مغربي يقود فرقة للطبول الأفريقية بفرنسا.. احتفاءً بالاختلاف
الرباط، المغرب (CNN)- أشبه برحلة عبر الثقافات وسفر في الزمن والمكان، يخوضه فنان مغربي الأصل فرنسي المولد والنشأة، هو حميد الراجي، الذي يقود فرقة فنية فرنسية متخصصة في الإيقاعات والعزف بالطبول الأفريقية المعروفة في جنوب الصحراء.
كأنما يصالح حميد الراجي أصوله في قلب الصحراء، هو المنحدر من منطقة "امحاميد الغزلان"، جنوب شرقي المغرب، سليل أسرة مهاجرة بفرنسا، والذي جعل من فرقة للطبول سفيرة للإيقاعات الأفريقية الساخنة في قلب أوروبا.
"ساغازيك"، هو اسم الفرقة التي تنبثق من جمعية للعمل الفني والثقافي تأسست عام 2002 في ضاحية بمدينة "رين" الفرنسية، ذلك أن الأمر لا ينحصر بالنسبة لها في أداء رقصات واستعراضات فنية في المهرجانات والتظاهرات المحلية والدولية، بل بمؤسسة للتربية عن طريق الموسيقى والادماج الاجتماعي للناشئة، على حد قول الراجي.
في حديثه لموقع CNN بالعربية، قال الفنان المتمسك بجذوره المغربية الأفريقية، إنه يراهن على هذا المشروع من أجل تعزيز الفهم المتبادل بين الثقافات، ومد جسور التبادل الفني عبر الحدود، في حقبة مطبوعة بالتوتر والضغط الذي يستشعره أبناء الجالية العربية والمسلمة في فرنسا وأوروبا عموماً، خصوصاً بعد العمليات الإرهابية التي نفذها منتمون إلى تنظيمات متشددة باسم الدين.
يسجل حميد تنامي ظاهرة الإقبال في فرنسا وأوروبا على تعلم الإيقاعات الأفريقية ومزجها مع ألوان موسيقية غربية، بالنظر إلى طابعها الحركي والراقص، الذي يدمج البعد الإيقاعي الموسيقي مع البعد الرياضي والعلاجي، في إشارة إلى التأثير النفسي للإيقاع في التخفيف من الضغط الذي يلازم الحياة اليومية العصرية.
تحولت الفرقة إلى مشروع حياة بالنسبة إلى حميد، الذي ضم إليها زوجته الفرنسية المتخصصة في الرقص وأطفاله الثلاثة، الذين يجسدون في انتمائهم المزدوج حواراً بين حضارتين.
فرقة "ساغازيك" تتويج لمسار عاشق للفن جرب ألواناً موسيقية عديدة من البلوز الى الروك وصولاً إلى الجاز، عمل لدى معهد موسيقي، وبعد مشوار في الفندقة والسياحة، تفرغ لمشروعه الفني الطموح، وها هو يساهم في توطين إشعاع الموسيقى الأفريقية، وخصوصاً موسيقى غرب أفريقيا الحافلة بالحركة والحكايات، في أرجاء فرنسا.
يعترف حميد الراجي في حديثه للموقع بفضل "معلمه الروحي"، الفنان الأفريقي الرائد مامادي كيتا، الذي يقول عنه "تعلمت منه كل شيء.. لقد أوصاني بالتعامل بإبداعية مع التراث دون التفريط في التقاليد الموسيقية الأصيلة."
في عامه الـ42، قال إنه يتطلع إلى اصطحاب فرق موسيقية من أوروبا إلى المغرب، وغيره من بلدان جنوب المتوسط، وأخرى في الاتجاه المعاكس، تجسيداً لحلمه بفضاء مفتوح تتحاور فيه الثقافات والفنون.
تعمل الفرقة أيضاً مع فئات من الأطفال المتوحدين أو المعاقين في إطار الوظيفة العلاجية للموسيقى، حيث أشار الراجي إلى أنه يؤطر 70 تلميذاً في جمعية تضم أجيال مختلفة بين كبار يتجاوزون السبعين، وأطفال في مقتبل العمر.
بالنسبة لحميد الراجي، الذي شارك صحبة الفرقة في مهرجان موسيقى العالم بمنطقة "مرزوكة" الصحراوية، جنوب شرق المغرب، الموسيقى مرتبطة بالعودة إلى الجذور، وبرؤية تربوية وأخلاقية.
واختتم تصريحه للموقع بالقول: "الفن بالنسبة لي رهان هام لتعلم طريقة تدبير الاختلاف والاغتناء بثقافات الآخرين.. أملي أن أساهم في فتح شهية الفرنسيين والأوروبيين لمعرفة الآخر في جنوب البحر المتوسط."