مديرة صندوق النقد: الشعوب دفعت تكاليف الأزمة المالية العالمية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) – قالت كرستين لاغارد، مدير عام صندوق النقد الدولي، إن الأزمة المالية العالمية لاتزال من الأحداث الفارقة في تاريخنا المعاصر، كما أنها ستظل علامة فارقة للجيل الذي خاضها.
جاء هذا في مقال كتبته لاغارد على مدونة صندوق النقد اليوم الأربعاء، قصت فيه تداعيات الأزمة المالية العالمية والدروس المستفادة منها في ذكرى مرور عشر سنوات على إعلان رابع أكبر بنك أمريكي، ليمان براذرز، آنذاك إفلاسه إثر الخسارة التي حدثت في سوق الرهن العقاري، لاسيما بعد أن بلغت الحصة السوقية للقروض العقارية عالية المخاطر في الولايات المتحدة 40% من مجموع سندات الدين المضمونة برهن عقاري بحلول عام 2006، بعد أن كان هذا النوع من القروض شبه معدوم في مطلع تسعينات القرن الماضي.
وتابعت لاغارد قائلة إن التكاليف الاقتصادية الثقيلة التي تحملها أفراد عاديون استشعروا الغضب من إنقاذ البنوك وإفلات مسؤوليها من العقاب، كانت من العوامل المؤثرة لظهور رد الفعل المناهض للعولمة، وبخاصة في الاقتصادات المتقدمة، وتآكل الثقة في الحكومات والمؤسسات.
وأضافت لاغارد أنه لا يبدو أن ظلال الأزمة ستغادرنا في وقت قريب، لكن مرور عشر سنوات على انهيار "ليمان براذرز" يعطينا فرصة لتقييم الإجراءات المتخذة لمواجهة الأزمة على مدار العقد الماضي.
واتسعت تداعيات انهيار بنك "ليمان براذرز" حتى خلقت توجهاً جماعياً لسحب الودائع من النظام المالي، مما تسبب في أزمة نظامية، فكانت المحصلة وقوع 24 بلداً ضحية للأزمات المصرفية، ولم يعد النشاط الاقتصادي إلى سابق عهده في معظمها حتى الآن.
وتابعت أن الحكومات ليست بمنأى عن التأثير المالي، إذ ارتفع الدين العام في الاقتصادات المتقدمة بأكثر من 30% من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يرجع في جانب منه إلى الضعف الاقتصادي، وفي جانب آخر إلى جهود تنشيط الاقتصاد، وفي جانب ثالث إلى إنقاذ البنوك الفاشلة.
وإذا نظرنا اليوم إلى الماضي، ستبدو نقاط الضغط واضحة، لكنها كانت أقل وضوحاً آنذاك. وقد فشل معظم الاقتصاديين في التنبؤ بالقادم، إنه درس قاسٍ في خطورة الانسياق للفكر الجماعي.
وأوضحت لاغارد أن نقاط الضعف التي أدت إلى الأزمة كان في طليعتها أن تجاوزت سرعة الابتكار المالي وتيرة التنظيم والرقابة، ومن ثم دخلت المؤسسات المالية، وخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، في نوبة من المخاطرة الهوجاء.
وأدت العولمة إلى تسارع العدوى الاقتصادية، فقد كانت البنوك الأوروبية هي أكبر مشترٍ للسندات الأمريكية المضمونة برهون عقارية. وفي نفس الوقت، أدى استحداث اليورو إلى اتجاه تدفقات رأسمالية كبيرة إلى أطراف المنطقة مدفوعة بانخفاض تكاليف الاقتراض. وقامت البنوك في بلدان منطقة اليورو الرئيسية بتمويل هذه التدفقات، وهي قناة أخرى للعدوى المالي، بحسب لاغارد.
وأبدت كريستين لاغارد إعجابها بالإجراءات التي تم اتخاذها فور وقوع الأزمة، رغم السياسات الخاطئة قبل وقوعها، وقالت إن صندوق النقد الدولي كان له دورا هاما، إذ حث البلدان الأعضاء على إجراء زيادة كبيرة في موارده المالية، مما مكنه من إقراض البلدان المتضررة من تداعيات الأزمة حوالي 500 مليار دولار.