كيف تنقذ الغابات المطيرة من الانقراض؟ ابني مركزاً صحياً!
هذا المقال هو جزء من مقال أكبر، نُشر لأول مرة من قبل مؤسسة "ويلكوم" الخيرية على موقع "موزايك." وتعيد CNN بالعربية نشره الآن تحت رخصة المشاع الإبداعي. المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي CNN.
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كانت لا تزال الطيور نائمة، عندما أيقظت سري وايونيسيه ابنتها، بوتيري.. لم يكن بوسعهما النوم حتى مطلع الفجر.. فقد كان أمامهما رحلة طويلة باتجاه منطقة سوكادانا الساحلية، عاصمة شمال كايونغ في جنوب غرب بورنيو، والتي يوجد فيها العيادة الطبية الوحيدة في المنطقة، على بعد حوالي 80 كيلومتراً.
قد يعجبك أيضاً.. أي من المخلوقات هي "متعددة العلاقات؟"
وفي حوالي الساعة الخامسة صباحاً، وبعد مرور ساعة والمرور بعدة منعطفات خاطئة، وصلت وايونيسيه وبوتيري إلى العيادة، حيث جلستا مع عدة أشخاص آخرين في غرفة مواجهة للجدار الشرقي، رسمت عليه صورة شجرة كبيرة، محفور على جذعها "ARSI،" اختصار لـ"ألام سيهات ليستاري."
وتعني "ألام سيهات ليستاري،" في اللغة الإندونيسية "الطبيعة الصحية الأبدية" أو "التوازن المتناغم،" وهو اسم منظمة إندونيسية غير ربحية مقرها في شمال كايونغ، على الحدود الغربية من حديقة غونونغ بالونغ الوطنية.
وتبلغ مساحة شمال كايونغ أكثر من خمسة أضعاف مساحة مدينة نيويورك، بينما يبلغ متوسط الدخل الشهري حوالي 2.45 مليون روبية أي 181 دولاراً، ولكن واحداً من بين كل عشرة سكّان يعيشون بمبلغ حوالي 250 ألف روبية شهرياً، أي أقل من 20 دولاراً، ما يعتبر أقل بكثير من الحد الأدنى للفقر الذي يحدد بدولار واحد في اليوم بحسب البنك الدولي.
قد يهمك أيضاً.. لماذا يضع الأمريكيون إفرازات الحلزون على وجوههم؟
بأوضاع كهذه، لا شك بأن غالبية سكّان المنطقة يكافحون يومياً لكسب لقمة العيش والبقاء على قيد الحياة، ما يدفع العديد من الآباء والأبناء اليائسين إلى حرق حافة الحديقة الوطنية بهدف انتاج خشب البناء وتوفير الأراضي الزراعية.
ورغم أن علماء حفظ البيئة غالباً ما يتحدثون عن 108 ألف هكتار من المستنقعات والأراضي المنخفضة والغابات الجبلية، التي تجمع أنواعاً مختلفة من دببة الشمس، والطيور، وقرود الجيبون، وحوالي 2500 أورونغوتان أو "إنسان الغاب،" إلّا أن الأمر يتعدى كل هذا بالنسبة للسكان المحلين الذين يعانون من الفقر، وتبدو الأشجار أمامهم أشبه بودائع ثابتة يسهل استخدامها بالكامل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الرعاية الصحية شمال كايونغ تعتبر بمثابة حلم جميل، فيما حالات الطوارئ هي عبارة عن كابوس مخيف. ولكن، بينما يعتبر دفع ثمن زيارة الطبيب أمراً صعباً للغاية، فإن اختيار طبيب ملائم يُعتبر أصعب، نظراً إلى وجود عدد ممرضين لا يتخطى الـ168 وعدد من الأطباء لا يتجاوز الـ15 طبيباً، بالإضافة إلى طبيب أسنان واحد.
ويعمل خمسة من بين هؤلاء الأطباء، وطبيب الأسنان في العيادة التي زارتها وايونيسيه وبوتيري، حيث تعمل مؤسسة "ألام سيهات ليستاري،" بجد على تركيز أشغالها منذ العام 2007، لتحسين حياة الانسان والبيئة المحيطة به.
وقد بدأت المؤسسة العمل على ذلك من خلال إنشاء عيادة توفر للقرويين خدمات رعاية صحية أكثر شمولية في المنطقة، مع حوافز لمنعهم من قطع الأشجار في الحديقة، إذ تقدم العيادة تخفيضات تصل إلى 70 في المائة على الرسوم الطبية، للقرى التي تتوقف عن قطع الأشجار، أملاً في أن يحث ذلك قاطعي الأشجار على التوقف.
وأيضاً.. أكثر من الكرنب لحمايتك من السرطان وأمراض العيون
أما المرضى غير القادرين على تحمل الرسوم الطبية، ما يدفعهم إلى عمليات قطع الأشجار غير المشروعة، فيمكنهم أيضاً أن يختاروا الدفع بخيارات غير نقدية مختلفة، مثل الدفع عبر النباتات أو العمل. كما تقوم المؤسسة أيضاً، بإعادة زراعة الغابات، وتدريب قاطعي الأشجار السابقين على الزراعة وإدارة الأعمال التجارية البديلة.
وقد ركزت المؤسسة في بداية مشروعها على الرعاية الصحية وتدريب المزارعين، في محاولة للحد من اعتماد السكان المحليين على قطع الأشجار بطريقة غير مشروعة. ثم في العام 2009، خصص مكتب الحديقة الوطنية 20 هكتاراً لمشروع المؤسسة في إعادة التحريج، وبحلول العام 2013، استطاعت "ألام سيهات ليستاري" إعادة تحريج حوالي 20 هكتاراً تقريباً، إلّا أن حريق وقع في الغابات، ما أتلف جميع الأشجار، ولم يتبق منها سوى نصف هكتار.
منذ ذلك الحين، استطاع فريق حفظ البيئة بإعادة زراعة 16 هكتاراً. وقد تطلب ذلك جهداً كبيراً وحوالي 121 ألف شتلة، ساهم بكثير منها مرضى العيادة. وتقول المؤسسة إنه منذ العام 2007، دفع ما يقارب 900 مريض رسومهم الطبية بالشتلات المحلية، التي تأتي معظمها من أشجار الفاكهة المزروعة في قراهم.
حقوق الطبع والنشر من العام 2015 لـ"The Welcome Trust". بعض الحقوق محفوظة.