل مع إيران في حال لم يستثنها الرئيس ترامب من العقوبات. ورد وزير النفط الإيراني بيجن زنكنه بسرعة على قرار شركة (توتال) بالقول أن شركة النفط الإيرانية (بيترو بارس) وشركات نفطية صينية مستعدة لملئ الفراغ الذي ستتركه (توتال) في حال قررت الانسحاب.
ولا شك أن روسيا والصين تراقبان الوضع وتنتظران تطبيق الحصار النفطي على إيران لشراء النفط منها بأسعار مخفضة وتصدير بضائع لإيران بدلاً من دفع ثمن النفط نقداً، لأن من المعروف أن إيران مضطرة لقبول مثل هذه الشروط بسبب العقوبات البنكية الأمريكية التي تمنع تحويل الأموال إليها.
كانت الغاية الرئيسية من الاتفاقية النووية الإيرانية تشجيع الشركات العالمية البارزة والعملاقة على الاستثمار في إيران، وكانت شركات مثل (توتال) و (إيرباص) و (بوينج) من بين الأسماء التي يفخر الرئيس الإيراني حسن روحاني أنها دخلت السوق الإيرانية بعد توقيع الاتفاقية النووية، خاصة وأن السوق الإيرانية كانت تتسم بالمخاطرة وعدم الاستقرار. ولكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية، من المتوقع أن تسعى دول مثل الصين إلى استغلال الوضع واستمرار استيراد النفط الإيراني على أمل تحقيق مكاسب إضافية من العقوبات الأمريكية.
روسيا، التي تواجه هي الأخرى عقوبات مالية أمريكية وأوروبية، تفتقر إلى السيولة النقدية، وكانت قد عرضت سابقاً على إيران صفقات مبادلة كطريقة لإخراج النفط الإيراني، وموقف روسيا حالياً غامض لأنها ملتزمة باتفاقية مع منظمة أوبك ولا تريد الخروج من هذه الاتفاقية بسبب تبادل النفط الخام مع إيران. لكن من الواضح أن روسيا، وهي من أهم الدول المصدرة للنفط، سوف تستفيد من ارتفاع أسعار النفط وتراجع المنافسة الإيرانية.
من الصعب معرفة ما سيقرره الرئيس ترامب حول إيران في المرحلة التالية للخروج من الاتفاقية النووية، ولكن حتى الآن يبدو أن معظم البنوك الأجنبية والشركات الكبيرة ترفض العمل مع طهران خوفاً من أن تتعرض للعقوبات الأمريكية.
يوم الاثنين 21 مايو أعلن وزير الخارجية الأمريكي الجديد مايك بومبيو الاستراتيجية الأمريكية الجديدة حول إيران. وسواء كانت الاستراتيجية جيدة أو سيئة، فإنها ستساعد المستثمرين على اتخاذ قرار حول ما إذا كانوا سيستمرون في العمل مع إيران، كما ستساعد إيران على اتخاذ قرار حول إمكانية استمرارها في الاتفاقية بدعم من الاتحاد الأوروبي أو خروجها من الاتفاقية أيضاً.
شعوب المنطقة تستهلك كميات إضافية من النفط خلال فصل الصيف لتشغيل أنظمة التكييف، وسوف نرى ما إذا كان المزاج في الغرب سيتأثر أيضاً بسبب ارتفاع أسعار النفط نتيجة للمواجهة الأمريكية-الإيرانية.