کاملیا انتخابی فرد تكتب لـCNN: احتجاجات إيران تبدو مثل ثورة 1979 أكثر من انتفاضة 2009
هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
دخلت الاحتجاجات في إيران أسبوعها الثاني بمظاهرات متفرقة في شتى أنحاء البلد. بدون وجود قيادة أو حزب لدعم حشود المتظاهرين، كان الجميع يهتفون بشكل تلقائي شعارات تدعو لتغيير النظام، وكان رد فعل النظام الأول هو فرض عدم التجول ومنع وسائل التواصل الاجتماعي وملاحقة المتظاهرين.
وكررت الحكومة الإيرانية اتهامها لجهات خارجية بالتأثير على الداخل الإيراني، وخاصة من قبل الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل، سعياً منها إلى تبرير هذه الأحداث غير المسبوقة منذ ثورة 1979. وكشف الإيرانيون الوجه القمعي للنظام أمام العالم، مما سيترك وصمة عار في وجه النظام في المستقبل حتى لو لجأ إلى قمع المتظاهرين وأجبرهم على تقديم اعترافات زائفة لإثبات ادعاءاته، وهو أمر اشتهر به النظام الإيراني.
قد يهمك أيضا: انفوجرافيك.. عهد الشاه بإيران من الانقلاب إلى الوفاة بالمنفى
وفيما يتهم النظام الإيراني دولاً أجنبية بالتدخل ولعب دور في إشعال الانتفاضة، فإن هذه الاتهامات تجعل الجميع يرون مستوى الإحباط الذي وصل إليه النظام في محاولته لتبرير ما يحدث في شتى أنحاء البلد بدءاً من البلدات الصغيرة وصولاً إلى المدن الكبيرة بأنها مدفوعة من قوى أجنبية يسميها النظام قوى معادية.
هذا العدو الأسطوري خلقته في وقت سابق ثورة آية الله خميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، لبث الرعب وتبرير التقشف في بلد يعاني من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة بسبب أزمة الرهائن في ثمانينيات القرن العشرين.
هذا العدو الأسطوري كان يتمثل بدايةً في الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفيتي السابق وإسرائيل، واتسع مع الوقت ليشمل السعودية أيضاً. لكن هذه القائمة عادت وتقلصت فيما بعد لتبقى فيها الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن العلاقات الجيدة بين أمريكا والسعودية في عهد الرئيس ترامب وعدم وجود علاقات دبلوماسية بين إيران والسعودية عاد وضم المملكة إلى القائمة الأسطورية لأعداء طهران.
مؤيدو النظام الإيراني والموظفون لدى الدولة وطلاب المدارس فرِضت عليهم المشاركة في المظاهرات التي نظمها النظام لإظهار الدعم الشعبي له وبث الخوف في قلوب الناس العاديين. لكن الشعارات الحقيقية التي كان الشعب الإيراني يهتف بها في المظاهرات المناهضة للنظام في شتى أنحاء إيران كانت ضد أصدقاء النظام الإيراني في سوريا ولبنان وفلسطين.
الناس يعرفون أين وكيف ولأي سبب يقوم النظام الإيراني بإنفاق ثرواتهم وهم يشعرون بالغضب من ذلك، وحسب مصادري الخاصة في إيران فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اكتسب شعبية كبيرة بين الناس بسبب دعمه وتضامنه مع المتظاهرين، ولأن ممثلة أمريكا في الأمم المتحدة دعت إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع في إيران، والتي عُقدت يوم الجمعة. لم يصدر شيء هام عن اجتماع مجلس الأمن سوى لفت أنظار العالم إلى النظام القمعي في إيران الذي لا يسمح لملايين الناس بالتظاهر بشكل سلمي في المظاهرات وإسماع أصواتهم والتعبير عن غضبهم من الظروف الحالية التي لم تترك لإيران أي أصدقاء. عدد ضحايا المظاهرات وصل إلى 21 قتيلاً حسب التصريحات الرسمية، ووصل عدد المعتقلين إلى أكثر من 1500 شخص خلال أسبوع واحد. ومن المتوقع أن تشهد طهران موجة جديدة من المحاكمات الرسمية وإصدار الأحكام القاسية لتلقين باقي الشعب درساً جيداً وإجبارهم على الصمت.
بقي الإيرانيون صامتون في 2009 بعد الاحتجاجات الوطنية على نتائج الانتخابات المثيرة للجدل، والتي قمعها النظام الإيراني بوحشية. واستغرق الأمر 8 سنوات أخرى قبل أن ينتفض الشعب الإيراني بشكل تلقائي لإجبار النظام على الاستماع إلى مطالب الشعب وتصحيح صورة إيران على الصعيد العالمي وإنفاق ثروات البلد على الشعب بدلاً من تمويل التطرف الإقليمي. وفي المرة القادمة، سيكون الأمر أشبه بثورة 1979.