هل تستطيع السعودية إنقاذ سوق النفط من تأثير العقوبات على إيران؟
نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- رغم أن العقوبات على قطاع الطاقة الإيراني ستدخل حيز التنفيذ في 5 نوفمبر/ تشرين المقبل، إلا أن عدد البراميل الإيرانية التي ستخرج من السوق يبقى لغزا للمتعاملين.
وخفضت كوريا الجنوبية واليابان واليونان وفرنسا بالفعل مشترياتها النفطية من ايران، فيما تسعى الهند للحصول على استثناء من إدارة ترامب لمواصلة الشراء من طهران، كما قد لا تلتزم الصين بعقوبات ترامب في خضم الحرب التجارية التي تدور رحاها بين بكين وواشنطن، ومن غير المعروف أيضا مقدار النفط الذي يجب على السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ضخه لتعويض السوق عن خسارة الخام الإيراني.
وقال مايكل ويتنر، رئيس قطاع بحوث النفط في بنك سوسيتيه جنرال، في مذكرة للعملاء الأسبوع الجاري: "هذا جزء كبير من حالة عدم اليقين التي يواجهها السوق في الوقت الراهن.. كم يمكن أن ينتج السعوديون فعلاً في غضون مهلة قصيرة؟".
فحتى لو كانت المملكة العربية السعودية قادرة على ضخ المزيد من الخام في الأسواق، فهل هي مستعدة لذلك حاليا؟
وهددت السعودية قبل عدة أيام بالرد على عقوبات محتملة من الولايات المتحدة بسبب اختفاء الصحفي جمال خاشقجي، ورغم أنه غير المحتمل أن تخفض المملكة إنتاجها بشكل كامل لتنفيذ تهديداتها، لكنها قد لا تكون في عجلة من أمرها لإنقاذ السوق، ويمكنها أن تقرر إبطاء السير في زيادة إنتاجها، وألا تعوض الولايات المتحدة بسرعة عن النفط الإيراني الذي سيخرج من السوق.
وتباطأت طفرة النفط الصخري الأمريكي قليلاً في الأشهر الأخيرة بسبب قيود البنية التحتية، ومن المتوقع أن تستمر الاختناقات حتى النصف الثاني من عام 2019 عندما تدخل أنابيب جددة لنقل الخام إلى المصافي الخدمة.
وارتفعت أسعار الخام أواخر فصل الصيف قبل أن تهدأ الأسبوع الماضي، عندما هوت سوق الأسهم الأمريكية، لتنخفض أسعار النفط الأمريكي إلى ما دون مستوى 70 دولاراً للبرميل يوم الأربعاء للمرة الأولى منذ 4 أسابيع.
إلى أين تذهب إيران؟
تعد إيران أهم المؤثرين في أسواق النفط العالمية الآن، وينتظر التجار معرفة ماذا ستفعل إدارة ترامب بشأن الاستثناءات المحتملة التي ستمنحها للدول بمواصلة شراء بعض النفط من إيران، فرغم أن الإدارة تسعى لوقف الصادرات الإيرانية نهائيا إلا أن ترامب قد يتخذ موقفا وسطيا في محاولة لمنع ارتفاع أسعار النفط والبنزين قبل انتخابات التجديد النصفي.
وكانت إيران ، خامس أكبر منتج للنفط في العالم ، قد صدّرت نحو 2.5 مليون برميل نفط يومياً خلال النصف الأول من عام 2018، إلا أن عملاءها بدأوا في تخفيض طلباتهم بعد إعلان ترامب في مايو/ أيار أنه سيتم إعادة فرض العقوبات، مما دفع صادراتها اليومية للتراجع إلى 2.3 مليون برميل في يوليو/تموز قبل أن تهبط إلى مستوى 1.6 مليون في سبتمبر/أيلول ، وفقا لتقديرات سوسيتيه جنرال.
وبذلك تكون الصادرات الإيرانية قد انخفضت بنحو 900 ألف برميل يومياً، لكن المحللين يتوقعون على نطاق واسع أن يزداد الانخفاض مع اقتراب الموعد النهائي لسريان العقوبات مطلع الشهر المقبل، وتوقع وينتر أن تزيد خسائر إيران إلى 1.7 مليون برميل يوميا، مما قد يرفع أسعار الخام الأمريكي لتسجيل 77 دولارا للبرميل مطلع العام المقبل 2019.
هل تستطيع السعودية تعويض نقص المعروض؟
فيما كرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقاداته لمنظمة أوبك بسبب ارتفاع أسعار النفط، وحث دولها على ضخ المزيد، إلا ان أوبك قد لا تتمتع بالكثير من المرونة للاستجابة لمتغيرات السوق.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية الفائضة لدول أوبك، والتي يمكن أن تدخل السوق بسرعة 1.4 مليون برميل فقط ، وهو أدنى مستوى لها منذ ديسمبر 2016 ، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ومعظم هذا الإنتاج الفائض يأتي من السعودية، التي تنتج بالفعل حاليا قرابة 10.5 مليون برميل يوميا بحسب أوبك، مقارنة بـ 9.9 مليون برميل في الربع الأول من العام.
وتقول السعودية إنها قد تصل الإنتاج إلى حوالي 12 مليون برميل في اليوم، إلا أن زيادة إنتاجها لهذا الرقم قد يستغرق مزيدا من الوقت.
وقال مايكل تران، مدير استراتيجية الطاقة العالمية في "آر بي سي كابيتال": " أمامنا وقت صعب للغاية، نعتقد أن السعوديين يستطيعون زيادة الإنتاج بشكل ملموس في الثلاثين يومًا المقبلة بشكل مستدام".
ورغم زيادة إنتاج كل من العراق ونيجيريا وليبيا في الأشهر الأخيرة، إلا أن هذه البلدان عرضة لنوبات من عدم الاستقرار التي تؤدي إلى انخفاض الإنتاج.